الزبون "ملزم قانونا" بعدم التورط في أي شكل من أشكال المضاربة    نراهن على سياسة تنافسية, مع ضمان جودة الخدمات و بأفضل الاسعار    السهر على توفير كل التخصصات الطبية بالمصالح الطبية الإستشفائة    تأكيد على وجوب إتمام جميع الترتيبات المتعلقة بالتحضير للامتحانات    إشادة بالرؤية "الجديدة" لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بالذاكرة الوطنية    لا حل للقضية الصحراوية إلا في إطار الإلتزام باتفاق سنة 1991    استشهاد 6 فلسطينيين بينهم أطفال ونساء بقطاع غزة    12500 جريح ومريض في غزة بحاجة عاجلة إلى إجلاء طبي    هبوب رياح قوية على عدة ولايات ساحلية    سطيف : المجتمع المدني يقول " كفى" لآفة المخدرات    عطاف،يحدد مجالات التعاون ويتباحث في قضايا دولية واقليمية شائكة    الفنان المسرحي و السينمائي ميمون كواكي في ذمة الله    السيد مراد يبحث مع نظيره الايطالي التعاون الثنائي في عدة مجالات    معالجة الهجرة غير النظامية تتطلب رؤية شاملة ومندمجة    تعزيز التعاون القنصلي مع المملكة العربية السعودية    6 مؤسّسات جامعية وبحثية تحقّق انطلاقة اقتصادية مميزة    دفع التعاون الجزائري - الهندي في البريد والاتصالات    الإطاحة بشبكة إجرامية مختصة في ترويج المخدرات    المديرية العامة للضرائب تشهر الأسعار المرجعية للعقار    جثمان المقدّم جولم لخضر يوارى الثرى بمقبرة "أم القبور"    تسيير المصالح الطبية بنظام استشفائي متعدّد التخصّصات    كرة القدم/فيفا: "الاتحادية الجزائرية لها دور ريادي وتحفيزي "    كرة القدم/رابطة ابطال افريقيا: مولودية الجزائر تتلقى مراسلة من لجنة الانضباط للكاف    غرداية..دعوة لتنسيق الجهود بين كافة الشركاء لمكافحة الجراد الصحراوي    ميراث نضال وما أشبه الأمس بالراهن!    لا يمكن لمجرمي الحرب الصهاينة الإفلات من العقاب    الإطاحة بزوجين يحترفان النصب والاحتيال    حجز أزيد من 04 كلغ مخدرات    سطيف..انطلاق فعاليات الحملة الوطنية التحسيسية ضد الآفات الاجتماعية    تيارت..انطلاق قافلة طبية لفائدة سكان بلدية سيدي الحسني    لم أتجرع الإقصاء لأننا كنا الأفضل أمام أورلاندو بيراتس    لا أمن قومي ولا امتداد عالمي دون رؤية ثقافية    متحف خاص يؤرخ للفن والتراث بتندوف    البيض.. الطريقة الشيخية الشاذلية تدعو إلى تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز اللحمة الوطنية    صادي يوجه رسالة قوية للأندية الجزائرية    نقطة الأمل لتفادي السقوط    عطاف يشارك بأنطاليا في مراسم افتتاح الطبعة الرابعة لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي    البوليساريو "على الشعب الصحراوي التحلي باليقظة لمواجهة سياسات الإحتلال المغربي"    مقررة أممية تطالب دول العالم بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني وإلزامه بوقف عدوانه على غزة    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم ال75 على التوالي    الرابطة الأولى موبيليس - الجولة 22: تأجيل لقاء شباب قسنطينة-مولودية وهران إلى تاريخ لاحق    رقمنة: البنك الوطني للإسكان يعتزم التزود بنظام معلومات بنكي جديد    وزير الصحة يشرف على اجتماع لمتابعة مشاريع المستشفيات الجديدة ويؤكد على نظام استشفائي متعدد التخصصات    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    سايحي يدعو الى تسيير المصالح الطبية بالمستشفيات الجديدة بنظام إستشفائي ضمن شبكة متعددة التخصصات    مشكل عويص يؤرق الأمهات    سيارات: فيات الجزائر تعتمد جملة من الاجراءات لمكافحة المضاربة    المهرجان الثقافي الدولي للشعر العربي الكلاسيكي: مشاركة مرتقبة لأكثر من 40 شاعرا وشاعرة    سطيف: الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة بداية من الأحد المقبل    صادي يُجدّد الحرص على مرافقة الأندية    هذا آخر أجل لمغادرة المعتمرين    عرض جوانب خفية من أعظم ثورة    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    لقاء علمي حول حفظ وصيانة المخطوطات    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    الجزائر محمية باللّه    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مسيرة الإصلاح والمصالحة والتنمية
الدولة لم تتخل عن المواطن
نشر في المساء يوم 19 - 01 - 2008

تساؤلات كثيرة أثيرت في المدة الأخيرة حول الوضع الاجتماعي في البلاد والتأثيرات الناجمة عن التغيرات الحاصلة في الأسواق العالمية، وككل مرة يشار إلى مسؤولية السلطات العمومية حول ما آل إليه الوضع، وهل حقيقة قصّرت الحكومة في معالجة أزمة غلاء المعيشة؟ أم ان الامر لا يعدو كونه سوى نتاج حالة ظرفية أملتها أزمة اقتصادية عالمية؟···
لم تشهد الساحة الوطنية من قبل حديثا عن الجبهة الاجتماعية بالحجم الذي تعرفه اليوم وبالضبط منذ الصائفة الماضية عند بروز ما عرف اختصارا ب "أزمة البطاطا"، وحوّلت الأنظار حينها الى ضعف القدرة الشرائية وليشس لإثارة "الدخول الاجتماعي الساخن"، الذي دأبت بعض الأوساط التنبؤ به كلما كانت البلاد على مشارف الدخول المدرسي والجامعي وسلطت كل الأضواء على هذه المادة الاستهلاكية التي اخذت صفة "ملكة المائدة" بدون منازع، وتوبعت هذه الأزمة بإشاعات لم تقتصر على الجانب الاجتماعي بل مست حتى الجانب السياسي·
ولم تتوقف الأزمة الاجتماعية عند "البطاطا" ولكن امتدت لتشمل جميع المواد ذات الاستهلاك الواسع منها الخبز والحليب والسميد، وصاحب الارتفاع الجنوني لأسعار هذه المواد تحرك بعض النقابات المسماة المستقلة للمطالبة برفع أجور العمال واحتواء هذا الوضع، وذهبوا أكثر من ذلك من خلال سلوكهم أسلوب التهديد بشل القطاعات المصنفة في إطار قطاع الوظيف العمومي·
هذا الواقع لم يكن في الأصل وليد حالة "مبرمج" لها من طرف أية جهة كانت سواء حكومية أو خارجها بل كانت نتاج وضع عالمي لم تكن الجزائر في منأى عنه، حالها حال جميع دول العالم وخاصة التي تعتمد اقتصادياتها على "الذهب الأسود"، وعرفت الجزائر كما دول الخليج أزمة في "المواد الاستهلاكية" الشيء الذي أملى على حكوماتها اتخاذ إجراءات استعجاليه لاحتوائها·
وبالنسبة للجزائر فإنها لم تتخلف عن معالجة الوضع وبدأت في وضع تدابير للتحكم في أسعار مادة البطاطا وقامت شهر أوت الماضي بإلغاء الرسوم الجمركية على استيراد هذه المادة لفترة ثلاثة أشهر، وسارعت خلال عقد جلسات مارطونية إلى اتخاذ إجراءات للتقليل من معاناة المواطنين وجعل الزيادات المقررة في أجور العمال ايجابية وتساهم فعلا في رفع القدرة الشرائية·
وواصلت الحكومة مع تواصل إرهاصات أزمة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية جهودها وقررت تخصيص 157 مليار دينار خلال للسنة الجارية لدعم مواد القمح اللين والصلب والزيت والحليب· وجاءت كل هذه الإجراءات بهدف تخفيف الأعباء اليومية وتحسين معيشة المواطن بعدما قلل البعض من أهمية الزيادات الأخيرة في الأجور على أساس أن لا تتماشى والتحولات التي عرفها السوق·
والمؤكد أن اهتمام الدولة المتواصل بالشق الاجتماعي يأتي في سياق رؤية وطنية شاملة ترتكز على الاستمرارية في تطبيق سياسة التضامن الوطني رغم التوجهات الجديدة للاقتصاد الوطني المنصبة أساسا حول تحرير السوق، ففي الميزانية العامة للبلاد حافظت الحكومة على التوجهات الخاصة بالتحويلات الاجتماعية، حيث انتقلت ميزانيتها من 612 مليار دينار في 2006 إلى 740 مليار دينار في 2007 لتصل في 2008 إلى 816 مليار دينار·
