يغتنم البعض فرصة تنظيم المعارض المختلفة من أجل التنزه والإستجمام، هذا ما لاحظناه في المعرض الدولي للكتاب الذي أقيم في المركب الرياضي 5 جويلية، حيث عرف إقبالا كبيرا للمواطنين من مختلف ولايات من الوطن، فلم تقتصر الزيارة على المثقفين فقط، بل شملت كل المواطنين الآخرين باختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية، حيث أصبح هذا المعرض قبلة للبعض ممن يريدون قضاء بعض الوقت خارج البيت، خصوصا في نهاية الأسبوع أوخلال عطلة نوفمبر المدرسة، أين شهد الصالون اقبالا كبيرا من الزوار. المتجول في مثل هذه الصالونات، باختلاف معروضاتها، يلاحظ ذلك الإقبال الكبير لمختلف فئات المجتمع، فلا يخلو أي معرض من توافد العائلات بأطفالها وحتى الرضع منهم، فلم يكن غريبا أن نرى تجول بعض السيدات بعربات أطفالهن في أرجاء معرض الكتاب الدولي في ظل الإزدحام الكبير والاكتظاظ الذي تعرفه، تقول إحدى السيدات التي كانت تدفع بعربة رضيعها وهي تجوب أروقة معرض الكتاب وتحاول إيجاد منافذ للسير بعدما طرحنا السؤال عليها: "لدي شهادة ليسانس في العلوم الإنسانية وأنا ماكثة بالبيت منذ ولادة ابني الذي بلغ عامه الأول، وما دمت مدمنة على المطالعة أردت المجيء إلى هذا المعرض، فلم يكن أمامي أي حل سوى جلبه معي إلى هنا، لأنني لم أجد أين أتركه"، وإذا كانت هذه السيدة لها عذرها، فإن البعض من الزوار جعلوا منه مكانا لقضاء الوقت والاسترخاء، خاصة وأن الطقس كان جميلا والمساحة التي خصصت للمعرض شاسعة وتسمح بالتجول ونسيان التعب في تلك الشمس الدافئة. أكل، شرب ولعب للأطفال تحولت المساحات الخضراء المحيطة بمعرض الكتاب في 5 جويلية إلى أماكن للنزهة، نفس الحال الذي عرفته أيضا هذه المساحات في المعارض المختلفة التي أقيمت بقصر المعارض، حيث تجلس العائلات على العشب الطبيعي جالبة معها بعض المأكولات الخفيفة والمشروبات، وأخرى تقوم بشرائها في عين المكان مستمتعة بالطقس الربيعي لتتجمع في هذه الأماكن، فتأتي كل العائلة ل "قضاء الوقت" كما يقال، اقتربنا من (حكيم .ب) الذي وجدناه هو وزوجته وابنيه على مساحة خضراء في المعرض الكتاب وسألناه حول الغاية من مجيئه إلى المكان فقال: "لقد اغتنمت صحوة الطقس لإخراج الأطفال للتنزه قليلا، وما دامت أبواب المعرض مفتوحة فقد جئنا إليه، فأنا أريد أن أضرب عصفورين بحجر واحد، إخراج الأبناء وزيارة المعرض. وبعد أن طفنا بمختلف أجنحته، أردنا الاستراحة بعض الشيء فهذا المكان جميل ومريح بالنسبة لنا، حيث تناولنا الغذاء فيه والأطفال كما ترون يلعبون ويمرحون". وقد خصص المنظمون في معرض الكتاب مرافق خاصة للزوار كجناح الأطفال الذي به لعب ممتعة، إضافة إلى بعض المطاعم على الهواء الطلق والتي تستقطب الزوار، هذا جعل الكثير من الأشخاص يفضلون اللجوء إلى هذه المعارض من أجل قضاء بعض الوقت، خصوصا وأنهم يجدون فيها كل ما يريدونه من خدمات إلى جانب اتساع المكان الذي يسمح للأطفال باللعب دون أي مشكل. نقص المرافق وأماكن الإستجمام سبب رئيسي ويرى الكثيرون من الذين يقصدون هذه المعارض من أجل قضاء اليوم فيها، أن نقص المرافق والأماكن التي تسمح للعائلات بالتنزه، هو ما جعلها تغتنم فرصة تنظيم مثل هذه المعارض لزيارتها والاستجمام فيها، مثلما يقول أحد زوار معرض الكتاب: "صراحة لا توجد أماكن يقصدها المرء لقضاء يوم جميل فيها، فأنا أحتار عندما أريد الخروج مع العائلة في اختيار مكان هادئ نقضي فيه بعض الوقت، لهذا فإنك تجدني أغتنم تنظيم هذه المعارض رغم الإكتظاظ الذي تعرفه، للمجيء إليها رفقة العائلة وفي نفس الوقت زيارة مختلف أجنحتها والإطلاع على كل ما هو جديد"، ويفضل الكثيرون التنزه في مثل هذه المعارض نظرا لتوفر الأمن كما تقول مجموعة من الطالبات في معرض الكتاب واللواتي أكدن أن قدومهن إلى المعرض هدفه الاطلاع على الكتب، لكن من جهة أخرى أردناه أن يكون مكانا يلتقين فيه: "فضلنا الالتقاء هنا بعدما زرنا مختلف أرجاء المعرض وهذا نظرا لتوفر للأمن لتوفر الامن ولأننا لا نعاني من أي إزعاج". عائلات أخرى قدمت إلى المعرض من أجل اقتناء بعض الكتب والقصص لأبنائها وحتى وإن جلبوا أطفالهم معهم، إلا أن الأهم هو تعليم الطفل أن هناك تنزه وهناك تعلم على حد قول إحدى السيدات، وهذا ما قامت به إحدى المدارس الخاصة أيضا، والتي قامت بتنظيم زيارات للأطفال إلى معرض الكتاب، لتسمح لهم باقتناء ما أرادوه من قصص. فئة أخرى من الزوار لمثل هذه المعارض والتي لا يهمها ما يعرض من منتوجات جديدة أوعناوين لكتب مفيدة، بقدر ما يهمها أسعار هذه المنتوجات والتي تكون عادة مخفضة، هذا ما يجعل هؤلاء يتهافتون عليها لشرائها ثم إعادة بيعها، هذه الفئة تغص بها أرجاء المعارض وهذا ما لاحظناه كثيرا في معرض الكتاب لاسيما في أجنحة الكتب الدينية. ويبدو أن الجزائريين يبحثون دائما عن متنفس لهم في كل مكان، حتى وإن كان معرضا مخصصا للفكر والأدب، في ظل غياب مرافق ملائمة.