مرت أمس ثمان سنوات يوما بيوم على الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على أفغانستان بحجة القضاء على تنظيم القاعدة وحركة طالبان من دون أن تحقق أيا من الأهداف المسطرة، بل لا يزال البحث مستمرا عن انتصار يحفظ ماء وجه القوات الأمريكية التي وجدت نفسها غارقة في مستنقع أفغاني شبيه بالمستنقع العراقي إن لم يكن أكثر خطورة. فواشنطن التي غزت أفغانستان تحت شعار مكافحة الإرهاب لم تتمكن وبعد مرور كل هذه المدة من إيجاد مخرج مشرف لقواتها من المستنقع الأفغاني وعلى عكس كل التوقعات استقبلت الذكرى بسقوط المزيد من القتلى في صفوف قواتها المنتشرة في هذا البلد المتوتر. وأكثر من ذلك فإن هذه المدة لم تكن كافية للقضاء لا على تنظيم القاعدة ولا على حركة طالبان التي أطيح بنظامها عام 2001 على يد قوات التحالف الدولي والتي تمكنت في السنوات الأخيرة من إعادة تنظيم صفوفها وعادت لتضرب بقوة من خلال تنفيذها عمليات انتحارية وتفجيرات أربكت اكبر ترسانة عسكرية دولية ووضعتها أمام شبح الانهزام. وهو أمر حذر منه كبار القادة العسكريين لقوات حلف الناتو في أفغانستان والذين طالبوا بضرورة إرسال المزيد من القوات لاحتواء خطر حركة طالبان الذي امتد إلى الدول المجاورة وفي مقدمتها باكستان. وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى ارتفاع حصيلة قتلى الجنود الأمريكيين والأجانب في الأشهر الأخيرة في هذا البلد الذي تشابكت خيوطه وتعقدت أوضاعه وأكدت هذه الإحصائيات أن عدد هؤلاء القتلى فاق حتى عددهم في العراق الجبهة الأخرى للولايات المتحدة فيما تسميه بالحرب على الإرهاب. وإذا كان هذا هو حال الميدان الذي تحاول فيه القوات الأمريكية بمساعدة قوات التحالف الدولي بسط نفوذها على المناطق التي تخضع لسيطرة طالبان حتى بعد مرور أعوام طويلة من بدء الحرب وإعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الانتصار والقضاء على طالبان، فإن الأمر لا يختلف كثيرا في أروقة السياسة الأمريكية التي شهدت في الفترة الأخيرة جدلا حادا وانقساما حول استراتيجية الحرب الجديدة في أفغانستان. فرغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن أن أفغانستان ستكون إلى جانب باكستان في مقدمة أولوياته فإنه لم يتمكن إلى غاية الآن من حسم أمره بخصوص إرسال المزيد من القوات أو لا وهو ما يؤكد حالة التردد التي تميز الإدارة الأمريكية. ويرى متتبعون انه رغم عدم الكشف الكلي عن الاستراتيجية الجديدة في أفغانستان فإن مسألة زيادة عدد القوات الأميركية في هذا البلد لن يكون الجزء الأهم فيها ويرجح هؤلاء أن يكون الحوار مع طالبان أو ما يسمى بمعتدلي الحركة وربما مشاركة هؤلاء في السلطة هو النقطة الأهم في هذه الاستراتيجية. وهو ما يطرح التساؤل إن كانت السياسة قادرة على انجاز ما عجزت عنه الحرب خاصة وان ثماني سنوات من عمليات عسكرية راح ضحيتها عديد الضحايا المدنيين مضت ولا يزال البحث عن انتصار يحفظ ماء وجه واشنطن في أفغانستان من دون جدوى.