في الوقت الذي أرجع فيه بعض المستجوبين عدم نجاح الحملات التحسيسية إلى ضعف الحملة في حد ذاتها وعدم مصداقيتها، تطرق البعض الآخر إلى إثارة نقطة مهمة وهي نقص الوعي وافتقار المواطن الجزائري للثقافة الوقائية، وحول هذا حدثنا الطالب طاهر كحلوش قائلا "إن بعض الجزائريين إذا شعروا بالخوف من أمر ما تقيدوا بالحملة التحسيسية والتزموا بها، وأحسن مثال على ذلك خوفهم من أنفلونزا الخنازير الذي جعلهم يقتنون "الجال المعقم" ويكثرون من غسل أيديهم، في هذه الحالة التقيد بالحملة التحسيسية جاء بدافع الوعي والخوف وليس لأن الحملة التحسيسية أتت ثمارها، وفي المقابل نجد أنه فيما يخص حوادث المرور على الرغم من تكثيف الحملات التوعوية في هذا الخصوص إلا أن المواطن الجزائري وكأنه يتعمد القيام بعكس ما حذر منه لأن الثقافة المرورية غائبة تماما لديه كاستعمال الهواتف النقالة عند السياقة". كما أن ما حدث مؤخرا للحملة التحسيسية التي تبنتها الكشافة الإسلامية الجزائرية بالتنسيق مع الإذاعة الوطنية والتي اهتدت إلى العمل الميداني الجواري كأحسن حل لتحسيس المواطنين بمخاطر حوادث المرور، دل بشكل لا يدع مجالا للشك على أن العيب في المواطن وليس بالحملة التحسيسية وحدها، حيث وجدت المطويات التي تم توزيعها ملقاة على الأرض دون الاكتراث بالجهد المبذول في سبيل التحسيس، وهو الأمر الذي يعكس غياب الثقافة التحسيسية عند بعض المواطنين. وحول تجربة التحسيس الجواري اتصلت "المساء" بالسيد محمد بوعلاق نائب القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية الذي تطرق لشرح بعض الأهداف التي سعت الكشافة إلى تكريسها من وراء عملها الميداني، حيث قال "نحن ككشافة إسلامية نولي الحملات التحسيسية أهمية بالغة من حيث الدراسة والتحليل، بحيث ندرك جيدا أنها تتطلب لنجاحها وضع برامج قوية تخضع للمتابعة المستمرة، لأننا نرى أن الحملة التي لا يتجاوز عمرها الأسبوع أو الشهر غير كافية، ولا تأتي بنتائج ملموسة، وما قمنا به مؤخرا حول العمل الميداني للتحسيس بمخاطر حوادث المرور ناتج عن فلسفتنا الوقائية المبنية على تربية النشء تربية مرورية، وعلى العموم اعتمدنا على فريق كشفي مكون من الأطفال والشباب الذين خرجوا في شوارع مدينة الرويبة من أجل الاحتكاك المباشر مع المواطنين، فنحن نعتقد أن العمل الجواري يوصل الرسالة بشكل أسرع وأحسن إلى المعني بالأمر". من جهة أخرى يرى ذات المتحدث أن العمل الجواري لديه أهمية بالغة من حيث التحسيس، لأنه يخرج عن طابعه المألوف، كما أن نتائجه تظهر على المدى المتوسط والطويل، ناهيك عن كونه يعد عملا مكملا للحملات التحسيسية التي تبثها وسائل الإعلام، أي لابد من العمل بالتنسيق والتعاون مع كل الفئات التي تسهم في نجاح الحملة التحسيسية التي تصل في آخر المطاف إلى تغيير سلوك المواطن أو إكسابه سلوكا إيجابيا، وعلى العموم يرى السيد بوعلاق أن نجاح الحملة التحسيسية مرهون بخضوعها لجملة من القواعد، ألا وهي الاعتماد على الوضوح واللغة البسيطة عند مخاطبة المواطن، إلى جانب إيمان المشرفين على الحملات التحسيسية بالرسالة التي يؤدونها (أي البحث عن مختصين) دون أن ننسى وجوب أن تعرض الحملة التحسيسية في قالب جذّاب يستقطب اهتمام المتتبع ويسهم في تثقيفه وتوعيته.