تعتزم الحكومة إعادة النظر في التشريع الجزائري الخاص بوضعية العمال الأجانب في الجزائر على نحو يسمح لمصالح الضرائب من اقتطاع الضريبة من الراتب الشهري لهؤلاء أسوة بما هو مطبق في العديد من دول العالم وتمكين الخزينة العمومية من عائدات تقدر بمليارات الدينارات. استوقف أحد أعضاء مجلس الأمة وزير المالية كريم جودي لدى نزوله قبل أيام على لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية لعرض مشروع قانون المالية للعام القادم حول وضعية العمال الأجانب باتجاه مصلحة الضرائب حيث يستفيدون من إعفاء من الضريبة على الدخل وهو الإجراء الذي تستثنى الجزائر في تطبيقه مقارنة بالعديد من دول العالم التي تشغل يدا عاملة أجنبية، وطالب عضو المجلس الوزير بضرورة معالجة الوضعية وتدارك هذا الفراغ في إجراءات التحصيل الضريبي، كونه من غير المنطقي أن يستفيد هؤلاء العمال الأجانب من نفس المزايا التي يتمتع بها العامل الجزائري في حين لا تقتطع من رواتبهم الضريبة. وكشف مصدر شارك في جلسة استماع أعضاء لجنة المالية والميزانية لوزير المالية انعقدت قبل أسبوع أن رد جودي كان ايجابيا من خلال تعهده بمعالجة هذه الوضعية دون أن يقدم آجالا لذلك. وأحصت وزارة العمل والتشغيل إلى غاية شهر ماي الماضي 45 ألف عامل أجنبي أغلبهم يشتغلون في الورشات الكبرى التي باشرتها الجزائر في مجالات الأشغال العمومية والمياه والسكن. وعرفت الجزائر توافد العمال الأجانب مع إسناد مهمة إنجاز بعض المشاريع الكبرى إلى شركات أجنبية قادمة من آسيا ودول عربية وأوروبا، ويشتغل هؤلاء في ورشات الطريق السيار شرق- غرب وسكنات عدل. ويعد العمال الصينيون الأكثر عددا حيث كشف وزير العمل والتشغيل السيد الطيب لوح في تصريحات سباقة أن عددهم بلغ 37 ألف عامل، ويحتل العمال المصريون المرتبة الثانية بأكثر من 6 آلاف عامل يشتغلون خصوصا في ورشات البناء وفي مصانع الإسمنت التابعة لشركة أوراسكوم إضافة الى المنتسبين الى قطاع الاتصالات خاصة لدى شركة أوراسكوم تليكوم. وعرض وزير المالية كريم جودي أمس في جلسة علنية بمجلس الأمة ترأسها عبد القادر بن صالح رئيس المجلس الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية التكميلي، التي لخصها في عزم الدولة على مواصلة تنفيذ برنامج الاستثمار والسياسة الاجتماعية ومحاربة البطالة. وذكر الوزير أن المشروع يتضمن اعتمادات ترمي إلى متابعة جهود إعادة التوازن الهيكلي الجهوي وتحسين ظروف معيشة المواطن، وأوضح أن تقلص عائدات صادرات البلاد وعائدات الجباية النفطية بفعل الركود الاقتصادي العالمي "لم يقلص من قدرات تأمين الإنفاق العمومي على المدى المتوسط ولا من قدرات الاستيراد. وأرجع الوزير استقرار التوازنات الداخلية والخارجية للجزائر إلى موارد صندوق ضبط الإيرادات وارتفاع احتياطي الصرف إلى 146 مليار دولار في سبتمبر الماضي وكذا انخفاض مستوى الدين الخارجي إلى 6،474 مليون دولار نهاية جوان الماضي. وفي هذا الإطار أكد جودي أن سياسة التمويل الداخلي للاقتصاد مستمرة، وأضاف أن الشركات الأجنبية مدعوة لتمويل مشاريعها بموارد داخلية للتمكن من امتصاص السيولة الفائضة وعدم تجديد المديونية الخارجية للبلاد. ويتمثل التأطير الاقتصادي لمشروع قانون المالية 2010 حسب الوزير في إبقاء الأسعار المرجعية لبرميل النفط الخام عند 37 دولارا ومعدل صرف بقيمة 73 دينارا للدولار وكذا تراجع بنسبة 2 بالمائة في واردات البضائع مقارنة بتوقعات اختتام سنة 2009 في حين تقدر نسبة التضخم المتوقعة ب5،3 بالمائة مقابل ارتفاع الناتج الداخلي الخام بنسبة 4.6 بالمائة بصفة إجمالية و5.5 بالمائة خارج قطاع المحروقات. وحسب عرض الوزير فإن إيرادات الميزانية المتوقعة لسنة 2010 تقدر ب3081 مليار دينار حيث ينتظر أن تتراجع هذه الإيرادات بنسبة 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية. أما نفقات الميزانية فتقدر ب5860 مليار دينار موزعة على 2838 مليار دينار للتسيير و3022 مليار للتجهيز مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة6.6 بالمائة و7.4 بالمائة على التوالي مقارنة ب2009. وتعود الزيادة في ميزانية التسيير أساسا إلى ارتفاع كل من أعباء الدين العمومي ونفقات الأجور. وبخصوص ميزانية التجهيز التي تمثل أكثر من 3022 مليار دينار فإنها تتضمن 2503 مليار دينار مخصصة للاستثمارات العمومية. ولدى تطرقه للتدابير التشريعية أوضح جودي أن مشروع القانون يقترح جملة من الإجراءات منها متابعة تبسيط وانسجام النظام الجبائي وتخفيض الضغط الجبائي على المداخيل وكذا تشجيع صناعة التركيب والطاقات المتجددة إضافة إلى تخفيض تكلفة القروض العقارية وتعزيز الحماية الاجتماعية.وتساءلت لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بمجلس الأمة لدى استقبالها وزير المالية في جلسة عمل مغلقة انعقدت قبل أسبوع حول كيفية تدارك الحكومة للعجز المسجل في الميزانية والمقدر ب190 مليار دينار حيث قال جودي أن تغطيته ستكون عن طريق تخفيض قيمة الواردات وعلى أساس زيادة الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات وأنه في حال عدم تحقيق ذلك سيتم اللجوء إلى صندوق ضبط الإيرادات. وعن المساعدات الممنوحة للجمعيات ذات الطابع الوطني أشار إلى أن كل القطاعات الوزارية تمنح الإعانات حسب مجال تخصصها. وشرع أعضاء المجلس أمس في مناقشة المشروع ومن المنتظر أن تتواصل المناقشة إلى غاية الثلاثاء القادم، على أن يتم التصويت عليه الخميس القادم.