أرجع مختصون في علم اجتماع تنامي جرائم القتل في المجتمع الجزائري، إلى تعاطي المخدرات بالدرجة الأولى، التي تفشت بشكل ملفت للانتباه، رغم جهود مختلف المصالح للحد من استهلاك هذه السموم، وإحباط نشاط المروجين، ومع ذلك يقول المختص في علم اجتماع الجريمة، الأستاذ مراد سالي "لا نزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد، خاصة وأن تأثير المخدرات يجعل الفرد يفقد السيطرة على نفسه، ويقوده ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بشعة، مثل تلك التي وقعت في ولاية البليدة، مؤخرا، حيث تم حرق الضحية من أجل مبلغ زهيد"، معتبرا الأمر أعمق من ذلك "ما يتطلب تسطير سياسة جنائية وطنية لمحاربة الجريمة بشتى أنواعها، خاصة حينما يتعلق الأمر بالقتل". يعود ارتكاب الجرائم المختلفة، خاصة منها جرائم القتل، إلى عدة أسباب، غير أن السبب الرئيسي، وحسب بعض الأبحاث والدراسات الأولية، وفق ما أكد المختص في علم اجتماع الجريمة، الأستاذ مراد سالي، يعود إلى عامل المخدرات بالدرجة الأولى، خاصة ما تعلق منها بالمواد المهلوسة، التي أصبحت تشكل تهديدا كبيرا على الفئات الشابة، وبعض المواد الصيدلانية التي لم يتم تصنيفها على أنها مواد مخدرة، مشيرا إلى أن ما يواجه المجتمع الجزائري من متغيرات في السنوات الأخيرة، تدفع إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد أمام التسارع الكبير في بعض المعطيات، لا سيما ما تعلق منها بالتحولات التكنولوجية، التي جعلت من عنصر المؤثرات والمهلوسات سريع الانتشار بين الأوساط الشابة، وفي هذا الإطار، اقترح كمختص في علم اجتماع الجريمة "للحد من تنامي الجريمة، خاصة جريمة القتل، يجب وضع سياسة جنائية وطنية، تجند فيها كل مؤسسات الدولة، لاسيما ما تعلق منها بالمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام، لرفع الوعي حول الآثار السلبية لتعاطي المخدرات، ليس في جانبها الصحي الذي أصبح معروفا لدى الجميع، وإنما في الجانب العقابي والجزائي، لنشر نوع من الترويع والتخويف والردع حول ما ينتظر الجاني". وحول ما إذا كانت المنظومة القانونية كافية لردع الجريمة والمجرمين، أكد المختص أن النصوص القانونية موجودة، غير أن الإشكال في طريقة المتابعة والإجراءات المعمول بها، مردفا بقوله: نجد بأن الإجراءات المتخذة في التحقيق والبحث، تقود في بعض الأحيان إلى تسليط عقوبات مخففة، وهو ما يحفز على جرائم العود، بالتالي ما نحتاج إليه أمام تنامي جرائم القتل، حتى يكون مرتكبو جرائم القتل عبرة لغيرهم"، وأكد المختص في علم اجتماع الجريمة، على أهمية الصرامة في التعامل مع جرائم القتل، التي أصبحت ترتكب لأتفه الأسباب، مثلما حدث في ولاية البليدة، مؤخرا، عندما أقدم شاب على حرق شاب آخر بسبب مبلغ 2000 دينار، والسؤال المطروح، حسب المختص: "هل حقيقية هذا المبلغ مبرر لحرق شخص؟". من جملة الأسباب التي يرى الأستاذ سالي، أنها عززت جرائم القتل في المجتمع الجزائري، عنصر الغيرة والحقد التي تعمي بصر المجرمين، وهو ما يسمى بجرائم العاطفة التي تدفع بالبعض إلى ارتكاب الجرائم، وتكشف عن وجود اضطرابات نفسية عميقة ومرضية لدى البعض، لعدة أسباب، قد تكون اجتماعية أو اقتصادية، ما يتطلب، حسبه، ضبط سياسية جنائية وطنية للحد من جرائم القتل، خاصة وأن ناقوس الخطر دق منذ سنوات، وحان الوقت لتتحمل كل جهة مسؤولياتها، للحد من هذه الجرائم، وضرورة العودة إلى تفعيل القصاص، كونه السبيل الوحيد لوضع حد لجرائم القتل، خاصة أنه مطلب مجتمعي لمعاقبة كل من تسول له نفسه قتل إنسان.