عاش الجزائريون، بقلب خافق معلّق بالخالق كثير الدعاء، تفاصيلَ الساعات الأولى لسريان اتفاق وقف النار والإبادة بغزة. حيث ضجّت البيوت ومواقع التواصل الاجتماعي ، " بالحمد" بعد أيام وليال عصيبة، بل سنتين من الدماء والقتل والجوع، فيها من هجره النوم، وآخر أصبح يرى أنّ وضع لقمة خبز في فمه جريمة وإخوته جِياع، في حين لم يضع آخرون أكفهم عن الدعاء للنصر والنجاة من يد الظلم والقهر الصهيوني الذي أتى على غزة كاملة، ليتركها كالهشيم وسط صراخ العزّل والأبرياء والصبية... الأمل عاد للقلوب؛ حيث شهد العالم بأسره فرحة بوقف النار لا سيما الأحرار، مع فرحة الصغار الذين أرسلوا فيديوهات وأغاني تحمل كل معاني الحب للجزائر، التي يدمع لها القلب فرحة وسعادة. لم يخلف الجزائريون يوما من أيام الحرب العصيبة والعدوان على غزة التي قدّم أهلها 67 ألف فلسطيني خلال سنتين من الإبادة، منهم شباب ورضّع ونساء وأطفال وشيوخ، وعدد كبير من الأيتام؛ حيث أصبحت مدينة الأيتام الأولى في العالم. فالإعلام كان ولايزال حاضرا بقوّة لنقل الأخبار، وكذلك على المستوى الشخصي من خلال المواقع رغم القيود التي فُرضت على أصحاب الصفحات أو الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي كلّها. حيث فقدت الصفحات خاصية التواصل والمشاهدة، وشُتت الأصدقاء، إلّا أنّ ذلك لم يكبح ألسنة الحق عن النشر، وإظهار صور الظلم والدمار الذي حلّ بشعب أعزل، كما نقلت صور الإبادة والتهجير. وتقاسم الجزائريون أيضا فرحة وقف النار الفوري والإبادة، من خلال الصور والفيديوهات التي ترجمت فرحة النصر، وحتى الاتصالات الهاتفية بين أفراد الأسرة؛ لزفّ الخبر السعيد الذي طال انتظاره لنقل صورة الفرحة هناك بغزة. أطفال يغنون، وكبار يكبّرون ... عائلات ومهجرون يعودون أفواجا إلى البيوت على وقع التكبير والتهليل والتحميد، إلى جانب صور للقاء الأشقاء بعد أن ظنّ الواحد أنّ الآخر مات؛ حيث شهد العالم صورا للقاء بالفرحة الممزوجة بالدموع. كما سجّل فيديو لقاء أم بأبنائها بالصدفة بعد سنة ونصف سنة من الفراق، نسبة مشاهدة عالية كُلّلت بالفرحة والدموع. وشكّلت فرحة الصغار بوقف إطلاق النار حصة الأسد من السعادة، من خلال الكم المعتبر من الفيديوهات التي هلّل فيها الأطفال ورقصوا؛ تعبيرا عن الفرحة؛ لسكوت صوت الطائرات الحربية وأزيزها الذي يفزع قلوب الصغير والكبير. وانتشرت أيضا الكثير من الفيديوهات التي تحدّث فيها أصحاب الصفحات إلى من غادرونا، تاركين أثرا عظيما وهم كثر على غرار... أقمار غزة ... الأطفال ومنهم يوسف شعر الكارلي، والصحفي أنس الشريف الذي باتت وصاياه عالمية، تناقلتها كلّ الألسن عبر العالم بفخر وحزن، وكذا "روح الروح" الذي أحبّه الكلّ وحفيدته؛ إذ زفّ أصحاب الصفحات البشرى لهم قائلين: "ارتاحوا لقد انتهت الحرب" . ومنهم من علّق: " خلاص يا أحباب الله ...جاء نصر الله" . كما افتتح الصحفي إرساليته بسورة الفتح بالتجويد، ليزفّ بسعادة الكلمة التي طال أمد خروجها: "..انتهت الحرب". وتابع الجزائريون تفاصيل الأحداث. كما شكّلت عودة النازحين فرحة كبيرة، كيف لا وهي العودة إلى الديار وإن كانت مهدمة... وانطلقت الهيئة العربية للإعمار في فلسطين من صبيحة السبت، في إزالة الركام، وفتح الشوارع الحيوية بغرض تهيئة البنية التحتية في المناطق المتضررة.