تعد الاضطرابات النفسية مسألة صحية خطيرة ومكلفة، تصيب الأشخاص من كل الفئات العمرية ومختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في العالم أجمع. وتشير أرقام المختصين بمجتمعنا إلى أن 10 ? من الجزائريين يعانون من مشاكل نفسية وان الظاهرة في تزايد مضطرد، فيما تعد المشاكل السوسيواقتصادية أهم دافع للإصابة باضطراب نفسي قد يؤدي بالفرد إلى وضع حد لحياته. يشير البرنامج الوطني للصحة النفسية الممتد ما بين 2006 و2009 والذي وضعته وزارة الصحة، إلى أن 10 ? من الجزائريين بحاجة إلى الرعاية النفسية، وأن الفئة الأكثر عرضة لمشاكل الأمراض النفسية والعصبية هي الشريحة العمرية الأقل من 40 سنة من الجنسين، أي من الشباب المحبط الذي عجز عن التأقلم وإثبات ذاته. ويرى المختصون الجزائريون، أن مشاكل الأمراض النفسية والعقلية في تزايد ببلادنا؛ إذ تشير الأرقام التي وردت في بيان البرنامج الوطني للصحة العقلية عن إحصاء 150 ألف جزائري يعانون من مرض انفصام الشخصية، وأن الهوس يقف على رأس المشاكل العقلية التي يعاني منها الجزائريون ب 13.480حالة، وهو ما نسبته 24.51 بالمائة، يليه الصرع ب 10.052 حالة اي بنسبة 21.38 بالمائة، ثم الاكتئاب ب 1.560 حالة ونسبته 6.76 بالمائة، ثم الاضطراب العصبي ب 785 حالة أي بنسبة 2.86 بالمائة. من جهة أخرى، أشار تقرير صحي أشرف عليه مختصون في الطب النفسي بالجزائر، إلى أن أغلب المنتحرين نشأوا في محيط عائلي مضطرب وأن 15 بالمائة منهم عانوا من انهيارات عصبية خلال العشرية الأخيرة. كما أكد بأن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تدهور الصحة النفسية للشباب الجزائري وعلى رأس المشاكل البطالة وتردي القدرة الشرائية، مما سبب الإحباط ل 12 بالمائة من المنتحرين الذين عانوا من مشاكل اجتماعية. كما أظهر تقرير للدرك الوطني، بأن أغلبية المنتحرين يعانون من اختلالات عقلية، في حين كان الدافع الذي جمع أغلبهم هو اليأس والإحباط الذي تمكن منهم في ظل تداعي حالتهم الاجتماعية والاقتصادية التي شهدت تدهورا كبيرا في السنوات الأخيرة، مما جعل أرباب الأسر والشباب عرضة للانهيارات العصبية، اليأس والإحباط. 450 مليون مريض نفسيا في العالم ويعد الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، فرصة لإذكاء الوعي العام بقضايا الصحة النفسية، وإجراء مناقشات أكثر انفتاحاً بشأن الأمراض النفسية ولتوظيف الاستثمارات في الخدمات ووسائل الوقاية. وتعد الاضطرابات النفسية والعصبية والسلوكية من المشاكل الشائعة في جميع بلدان العالم. ويتعرض أولئك الذين يعانون اضطرابات نفسية للعزل الاجتماعي وظروف العيش المتدنية. ويأتي موضوع هذه السنة "الصحة النفسية في الرعاية الأولية: تعزيز العلاج والصحة النفسية"، كحاجة مستمرة لجعل مسائل الصحة النفسية أولوية عالمية، كما يشدد على الواقع الذي طال إهماله وهو أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة الإجمالية والرفاهية لكل فرد. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 450 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض نفسي يمكن تشخيصه مبكرا وإعطاؤه العلاج والدعم الملائمين، غير أن اقل من نصف هؤلاء يمكنهم الاستفادة من التشخيص والعلاج المبكرين للعلاج النفسي فيما لا تنال الأغلبية شيئا من العلاج. ويعتبر الاضطراب والقلق والإحباط الكبير والاضطراب ثنائي القطب والانفصام من الأسباب الأساسية لسوء الأداء في العمل والتمزق العائلي، خاصة إذا لم تشخص هذه الحالات ولم تعالج كما يجب، كما أنها تساهم بصورة هامة في العبء الإجمالي للمرض. عبء مرضي واقتصادي كبير وعلى عكس الشائع، فإن الاضطرابات النفسية ليست مرضاً نادراً، إذ أن عائلة من كل أربع عائلات بها فرد واحد على الأقل مصاب باضطراب نفسي أو سلوكي، وأن واحداً من كل أربعة أفراد معرض للإصابة باضطراب نفسي في مرحلة ما من مراحل حياته. ويزيد احتمال التعرض للإصابة بالاضطرابات النفسية في الدول النامية بشكل ملحوظ، بسبب زيادة عدد السكان وخاصة صغار السن، وهي الفئة الأكثر تعرضاً للاضطرابات النفسية والسلوكية، وهناك أيضاً انتشار الفقر وما يصاحبه من البطالة وضعف مستوى التعليم والحرمان، وقد ُوجد أن الفقر يزيد من احتمال الإصابة بالاضطرابات النفسية إلى الضعف. وتتسبب الاضطرابات النفسية، إلى جانب الآلام والمعاناة التي يتعرض لها المصابون بها، في عبء مرضي واقتصادي كبير على المجتمع.. ففي عام2001 كانت الاضطرابات السلوكية تمثل 12 ? من الأعباء العالمية للأمراض،. وهذه النسبة مرشحة للزيادة، حيث من المتوقع أن يصل العبء المرضي للاضطرابات السلوكية إلى 15 ? بحلول عام 2020. أما عن العبء الاقتصادي، فيتمثل أولاً في عبء مباشر في صورة الإنفاق على تكاليف الرعاية والعلاج وتقديم الخدمة الطبية، وثانياُ في عبء أكبر غير مباشر يتمثل في فقدان العمل وانخفاض الإنتاجية ليس فقط من جانب المريض وإنما من جانب أفراد أسرته أو القائمين على رعايته. وتشير التقديرات إلى أن الدول المتقدمة يبلغ فيها العبء غير المباشر من اثنين إلى ستة أضعاف العبء المباشر، أي أن تكلفة عدم علاج المرض النفسي تفوق بكثير تكلفة علاجه. ومن المرجح أن تزيد هذه النسبة في البلاد النامية.