أكدت زبيدة أقروفة، دكتورة في الفقه والأصول، في مداخلتها حول الآليات العلاجية ضد الطلاق خلال ندوة علمية نظمها المجلس الإسلامي الأعلى مؤخرا بعنوان: "ظاهرة الطلاق في الجزائر"، أن علاج هذه الظاهرة يتم من خلال آليتين متكاملتين؛ إحداهما وقائية، والأخرى علاجية، مشيرة الى أن ذلك يجمع بين الآليات الشرعية والقانونية على السواء، والتي من شأنها الحد من الطلاق، وضمان استقرار الأسرة، التي هي واحدة من أهم مقاصد الشرع، ومطلب فطري إنساني، وموضحة أن الأرقام التي يتم تسجيلها حول فك الميثاق الغليظ، تنذر بالخطر على المجتمع، خصوصا بعد أن تنوعت صيغه بين "الطلاق" و«التطليق" و«الخلع". أوضح المتحدث أن الزواج هو واحد من أهم مشاريع الحياة، ولا بد من النظر إليه كالنظر إلى مشروع تجاري أو مشروع أعمال؛ لا بد من التخطيط الجيد له بانطلاقة مهمة جدا، وهي حسن اختيار شريك مشروع الحياة. ولا بد من البحث في تفاصيل ذلك المشروع. وأكدت أنها أولى الآليات التي لا بد من التركيز عليها؛ باعتبارها آلية وقائية باختيار المرأة للرجل المناسب لها وفق آمالها ورغباتها، يتوافق وينسجم مع أفكارها، وأخلاقها وغيرها من التفاصيل. كما على الرجل البحث عن الزوجة التي يريدها وفقا لتوقعاته، موضحة أن واحدا من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج، محاولة أحد الطرفين تغيير الطرف الآخر بعد الزواج، ليقع حينها التصادم بين الأفكار، ونشوب مشاكل كان من الممكن تفاديها من الأساس. وأشارت دكتورة الفقه والأصول إلى أن الآلية الثانية التي لا بد من التركيز عليها، هي آلية التأهيل والإرشاد الأسري، مشيرة الى بعض التجارب الأجنبية التي نجحت في خفض نسبة الطلاق في المجتمع، والتي أرجعت فضلها الى تلك الأقسام التأهيلية التي لا بد أن يلتحق بها المقبلون على الزواج لتحديد مدى قابليتهم لتكوين أسرة، وضمان استقرارها، على غرار التجربة الماليزية الناجحة التي ساهمت في فترة 10 سنوات، في خفض ما نسبته أكثر من 20 ٪ من نسبة الزواج وسط الشباب. وقالت إن تلك الدورات لا بد أن تكون مؤطَّرة من طرف نخبة من الأخصائيين، وعلماء الاجتماع، والنفس، والشريعة الإسلامية، وحتى الاقتصاد، لحسن إدارة وتسيير أموال الأسرة، يقدمون دروسا ودورات دعم وتكوين للمقبلين على الزواج، للحصول على معارف، وتحصيل زاد لبناء أسرة متينة. ويُختتم التكوين بامتحان في تلك الثقافة؛ حتى يكون مؤهلا للزواج، أو منعه في حالة الفشل الى حين استدراك ذلك الفشل، وتقديم حينها شهادة استيفاء الشروط، التي تُدرج في ملف الزواج، مثلها مثل الفحص الطبي مثلا. ونبهت المختصة الى أنه وفق التقرير الصادر عن هيئة الأممالمتحدة سنة 1975 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فقد تم تأكيد أن الأسرة بمعناها الإنساني المتحضر، لم يعد لها وجود إلا في المجتمعات الإسلامية. وقالت إن هذا دليل على أن الأمة الإسلامية في حقيقة الأمر، لها حلول لمشكل الطلاق. ويمكن من خلال النصوص الشرعية إعادة بناء مجتمع سليم بعيدا عن تلك التصدعات التي تشهدها الأسرة الغربية بكثرة، وبعيدا عن تلك الأفكار الجديدة، والصور النمطية الحديثة لمفهوم الأسرة الذي يتنافى مع الفطرة الإنسانية. وقالت الدكتورة: "إن أسرنا اليوم تعيش وضعية تؤرق العقول قبل العيون، وتوقظ المضاجع، وتسبب تزايد حالات الفرقة الزوجية بطرقها الثلاثة، ما يستلزم النفير العام بغية استدراك الوضع قبل استفحاله بصورة أشد، من خلال حماية الزواج من الاختراقات الخارجية والاختلالات الداخلية". وأوضحت أن ما نسبته 33 ٪ من الزواج في الجزائر، انتهى بالطلاق خلال سنة 2024، أي ما يقارب 87600 حالة طلاق، بحوالي 240 حالة طلاق يوميا، موضحة أن هذا الرقم ليس جديدا، لكن كلما يتم ذكره تقشعر له الأبدان، ويحيل على مشكل حقيقي في البنية المجتمعية عامة، والأسرية بشكل خاص. كما أشارت المختصة في الاستشارات الأسرية، إلى أنها تُعد برامج لدعم الوالدين. وترافق الزوجين بالتوجيه والإرشاد لإنجاح الحياة الزوجية، ما يعتري مسار الحياة المشتركة من عثرات وخلافات حول تربية الأطفال، والإدارة المالية، والتخطيط للعائلة، وحدود التعامل مع الأقارب، وزيادة الوعي بالصحة النفسية، والمرونة في التعامل مع الضغوط وغيرها، لتسهيل تلك الشراكة في الحياة.