وبناء على هذه الأرقام فإن الجزائر تعد الدولة الوحيدة في العالم التي خصصت 8.7 بالمئة من ميزانيتها للتحويلات الاجتماعية، وقدرت هيئات مالية أجنبية المبلغ الإجمالي لهذه التحويلات من 2000 إلى 2006 ب25 مليار دولار·
ولكن يتضح ضمن هذا المنظور أن المشاكل الاجتماعية التي يشتكي منها المواطن يوميا وبغض النظر عن نجاح سياسات الحكومة من عدمها تغذيها أساسا ثقافة الإتكالية التي استولت على التفكير الشعبي إلى درجة ان "تَرِكَة" زمن الاشتراكية لم يتم التخلص منها كلية، كما غذى هذا الوضع "عديمي الضمير" من المضاربين وممتهني الربح السريع·
والمؤكد أن الملف الاجتماعي لا يمكن في أي حال من الأحوال فصله عن الجانب الاقتصادي فالكل يتفق على أن الواقع المعيشي للمواطن مرتبط بواقع الاقتصاد الوطني العالمي، فقد تزامن إقرار الحكومة العام الماضي لزيادات في الأجور ثم اعتماد الشبكة الجديدة الخاصة بالوظيف العمومي مع أزمة دولية مست جميع القطاعات وأوصلت في سابقة سعر برميل النفط إلى 100 دولار، وأدخل هذا الوضع اقتصاديات الدول بما فيها المتقدمة إلى "غرفة الإنعاش" بما في ذلك اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، باستثناء الاقتصاديان الصيني والهندي اللذين مازال برقمين بالنسبة للأول وقريب من الرقمين بالنسبة للثاني·
البعد العالمي للأزمة وان لا يمكن اعتباره مبررا للوضع الاجتماعي العام في البلاد إلا أن ما يجب الإشارة إليه هو أن دور الدولة في ظل اقتصاد السوق يرتكز خصوصا على دور المنظم، ورغم ذلك فإن السياسية الاجتماعية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم تتخل على الطابع التضامني، ولوحظ أن الشغل حقق تقدما إيجابيا مع عودة الاستثمار وتطور الأجهزة العمومية لترقية الشغل·
وفي هذا السياق تمت ترقية النشاطات المدرة للمداخيل التي باشرها قطاع التضامن الوطني ومكنت من خلق 810 489 منصب شغل سنة 2006 وسمح القرض المصغر بتوفير 325 38 منصب شغل في ظرف سنتين في حين سجلت نسبة البطالة توجها نحو الانخفاض حيث قدرت ب 3ر12 بالمئة سنة 2006 ·
وركزت الإجراءات المتخذة في مجال التنمية وتأطير الشغل على إنشاء المرصد الوطني للشغل ومكافحة الفقر وإنشاء الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر وإنشاء صندوق ضمان الأخطار الناجمة عن القروض المصغرة وكذا إنشاء المديرية الولائية للشغل·
ولم تتخل الدولة أيضا ضمن هذه السياسة على المساعدات الاجتماعية للفئات المحرومة، وقدر عدد المستفيدين من برامج المنحة الجزافية للتضامن وتعويض نشاط المنفعة العامة ب 823460 شخصا خلال سنة 2006 · وواصلت الحكومة مساعدة المعاقين والطفولة المسعفة وخصصت مبلغ 4ر5 مليار دينار لتغطية 159866 معاقا بنسبة 100 بالمئة·
وشمل برنامج المساعدة أيضا تكفل الضمان الاجتماعي بالاستفادة المجانية من وسائل النقل البرية والسكك الحديدية، وتم تعزيز جهاز الشبكة الاجتماعية عبر تقديم منح وتعويضات للأشخاص المسنين وكذا الأشخاص الذين يعيشون لوحدهم بدون دخل·
ومهما يكن من أمر فإن القول بتخلي الدولة عن الجانب الاجتماعي وتحميلها مسؤولية تدهور الوضع المعيشي للمواطن كلام مبالغ فيه بالنظر إلى المعطيات الميدانية التي تمت الإشارة إليها، فهي لم تستسلم للوضع بل قابلته بتدابير مكنت إلى حد ما من احتواء الأزمة، وكلما ظهرت الحاجة إلى إجراءات إضافية في ظل الحديث عن امكانية استمرار حالة الاقتصاد العالمي على ما هو عليه اليوم تم التعامل مع الوضع على النحو الذي يقلل من أثاره السلبية على الحياة اليومية للمواطن والدليل على ذلك الذهاب بعيدا في دعم المواد ذات الاستهلاك الواسع وتسقيف سعر المواد الاستهلاكية والتمسك بخيار الدعم الفلاحي·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.