أكد الدكتور والمؤرخ زهير احدادن، أمس، أن بيان أول نوفمبر 1954 ساهم بشكل كبير في وضع الأسس التنظيمية التي مهدت لاندلاع الثورة المجيدة الى غاية افتكاك الاستقلال في 5 جويلية 1962، داعيا بالمناسبة الى ضرورة اعتماد الكتابات التاريخية، والتأريخ للثورة انطلاقا من المبادئ النوفمبرية التي تضمنها البيان. وأشار الأستاذ الجامعي في المحاضرة التي ألقاها بمركز "الشعب" للدراسات الاستراتيجية حول "الرسالة الوطنية لبيان أول نوفمبر 1954 أن معظم الكتابات التاريخية الموجودة حاليا تبقى محتشمة وتنقصها الموضوعية، لاسيما فيما يتعلق منها بالكتّاب الأجنبيين، داعيا بالمناسبة الى اعادة كتابة تاريخ الثورة في حدود المبادئ التي أقرها بيان أول نوفمبر 1954. وأوضح السيد إحدادن أن الثورة التحريرية لم تكن لتقوم لو لم يأت بيان أول نوفمبر الذي نجح في تفجير الثورة وتوحيد الشعب الجزائري والتفافه حول قيادة هذه الثورة. واعتبر المحاضر بيان أول نوفمبر بمثابة دستور ومرجعية لثورة التحرير باعتباره حدد الاستراتيجية والأهداف التي ينبغي انتهاجها من أجل استعادة السيادة الوطنية. وأشار في هذا الصدد الى أن القارئ المتأني في البيان بإمكانه استنتاج الأسباب التي أدت الى إعلان الكفاح المسلح والمراحل التي ينبغي انتهاجها من أجل هدف سياسي هو الاستقلال. وتطرق المحاضر في السياق إلى أهم الأقسام التي وردت في البيان، مشيرا على وجه التحديد الى تقييم الحركة الوطنية وإعلان ميلاد جبهة التحرير الوطني، بالاضافة الى وضع البرنامج السياسي للثورة وتحديد وسائل الكفاح المسلح الذي أرغم فرنسا على الدخول في مفاوضات للاعتراف بالأمة الجزائرية. كما تناول السيد إحدادن البعد السياسي والاستراتيجي لبيان أول نوفمبر الذي حرص على احترام الحريات الأساسية ونبذ الزعامة وتوحيد جميع طاقات الشعب الجزائري. موضحا أن البيان قد حدد هدفا داخليا تحقق في سنة 1956 ألا وهو انعقاد مؤتمر الصومام، إضافة الى تحديد الهدف الخارجي المتمثل في تدويل القضية الجزائرية عام 1958، وتأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة. وأبرز الدكتور احدادن الأسلوب المتميز الذي اتسم به بيان أول نوفمبر في مخاطبة الجزائريين بصفة عامة ومناضلي حزب الشعب بصفة خاصة. حيث أوضح المتحدث خلو هذا البيان من كلمات العنف، بدليل استعماله كلمات سلمية كالمهمة، النشاط، الغاية، التضحية....والتي ترمي كلها الى البحث عن الاستقلال. وفي هذا الأساس، قال المؤرخ زهير احدادن أن كل الغايات والأهداف التي تضمنها بيان أول نوفمبر 1954 قد تحققت بعد اندلاع ثورة التحرير المباركة على غرار الاعتراف بالأمة الجزائرية في تصريح رسمي من طرف الجنرال "ديغول"، التفاوض مع الممثل الحقيقي للشعب الجزائري "جبهة التحرير الوطني"، إطلاق جميع المحبوسين. وتبقى هذه الأهداف تمثل الإطار الذي وقعته مفاوضات "ايفيان" الشهيرة. وقد حضر هذه الندوة الفكرية شخصيات تاريخية وثورية معروفة بالإضافة الى أساتذة وباحثين جامعيين على غرار المجاهد والوزير الأسبق عبد الرحمان بلعياط، الباحث في الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب أحمد عظيمي، والدكتور عمار بوحوش، وأساتذة من كلية العلوم السياسية والإعلام.