خرج عشرات آلاف المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين في عدة مدن وعواصم عبر مختلف أنحاء العالم وحناجرهم تهتف بالحرية لفلسطينيين ومندّدة بالإبادة الصهيونية في قطاع غزة، بل ومطالبة بمعاقبة المسؤولين والمتورطين فيها في مشهد ما كان ليحدث قبل السابع اكتوبر 2023، الذي غير نظرة العالم إلى القضية الفلسطينية وعرف حقيقتها التي طمسها الكيان الصهيوني على مدار عقود من الزمن من خلال الترويج لسرديتها المزيفة. فمن أستراليا مرورا بدول آسيا وصولا إلى أوروبا، كان المشهد واحدا، مظاهرات حاشدة ومسيرات حاشدة تزين فيها عشرات آلاف المتظاهرين بالأعلام الفلسطينية ورافعين شعرات ومردّدين هتافات متضامنة مع غزة ومندّدة بالإبادة ومطالبة بسرعة تدفق المساعدات إلى القطاع ومعاقبة المسؤولين الصهاينة عن الإبادة. وقالت مجموعة "فلسطين أكشن" في أستراليا إن "مظاهرات خرجت أمس في 27 مدينة وبلدة على رأسها العاصمة سيدين دعما للشعب الفلسطيني، طالبت بفرض عقوبات على الكيان المحتل بسبب المجازر التي ارتكبتها في غزة"، كما طالب المتظاهرون الحكومة الأسترالية بوقف كافة أشكال التعاون مع إسرائيل ووقف صادرات السلاح إليها. من جانبهم، احتشد آلاف الإندونيسيين وسط العاصمة جاكرتا للاحتفال بوقف إطلاق النار في غزة، مجدّدين رفضهم لأي محاولات للتطبيع السياسي أو التجاري أو الرياضي مع الاحتلال إسرائيلي، كما أعلنوا رفضهم ما يحدث لسكان الضفة الغربية من اعتداءات واقتحامات واعتقالات تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسار متظاهرون في سيول عاصمة كوريا الجنوبية تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة وطالبين بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب. وجاءت تلك المظاهرات بعد يوم من مسيرات ووقفات في عدد من الدول، حيث خرجت مظاهرة حاشدة في لندن دعما لغزة وللمطالبة بوقف بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي وإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، حيث أشار المنظمون إلى أن نحو نصف مليون متظاهر شاركوا في المسيرة التي جابت شوارع لندن باتجاه مقر الحكومة في داونينغ ستريت. ورفع المشاركون في المسيرة أعلام فلسطين ولافتات تندّد بالمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدين ضرورة تحقيق العدالة على أساس القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل دائم للقضية. وأكد المتظاهرون أهمية مواصلة الضغط على الحكومة البريطانية للتحرك من أجل إنهاء الإبادة الجماعية والاحتلال ونظام الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني. وفي العاصمة الألمانية برلين، خرج الآلاف تعبيرا عن تضامنهم مع الفلسطينيين وللمطالبة بخطوات عملية لضمان سلام عادل ودائم، وسار المتظاهرون من أمام بوابة "براندنبورغ" وسط برلين إلى مركز المدينة. وطالبوا الحكومة الألمانية بوقف شحنات الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي واستنكروا الضغوط والمضايقات التي تمارسها الحكومة الألمانية ضد أنصار فلسطين في البلاد، وردّد المشاركون هتافات من قبيل "إسرائيل إرهابية" و "لا سلام على أرض مغتصبة" و«الحرية لفلسطين". وخرجت مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس دعما لوقف إطلاق النار في غزة، شارك فيها