أجمع المتدخلون في الندوة التي احتضنها منتدى "المجاهد" أول أمس، حول الرئيس هواري بومدين بمناسبة الذكرى ال31 لرحيله، أن هذه الشخصية الرمز تبقى من أهم وأبرز شخصيات التاريخ المعاصر، بحكم المواقف الثابتة للجزائر التي أرساها في مختلف المحافل الدولية تجاه قضايا التحرر العادلة للشعوب العربية والإفريقية على وجه التحديد. كما اعتبر المؤرخون وبعض رفقاء درب الرئيس الراحل في هذه الندوة التاريخية التي تحمل عنوان: "مواقف هواري بومدين تجاه القضايا الشرعية في العالم، كقضايا التحرر في الدول العربية والإفريقية" بحضور حرم المرحوم وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في الجزائر، أن شخصية الرئيس الثاني للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المستقلة تعد الإطار العام لمسار ومكانة الخطاب الجزائري الرافض للاستعمار والأمبريالية العالمية. وبعد أن تابع الحضور شريطا وثائقيا من انتاج التلفزيون الجزائري من حوالي 30 دقيقة تم استعراض أهم خطاباته ومواقفه الداعمة لقضايا التحرر في العالم كالقضية الفلسطينية والنكسة العربية، ودور الوطن العربي والأمة العربية في مواجهة الكيان الصهيوني وأطماع الأمبريالية العالمية، ونوه مدير الأرشيف الوطني السيد عبد المجيد شيخي بمنطق الرؤية المناوئة للاستعمار واضطهاد الشعوب التي لازمت الجزائر قبل وبعد انتصارها على فرنسا، وهو الأمر الذي اقتنع به الرئيس الراحل لا سيما إرادة البلد والشعوب في افتكاك الاستقلال. كما عرج السيد شيخي على مواقف الرئيس هواري بومدين تجاه قضايا الأمة العربية كالقضية الفلسطينية على وجه الخصوص باعتبارها جرحا بليغا أدمى ولا يزال يدمي قلوب الجزائريين شعبا وحكومة، مستدلا بالمكانة الهامة التي تحظى بها هذه القضية العادلة لدى الجزائريين كون الشعبين شركاء في مسعى التحرير. وأكد مسؤول الأرشيف الوطني أن حمل الجزائر لمسؤولية إثبات موقفها تجاه قضية العرب "فلسطين" فتح بابا واسعا أمام الاعتراف بالقضايا التحررية الأخرى في افريقيا، وأوربا، مشيرا الى انتهاج حركات التحرر في العالم لتجربة الجزائر كمثال يحتذى في مواجهة كافة أشكال الاستعمار والاضطهاد كالزعيم نيلسون مانديلا، وارنيستو شي غي فارا. ومن هذا المنطلق ذكر السيد شيخي بمواقف الجزائر التي أرساها الرئيس الراحل هواري بومدين والتي تمخض عنها وضع استراتيجية للتحرك الجزائري في العالمين العربي والدولي والتي كان للجزائر خلالها مكانة خاصة لا سيما في منظمة عدم الانحياز، ومختلف المؤتمرات المنعقدة في الجزائر فيما بعد، كما كان لهذه المواقف أثرا كبيرا في معركة البترول في سنوات التسعنيات والتحركات الحساسة التي تبعتها في الوطن العربي. ومن جهة أخرى، تأسف شيخي لعدم إعادة الاعتبار لمرحلة السبعينات كونها لم تحظ بدراسة معمقة تسمح بالإطلاع ومعرفة الإسهامات التي كانت وراء حل القضايا الوطنية، وقضايا التحرر الإقتصادي والسياسي والثقافي. ومن جهتها، أشارت حرم الرئيس الراحل هواري بومدين السيدة "أنيسة بومدين" الى فكرة الاستقلال الاقتصادي للجزائر والشعوب العربية برمتها التي لازمت المرحوم باعتبارها المؤشر الحقيقي لقيمة ومكانة البلاد، المتمثل في تأميم المحروقات في الجزائر فيما بعد. كما ركزت على الجانب البراغماتي لنظرة بومدين إلى الوضع الإقتصادي للجزائر، فيما يتعلق بالنفط، والذي استطاع العرب توظيفه بنجاح في حرب أكتوبر 1973. وأبرزت السيدة "أنيسة بومدين" الدفاع المستميت لبومدين لتحقيق التضامن بين الشعوب والدول العربية، والسعي لإحلال السلم عبر العالم، وهو ما رشح الرئيس سنة 1976 من طرف منظمة الأممالمتحدة لنيل جائزة السلام، عرفانا لما قدمه هذا المناضل الرمز في سبيل قضايا التحرر في العالم.