إقترح ثلة من المشايخ والحقوقيين والخبراء والبرلمانيين خلال ملتقى وطني حول تفشي الطلاق والخلع بضرورة التوجه لتكوين المقبلين على الزواج وتأهيلهم قبل الارتباط، من خلال سن قوانين لإدراج شهادة التأهيل الأسري في ملفات الزواج بهدف الحد من الطلاق الذي تحول إلى كابوس ومعول هدم للأسر الجزائرية. رحب أبو عبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بفكرة اشتراط شهادة تكوين في الحياة الزوجية للجزائريين المقبلين على تأسيس أسرة، كما هو الحال في ماليزيا، وبعض البلدان الأوربية، وقال إن ظاهرة الخلع ورغم أن لها خلفيات متعددة، إلا أنها تعطي صورة لما تتعرض له المرأة من عنف سواء من طرف الزوج أو أهله. من جهته، أكد عضو مجلس الأمة، قريشي عبد الكريم، مقرر لجنة الشؤون الدينية، التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، أن التكوين قبل الزواج، مشروع وارد وسيطرح الفكرة أمام أعضاء الغرفة العليا، معلقا بالقول" كيف يمنع أن تقاد السيارة بدون رخصة، ويسمح أن تفتح أسرة وهي النواة الأولى للمجتمع من طرف زوجين دون تكوين وتأهيل؟!..لا زواج إلا برخصة!". ودافع عبد الكريم قريشي، خلال ندوة نظمها المجلس الإسلامي الأعلى بعنوان"ظاهرة الخلع والطلاق في الجزائر"، عن حقوق المرأة مطالبا بتطبيق قانون المملكة المغربية، القاضي بدفع مبلغ مالي للزوجة قبل النطق بالطلاق، موضحا أن هذا الحل أسلم من صندوق النفقة، وهو وسيلة أيضا للضغط على الزوج وجعله يراجع عن قرار الطلاق، وأوضح أنه في المغرب تستفيد المرأة من مبلغ محدد يضعه الزوج المقبل على تطليقها أمام قاضي شؤون الأسرة قبل نطقه بالحكم. في السياق، قالت زوبيدة اقروفة، حقوقية وأستاذة محاضرة في جامعة بجاية، إن رخصة الزواج عن طريق التأهيل الأسري والتكوين والتدريب للشباب المقبلين على تأسيس أسرة، أصبحت ضرورية في ظل الظروف والمتغيرات العصرية التي أفرزت جملة من الهموم والعواصف والزلازل، موضحة أن بقاء المرأة اليوم خارج البيت، بحكم عملها، والتخلي عن الأسرة الكبيرة، جعلها لا تملك خبرة تسيير الحياة الزوجية وتفتقر للكثير من التجارب، وهو ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الطلاق والخلع في الجزائر مؤخرا. وانتقدت الأستاذة اقروفة، جلسات الصلح والتي أفرغت حسبها من محتواها، حيث يقوم القاضي في شؤون الأسرة بالمرور عليها مرغما وبطريقة آلية، وقد أيدت فكرة دفع مبلغ للزوجة قبل النطق بالطلاق. وترى أن الدورات التكوينية للشاب والشابة المقبلين على الزواج، وإخضاعهما لامتحان خاص، يعري عن العيوب التي قد تمنعهما من الزواج، وتتعلق بجوانب نفسية وعقلية وجنسية، وقالت "إن اليوم من هب ودب يتزوج". وأشادت بتأهيل المقبلين على الزواج في ماليزيا، مؤكدة أنها أتت ثمارها من خلال تراجع نسبة الطلاق في هذا البلد، داعية إلى تشكيل لجان للنظر في الشكوى التي تودعها الزوجة الراغبة في الخلع، وأن تدرس كل الجوانب وتطرح اقتراحات أعضاء اللجنة في عملية الصلح. وكشفت أستاذة علم الاجتماع في جامعة معسكر، زهرة جير، عن نتائج دراسة قامت بها في مجلس قضاء ذات الولاية، من خلال حضورها جلسات الصلح منذ 2015 إلى غاية 25 فيفري الماضي، حيث تبين أن حوالي 20 امرأة تطلب الخلع في الأسبوع، وأن الطلاق يكون في الغالب نتيجة لزواج فتيات لا يملكن خبرة في الحياة، وأيدت بدورها فكرة التكوين ومنح رخص قبل فتح أسرة في الجزائر.