يتناول كثير منا حبات من دواء البراسيتامول عند أدنى إحساس بالصداع أو ألم الأسنان أو ارتفاع الحرارة أو الغثيان وغيرها، إلى درجة أصبح البعض مدمنا على هذا الدواء تماما مثل السيجارة عند المدخنين، بل يتناول البعض حبات البراسيتامول لأتفه الأسباب لتعلقهم النفسي بها.. رغم ان الشيء اذا زاد عن حده انقلب الى ضده، وهو المثل الذي ينطبق بحذافره على الدواء، كونه مصنوعا من مواد كيميائية بإمكانها إحداث أضرار كثيرة على صحة الإنسان. تلاقي الأدوية المسكنة، وخصوصا الأدوية المسكنة لآلام الرأس، إقبالا منقطع النظير من قبل المواطنين، اذ اعتاد العديد منهم على شراء بعض الأدوية المسكنة من دون وصفات طبية مثل الباراسيتامول وبعض المضادات الحيوية مثل "قريبكس" او "رومافاد" وغيرها من الأدوية التي توصف عادة في حالات نزلات البرد والزكام او آلام الرأس والصداع المصاحب للفشل العام او حتى بسبب آلام الأسنان. كما اعتاد البعض الآخر تقديم نصائح للغير ممن يعانون بعض تلك الآلام التي قد تنتاب أي فرد بطريقة عرضية لسبب أو لآخر حتى أضحت علب الباراسيتامول من ضمن المقتنيات الاعتيادية لدى الكثيرين، إذ يقول محمد ريان ان "البراسيتامول "من أكثر الأدوية التي يستخدمها " يلازمني صداع الرأس تقريبا بشكل يومي، في البداية كنت أتناول حبة واحدة وبعدها حبتين اما في الوقت الحاضر فأصبحت أتناول 3 حبات دفعة واحدة أي ما يعادل 9 حبات في اليوم، وذلك لعدم تأثري بها". وتؤكد ندى طالبة بالجامعة المركزية، أن الباراسيتامول دواء يلازم حقيبتها بشكل مستمر "أصبحت من عداد المدمنين على تناول دفعات عالية منها يوميا". أما نجية فتعاني من وسوسة قهرية تجعلها تلجأ بصفة تلقائية إلى تناول بعض المهدئات والمسكنات في حالات مثل آلام الرأس وتسكين آلام الدورة الشهرية والزكام وأوجاع الأسنان، إلى درجة أنها تحمل علبة البراسيتامول داخل حقيبتها رغم أنها متخصصة في علم البيولوجيا وعلى اطلاع بتأثيرات هذه المسكنات على المدى الطويل، ولكن قاعدتها في ذلك لكل ألم مُسكّن مهما كان مصدره. بالنسبة لرشيد، الأمر مختلف تماما، اذ ان الدواء حسبه هو مجموعة من المواد الكيميائية التي لها أضرار كثيرة ان استعملت بصفة اعتباطية وبشكل متكرر مثل الباراسيتامول. ويعترف المتحدث انه كثيرا ما يلجأ الى مضاعفة تناول حبات هذا المسكن عند الإحساس بألم الرأس، ولكن ذلك لا يعتبر هوسا بالباراسيتامول مثلما يفعل البعض، لعلمه المسبق بأضرار الدواء المتناول بصفة متكررة. أما نورة فتفضل في حالات آلام الرأس او الأسنان الاعتماد على المناعة او على بعض الحمضيات في حالة الزكام، وذلك بسبب معرفتها المسبقة بالتأثيرات الجانبية لتلك الأدوية، وانطلاقا أيضا من بعض الدراسات المتخصصة التي تؤكد ان التناول المفرط لبعض الأدوية والمسكنات تسبب العقم او الفشل الكبدي... والبراسيتامول من الأدوية التي لا بد ان تكون متوفرة في المنزل تقول لامية، التي تؤكد ان استعمالها يكون من طرف جميع أفراد أسرتها ويحصل ان تتكدس علب كثيرة منها في المنزل للجوء كل فرد الى شرائها، إلا أنها سرعان ما تنفد لاستعمالها المتواتر. وأجزم صيدلاني بشارع العربي بن مهيدي وسط العاصمة، ان حوالي 70 من الناس يشترون الأدوية المسكنة مثل البراسيتامول دون استشارة الطبيب، بحيث يتكرر مشهد طلب المسكنات بشكل يومي. ويكشف المتحدث ان اقتناء الباراسيتامول أصبح يشكل عادة عند المواطنين، بحيث لوحظ ان المواطن حاليا لا يقوى على الآلام او لا يصبر عليها، لذلك تجده يسارع الى تناول حبات من هذا المسكن، ناهيك عن المناخ المتسم عموما بارتفاع الرطوبة، ما يجعل الواحد منا يشعر بالثقل ووجع الرأس وحتى بالغثيان، "ولكننا ننصح من مقامنا بالتعقل في اقتناء الباراسيتامول، فالمعروف ان الدواء يداوي حاجة ويهلك حاجة"، يقول الصيدلاني. مشيرا الى انه بيع 600 علبة باراسيتامول في شهر ديسمبر المنصرم تم اقتناؤها من طرف الجنسين ومن جميع الأعمار. وتشير صيدلانية أخرى بذات الشارع إلى ان الباراسيتامول من أكثر الأدوية المباعة، بحيث يحصل ان يباع في اليوم الواحد ما معدله 20 علبة، وتوعز ذلك الى ارتباط استعماله بأعراض الزكام والسعال وآلام الرأس والأسنان. منبهة إلى أن الدواء الذي يكون مفيداً يتحول إلى عقار ضار إذا لم يتم التقيد بالتعليمات المذكورة فيه وبتعليمات الطبيب والصيدلي وعدم تناول الأدوية بشكل عشوائي. فإن كان لكل داء دواء، فإن الحكمة تقتضي أن نترك وصف هذه الأدوية لأهل الاختصاص من جهة، وبالتعقل في تناولها دون إفراط او تفريط.