الجزائر تزدحم فيها الرجالات العظام الذين عملوا وعلّموا، عملوا مجاهدين في سبيل الله وتحرير الوطن وكذا الأراضي العربية التي احتلت من الصهاينة، ومن هؤلاء المجاهد الشيخ سيدي عبد المجيد الحملاوي رحمه الله الذي أقامت جريدة "المجاهد" أمس ذكرى عرفان وترحم على روحه الطاهرة حضرتها نخبة من شيوخ الطريقة الرحمانية والزوايا بالجزائر بالإضافة الى شخصيات وطنية وعلمية. شخصية وطنية استطاعت أن تسطّر حياتها على خطين مستقيمين الجهاد والعلم إنها الشخصية التي تميزت بالجهاد إبان الثورة التحريرية المباركة واستمرت في القطاع العسكري بالجيش الوطني وشاركت في تحرير قناة السويس من العدو الصهيوني ثم انتقلت من إطارها العسكري الذي تميزت به إلى الإطار الثقافي والجهادي لخدمة القرآن الكريم، خصصت له جريدة "المجاهد" وبنك البركة الاسلامي ذكرى عرفان وتقدير وترحم حضرتها عائلته متمثلة في شخص ولده محمد الهادي الحملاوي وثلة من شيوخ الزوايا في صدارتهم الشيخ المأمون القاسمي شيخ زاوية الهامل وشيوخ آخرين إلى جانب رئيسي المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور أبوعمران الشيخ والمجلس الأعلى للغة العربية محمد العربي ولد خليفة. استهل كلمة الافتتاح بعد التلاوة العطرة للقرآن الكريم آيت حمو الذي نشط الجلسة، حيث أحال الكلمة للأستاذ إمام بزاوية الشيخ الحملاوي الذي قدم نبذة عن حياته وسيرته الزكية من حفظه للقرآن الكريم الى جهاده من أجل التحرير إبان الثورة المباركة ومواصلة مسيرته بالجيش الوطني الشعبي وجهاده بالجبهة الغربية في حرب الشرق الأوسط الى توليه مشيخة الزاوية وخدمته للقرآن الكريم وتعليمه للأجيال وحتى للأشقاء من دولة بوركينا فاسو، حيث ذكّر الامام بمناقب الشيخ منذ أن ولد سنة 1938 والتحاقه بجامعة القرويين بفاس بالمغرب الأقصى ثم بجامعة الزيتونة الى غاية أن توفاه الله يوم 9 نوفمبر الماضي. أما كلمة الشيخ أبو عمران الشيخ فقد كانت مقتضبة ذكر من خلالها بالمجلة التي أنشأها الشيخ عبد المجيد الحملاوي "منبر الامام مالك". أما الشيخ المأمون القاسمي، فقد استعرض في كلمته فضائل الشيخ وتفانيه في خدمة الاسلام والوطن، حيث قال "الحقيقة أننا نحزن ونألم لفراق كل حبيب وفراق كل قريب حين يرحل عنا الأحبة الأقرباء ولكن هذا الألم يزداد وهذا الحزن يكون أعمق حين نفقد من يحملون هذه الرسالة لأن بفقدهم نفقد كثيرا من وسائل العمل وما يساعد على حمل هذه الرسالة ونشرها بين الناس والشيخ عبد المجيد من هؤلاء الرجال الأبرار ممن خدموا هذه القيم الاسلامية والوطنية. وذكر الشيخ المأمون القاسمي بدور الزاوية الحملاوية في المقاومة والجهاد ونشر العلم والخير للمجتمع الجزائري منذ بداية المقاومة إلى تحرير الأرض مستشهدا بكثير من الوثائق التاريخية، واختتم كلمته ببيتين من الشعر: "إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت إنما خلاص نفسك بعد الموت بالعمل" ليلقي بعده الأستاذ الحاج محمد البوزيدي من مستغانم محاضرة رائعة في عمقها الصوفي تحت عنوان "أحوال النفس" من النفس الأمارة الى النفس المرضية. لتليه كلمة ممثل عن بوركينا فاسو ثم الأستاذ محمد ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الذي أكد أن الاسلام دين ودنيا ودولة، محللا بذلك المجتمع الجزائري الذي صمد في وجه الاستعمار الفرنسي، ليختتم الترحم بكلمة نجل الشيخ الحملاوي محمد الهادي الذي شكر هذا الجمع الطيب على هذه الوقفة الكريمة لهذه الشخصية العظيمة التي عملت وأوصت بخدمة القرآن الكريم.