دعا الكاتب والمفكر الجزائري عبد الله شريط إلى ضرورة التفكير في كيفية إرساء ثقافة الدولة لدى الحاكم والمحكوم على حد سواء، مؤكدا عند تكريمه أول أمس بفندق الأوراسي من طرف المجلس الأعلى للغة العربية ضمن منبره الجديد "شخصية ومسار" أن تشكل ثقافة الدولة الحل لكل مشكلاتنا · قال عبد الله شريط أنه من السهل جدا تأسيس دولة لكنه من الصعب تكوين ثقافة دولة، مؤكدا أن الجزائر سعت منذ استقلالها إلى تأسيس دولة لكنها أهملت التفكير في تشكيل ثقافة دولة التي يجب أن تتوفر لدى الحاكم والمحكوم ، وهو ما قادها حسب المفكر إلى الوضع الذي آلت إليه اليوم حيث الشعب يشتكي من الدولة والدولة تشتكي من الشعب· الدكتور توقف أيضا عند إشكالية الأخلاق التي شكلت موضوع أطروحة الدكتور التي قدمها في 1972 ، مشيرا إلى أن السبب الذي جعله يتناول هذا الموضوع ويخوض في "الفكر الأخلاقي عند ابن خلدون" هو ذلك التحول و الانقلاب الأخلاقي الذي لاحظه في المجتمع الجزائري آنذاك ، مؤكدا أن نفس المشكل مازال مطروحا اليوم لكن بشكل أكثر حدة·وحمل الدكتور مسؤولية ذلك للمثقف وأساتذة المدارس والجامعات أكثر من المسؤولين والسياسيين، وهذا يعيدنا يقول شريط إلى المشكلة الحقيقة التي طرحها سقراط وهي أهمية الأخلاق في قيام الدول· منبر "شخصية ومسار" في عدده الأول شهد أيضا حضور العديد من أصدقاء الرجل ورفقاء دربه الذين تعاقبوا على المنصة ليقدموا شهادة حية عن خصال المفكر وأعماله طيلة مشواره العلمي، بمن فيهم وزير المجاهدين محمد الشريف عباس الذي وقف وقفة إجلال وتقدير للمفكر، مشيرا إلى أنه كان من بين المتتبعين الأوفياء للحوارات التي كان ينشطها المفكر رفقة الركيبي والراحل عبد المجيد مزيان، متأسفا بالمقابل لغياب مثل هذه النقاشات الهامة و العالية المستوى في الإذاعة و التلفزيون الجزائري اليوم· كما توقف الوزير عند المجلدات التي أصدرتها وزارته جامعة كل مقالات الدكتور التي كتبها في جريدة الصباح التونسية · من جهته أفاض رئيس المجلس الأعلى للغة العربية العربي ولد خليفة في الحديث عن عبد الله شريط، فعدد خصال الرجل و أعماله و مسيرة تكوينه منذ طفولته بكتاب القرية مرورا بالمدرسة الفرنسية ثم جامع الزيتونة فسفره إلى سوريا لإتمام تحصيله العلمي ،مؤكدا أن الدكتور شريط ينتمي إلى سلسلة ذهبية من رجالات التنوير الذين استوعبوا معطيات عصرهم ورهانات المستقبل ،لكن أهم ما يميز شريطه عن غيره ?حسب المتحدث- هو جمعه بين المدرسة الخلدونية والباديسية في انطلاقه من المنهجية الخلدونية لدراسة عدد من مواثيق الجزائر، وأخذ من الباديسية الكثير من أفكارها النهضوية والإصلاحية خاصة الجانب العملي منها الذي يتجنب الإفراط في التنظير والتجريد و في الانعزال عن الناس· كما أشاد ولد خليفة بمبادرة وزارة الثقافة في دعم المجلس للحصول على مؤلفات الدكتور وجعلها في متناول الباحثين والأكاديميين· أما السيد عبد الحميد مهري فأكد من جهته أن معرفته بالرجل تعود إلى مقاعد الدراسة بجامع الزيتونة ثم في صفوف حزب الشعب ،مشيرا إلى أن شريط كان سببا في إدراكه للكثير من الأشياء· مهري توقف أيضا عند الحوار التاريخي الذي جمع شريط بمصطفى لشرف حول التعريب في الجزائر عام1976، متأسفا - في سياق متصل- أن هذه الأطروحة ما زالت قائمة إلى حد الآن و في شكل مغلوط في الكثير من جوانبها · في نفس الاتجاه عاد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور أبوعمران الشيخ بذاكرته إلى سنوات الشباب، متوقفا عند العديد من المحطات التي جمعته بالمفكر لاسيما في قسم الفلسفة بجامعة الجزائر حيث قادا معا معركة تعريب الفلسفة الغربية و ادراج الفلسفة العربية المتمثلة في أعمال ابن رشد و ابن خلدون وغيرهما· منصة الإشادات تعاقب عليها أيضا لمين بشيش و أحمد منور، محمد سعيدي ، أمين الزاوي ، عز الدين ميهوبي ··· الذين قدموا كلمات عرفان و شكر و تمجيد للرجل ومساره العملي الذي أثمر الكثير من الدراسات والأبحاث و الكتب في الفلسفة و الفكر والأدب وحتى الشعر ···