ناشطون وعاملون فرنسيون بالقطاع الصحي بعضهم عمل في مستشفيات غزة خلال الحرب. وطالب هؤلاء بإطلاق سراح الفرق الطبية من السجون الإسرائيلية وعلى رأسهم الدكتور حسام أبو صفية. كما طالبوا بتثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية للقطاع. ونفس المشهد عاشته مدينة ميلانو الإيطالية على إثر تنظيم مظاهرة للتضامن مع غزة، ردّد المشاركون فيها شعارات تندّد بالحرب الإسرائيلية على القطاع وما خلفته من خسائر في الأرواح والبنى التحتية. ودعوا المجتمع الدولي والحكومات الغربية إلى بذل كل الجهود لتنفيذ إحلال السلام بغزة وإعادة إعمار القطاع. كما طالبوا متظاهرون في العاصمة النرويجية أوسلو بإغلاق السفارة الإسرائيلية في بلدهم وقطع العلاقات مع الاحتلال إسرائيلي. وفي هولندا، نظم وقف "ازرع شجرة زيتون" في مدينة ماستريخت فعالية تأبينية لضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، خصّصت لتكريم الأطفال والصحفيين الفلسطينيين الذين قضوا جراء القصف. ووضع المشاركون في التأبين آلاف أحذية الأطفال بالساحة تكريما للضحايا الأطفال في غزة وسط تلاوة أسماء وأعمار الأطفال الذين فقدوا حياتهم جراء حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع. كما وزع متطوّعون منشورات تعريفية لشرح الوضع في غزة. وشهدت العاصمة السويدية ستوكهولم مظاهرة للتنديد بهجوم الجيش الإسرائيلي على أسطول الصمود العالمي وتحالف أسطول الحرية، وطالب المحتجون بفرض حظر شامل على إسرائيل بسبب هجومها على سفن الأسطولين. وحمل المتظاهرون لافتات كتبت عليها عبارات من قبيل "هجمات على أسطول الحرية غير مقبولة" و"حصار كامل على إسرائيل من أجل فلسطين الحرة"، قبل أن يتجهوا في مسيرة نحو مقر البرلمان. وشارك الآلاف من المتظاهرين في مسيرة ضخمة بالعاصمة النمساوية فيينا دعما لفلسطين وللمطالبة بفرض عقوبات على الاحتلال الصهيوني بسبب جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها في قطاع غزة. ونظمت المظاهرة، أول أمس، بمشاركة أكثر من 50 منظمة من منظمات المجتمع المدني للتضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة جرائم الاحتلال الصهيوني. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين ولافتات تطالب بفرض عقوبات على الاحتلال مرددين هتافات مثل "قاطعوا الكيان الصهيوني" و«أوروبا تمول" و«الاحتلال الصهيوني يقصف". ثم تجمعوا في الشارع الذي يضم مباني رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية والرئاسة النمساوية مطالبين الحكومة بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني. في ظل اوضاع كارثية تتطلب "استجابة طارئة" تحديات كبرى تواجه القطاع الصحي في غزة أكد مدير مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، محمد أبو سل، أمس، أن تحديات كبيرة تواجه عمل القطاع الصحي في غزة عقب توقف العدوان الصهيوني الذي خلف كوارث متعدّدة من إنسانية وبيئة وصحية وخدماتية تحتاج إلى بذل أقصى جهد من الجميع لإعادة الحياة تدريجيا لأرض حوّلتها آلة الدمار والتقتيل الصهيونية إلى "مقبرة" كبيرة. وأوضح الدكتور أبو سلمية، في تصريح صحفي، أنّ الاحتلال الصهيوني تعمّد تدمير المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية خلال عدوانه الذي استمر على قطاع غزة منذ عامين، مبرزا أن ترميم ما تبقى من المستشفيات التي تضررت أو خرجت عن الخدمة بحاجة إلى وقت وجهد كبير. وقال بأن المستشفيات الرئيسية شمالي وجنوب قطاع غزة كالمستشفى الإندونيسي ومستشفى غزة الأوروبي تمّ إخراجها عن الخدمة بفعل القصف والاستهداف المستمر لها من جيش الاحتلال خلال الحرب على غزة، مشيرا إلى أن تعزيز ما تبقى من مستشفيات عاملة في القطاع أولوية قصوى ولا يحتمل انتظار المزيد من الوقت. وشدّد على أن حاجة المرضى كبيرة جدا لهذه المستشفيات، خاصة مرضى السرطان والقلب والكلى ورعاية الحوامل والأطفال حديثي الولادة، حيث قال إنّ تحديات كبيرة وكارثية تسيطر على عمل القطاع الصحي في القطاع عقب توقف إطلاق النار وتسعى وزارة الصحة إلى إعادة الحد الأدنى من الخدمات الصحية في القطاع ورفع واقع القطاع الصحي مع حصر حجم الأضرار الواقعة عليه.وأشار المسؤول الصحي الفلسطيني إلى أن مستشفى الأطفال التخصّصي الوحيد في مدينة غزة والذي يقدم خدمات حيوية لآلاف الأطفال من سكان شمالي القطاع، قام الاحتلال بتدمير أقسام حيوية فيه كحضانة الأطفال والعناية المركزة ومحطة الأوكسجين . كما بين أن الآلاف من المرضى يتكدسون فيما تبقى من مستشفيات عاملة وقد بلغت السعة السريرية 250 من المئة في ظل تفاقم أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية بعدما وصلت نسبة الأصناف الصفرية من الأدوية إلى أكثر من 60 من المئة والمستلزمات المخبرية إلى 70 من المئة، وأبرز أن الكثير من المرضى والجرحى في قطاع غزة بحاجة عاجلة إلى أماكن مؤهلة لتقديم الرعاية الصحية لهم. كما أوضح أبو سلمية، أن الكوادر الطبية تعمل في ظروف كارثية ومستنزفة وهي تعمل على مدار عامين وتعرضوا إلى معاناة النزوح المتكرر وفقدانهم لذويهم وأبنائهم، بخلاف استهدافهم بشكل مباشر خلال العدوان الصهيوني. وقال إن 1701 من الكوادر الطبية استشهدوا خلال الحرب منهم 320 طبيب من الاستشاريين والتخصّصات والتمريض والكوادر الإدارية. وأكد أن هذه خسارة كبيرة تتطلب وقتا كبيرا لتعويضها بما يستدعي إدخالا عاجلا للوفود الطبية وتسريع وتيرة سفر المرضى والجرحى للعلاج بالخارج، خاصة في ظل الحديث عن إعادة فتح معبر رفح عقب توقف العدوان بعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار. ولفت إلى أن المؤسّسات الدولية تحاول ومنذ أشهر إدخال الإمدادات الطبية التي تنتظر على المعابر، إلى جانب أجهزة الأشعة التشخيصية التي تعتبر جزءا مهما جدا لإتمام التدخلات الطارئة للجرحى والمرضى، لكن حتى الآن لم يصل إلى مستشفيات القطاع والمستودعات أي من الإمدادات العاجلة والمتوقع دخولها خلال الأيام المقبلة. وأشار إلى أن 17 ألف مريض بحاجة إلى السفر فورا خارج القطاع وما تقدمه المستشفيات حاليا إسعافات أولية للمرضى، موضحا أنه إذا لم تدخل المساعدات والمعدات الطبية فسيكون هناك ضحايا جدد.وقال إن الآلاف من المرضى والجرحى بحاجة عاجلة إلى أماكن مؤهلة لتقديم الرعاية الصحية لهم، حيث توقف الخدمات التخصصية والتشخيصية يفاقم الوضع الصحي ويعيق التدخلات الجراحية المعقدة. ويعاني القطاع الصحي في غزة من أزمة خانقة، مع استمرار منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والاستهداف الصهيوني للأطقم الطبية بالقتل والاعتقال خلال عامين من الحرب على القطاع، إلى جانب التدمير المنهجي للمستشفيات الرئيسية، وهو ما أشارت إليه تقارير مؤسسات دولية وأممية وحقوقية بانهيار شامل في المنظومة الصحية وعدم قدرتها على تلبية احتياجات غزة في ظل الارتفاع الكبير لعدد المرضى والمصابين والحاجة لتدخلات طبية طارئة. وأكدت مصادر طبية فلسطينية بأن الأوضاع الصحية والإنساني في غزة تتطلب "الاستجابة الطارئة" لإدخال الإمدادات الطبية الضرورية، محذرة من تفاقم الأوضاع الصحية بسبب توقف الخدمات التخصصية والتشخيصية في القطاع وتداعيات ذلك على إجراء التدخلات الجراحية المعقدة. وما يزيد الوضع سوءا هو ما لفت إليه المدير الإقليمي الجديد لبرنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط، سامر عبد الجابر، الذي أكد أن البنية التحتية المدمرة في قطاع غزة تعيق إيصال المساعدات الغذائية. لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.. يوسف حمدان: "حماس" مستعدة للوفاء بالتزاماتها أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الجزائر، يوسف حمدان، استعداد الحركة للوفاء بالتزاماتها لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، معربا عن أمله في أن يلتزم الطرف الآخر سواء ما تعلق بالانسحاب من القطاع أو فتح المعابر ودخول المساعدات ومعدات إزالة الركام التي سيترتب عنها سرعة الوصول إلى الجثامين. وأوضح يوسف حمدان، لدى استضافته، أمس، في برنامج "ضيف الدولية" في الاذاعة الوطنية، أن الاتفاق يتحدث نظريا عن مدة زمنية محددة للوصول إلى أعداد الأسرى، حيث سيتم تسليم 20 أسيرا ولكن هذا مربوط بطبيعة الميدان. وقال "طلبنا استعانة من الوسطاء المصريين والأتراك لمساعدتنا في إزالة الركام وفتح الشوارع للوصول إلى المناطق المنكوبة، خصوصا أن الاحتلال قسم عملية انسحابه إلى مراحل وهذا يصعب علينا سرعة الوصول إلى الأسرى، لكننا ملتزمون بالوفاء على ما اتفقنا عليه". وأكد أن "الاتفاق يتحدث عن تسليم بدون أي مراسيم، ولكن تهمنا عملية التزامن في تبادل الأسرى، ولدينا معركة تفاوضية تتعلق بأسماء الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال الصهيوني"، مؤكدا أن كل أسير يخرج من سجون الاحتلال "هو مكسب لنا". وأضاف حمدان أن هذا الاتفاق يعد اليوم من أهم التحديات، لأن طوال فترة المفاوضات والاتفاقيات السابقة لم يكن لدينا من الضمانات ما يردع الاحتلال الصهيوني ونتيجة ذلك انقلاب الاحتلال على الاتفاق بمجرد أن ينتهي وكل الوسطاء والضمانات المكتوبة لم تكن كافية لردع الاحتلال الصهيوني بعدم مواصلة عدوانه على غزة. وبحسب ما ورد من معلومات أمس، فإنه تبدأ في الساعات الأولى من صباح اليوم عملية الإفراج عن الأسرى من كلا الجانبين وفقا لما هو منصوص في اتفاق وقف إطلاق النار المعلن عنه الخميس الأخير والذي دخل حيز التنفيذ منتصف نهار الجمعة بالتوقيت المحلي لقطاع غزة. ويتزامن ذلك مع قمة حول السلام في غزة تحتضنها مصر اليوم برئاسة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظيره الامريكي، دونالد ترامب، بحضور قادة 20 دولة، اضافة الى الامين العام الاممي انطونيو غوتيريس. وبحسبما اوردته الرئاسة المصرية في اليوم الثاني من وقف اطلاق النار، فان هذه القمة تهدف الى وضع حد للحرب في قطاع غزة وتعزيز الجهود لإرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وفتح صفحة جديدة من الامن والاستقرار الاقليمي.