تعيش مصر منذ فترة توترا اجتماعيا على خلفية غلاء المعيشة عكسته الاحتجاجات والإضرابات المتتالية التي تنظمها مختلف القطاعات. وفي مؤشر على هذا التوتر الاجتماعي، قتل أربعة أشخاص في القاهرة خلال الأسبوع المنصرم بسبب أزمة خبز. وبدأ الغضب الشعبي يتفاقم في مصر مع بداية العام الحالي بعد ارتفاع أسعار السلع الأساسية، حيث ضاعف عمال النسيج وحتى الأطباء في المستشفيات الحكومية وأساتذة الجامعات حركات الاحتجاج تحت شعارات تدور كلها حول "غلاء المعيشة" و"زيادة الرواتب". ويشهد هذا البلد الذي يفوق عدد سكانه ال 70 مليون نسمة موجة غلاء جديدة لأسباب داخلية أو بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة. ووفقا للأرقام الرسمية فإن أسعار المواد الغذائية قفزت بصورة ملحوظة كما حدث مع الخبز غير المدعم الذي ارتفع بنسبة 26.5 % في ظرف عام. كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 20 % والزيت بنسبة 40 %. ونشرت الصحف المصرية مؤخرا قائمة بسلع غذائية أساسية ارتفعت أسعار بعضها بنسبة 122 % من فبراير 2007 إلى فبراير 2008.. وفي هذا الإطار أكد برنامج الغذاء العالمي مطلع مارس الجاري أن مصاريف الأسرة المتوسطة المصرية ازدادت بنسبة 50 % منذ بداية 2008. وتؤكد الحكومة أن هذا الغلاء ناجم عن ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية مثل سعر القمح الذي تعتبر مصر أكبر مستورد له على مستوى العالم. ولكن المعارضة ترى أن السياسة الليبرالية التي ينتهجها نظام الرئيس حسني مبارك هي السبب الرئيسي في هذا الوضع، وأنها تؤدي إلى مزيد من الإثراء للأثرياء ومزيد من الإفقار للفقراء. وفي سبتمبر الماضي، أكد البنك الدولي أن معدل النمو في مصر تجاوز ال 7 % سنويا ولكنه أكد أن الفقر يتزايد منذ العام 2000. وطبقا للبنك الدولي فإن 20 % من ال 78 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر "2 دولار يوميا" و20 % منهم يعيشون بالكاد فوق خط الفقر ويعد 3.8 % في حالة فقر مدقع. ويؤكد برنامج الغذاء العالمي أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية لم يقابله زيادة في الرواتب، وهو ما جعل المواطن يجد صعوبة كبيرة في تدبر احتياجاتهم المعيشية. ويتوقع محمود العسقلاني الناطق باسم حركة "مواطنون ضد الغلاء" التي تم تشكيلها مؤخرا أن البلاد تتجه نحو انفجار أكبر من ذلك الذي شهدته عام 1977 عندما اندلعت "انتفاضة الخبز" بعد إعلان الحكومة رفع أسعار الخبز وأوقعت تلك الأحداث 70 قتيلا قبل أن تتراجع الحكومة عن قرارها. ويذكر أن الحكومة تتفاوض حاليا مع "اتحاد عمال مصر للاتفاق على حد أدنى جديد للأجور. ويطالب الاتحاد برفع الحد الأدنى للأجور من 600 جنيه إلى 800 جنيه "أقل قليلا من 150 دولار".. ويتزامن التوتر الاجتماعي مع تزايد حالة الاحتقان بين الحكومة والمعارضة وخاصة جماعة الإخوان المسلمين مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية..