قال السيد عبد الحميد بوعلاق رئيس الجمعية الوطنية للإغاثة من الالتهابات الكبدية وعضو مكتب الفدرالية الدولية لالتهاب الكبد الفيروسي، في إطار إحياء اليوم الوطني لهذا المرض، بأن هذا الأخير يعتبر مشكلا بالنسبة للصحة العمومية في الجزائرو وهو ما يعكسه عدد المصابين الذي فاق مليون ونصف مليون جزائري أي بنسبة 2.5 بالمائة بالنسبة للالتهاب الكبد الفيروسي من صنف "ب"، فيما بلغ عدد المصابين بالالتهاب الكبدي من صنف "س" ما معدله 2.7 بالمائة. وتكمن خطورة المرض حسب ذات المتحدث، في أن التهاب الكبد الفيروسي يعد من الأمراض الصامتة التي لا تظهر أعراضها وبالتالي يأتي اكتشاف المرض في مرحلة متأخرة مما يؤدي إلى صعوبة العلاج، وهو ما يفسر انتشاره الواسع، حيث يؤدي المرض بنسبة 90 بالمائة إلى قتل المصابين به. وعن الطريقة التي تعتبر أكثر شيوعا في تنقل هذا الفيروس، يؤكد رئيس الجمعية بأنها تأتي بالدرجة الأولى من أطباء الأسنان الذين لا يملكون وسائل التعقيم الحديثة، لأن الاعتماد على طرق التعقيم التقليدية يساعد على تنقل الفيروس من شخص لآخر، خاصة في ظل غياب نص قانوني يلزم المواطن بإجراء فحوص للتأكد من عدم إصابته بالفيروس. وعلى مستوى العالم، أشار ذات المصدر إلى وجود أكثر من 500 مليون حامل للفيروس من صنف "ب" و"س" أي بمعدل 1من 12 شخصا في العالم، ويتسبب المرض قتل مليون شخص كل سنة بينما يسجل العالم سنويا مليون ونصف مليون مصاب جديد. وعن مطالب الجمعية الجزائرية للإغاثة من الالتهابات الكبدية، أوضح السيد بوعلاق، إلى أنه في إطار الغياب التام لبرنامج وقائي وعلاجي على المستوى الوطني للتكفل بهذا الداء الخطير، دعا بصورة ملحة وزارة الصحة للإسراع في وضع وتطبيق برنامج استعجالي من خلال القيام بدراسات مكثفة لمعرفة حقيقة هذا المرض بالجزائر والعمل ايضا على تكوين الأطباء المتخصصين الذين يجهلون الطرق الطبية الصحيحة للتكفل بمرضى التهاب الكبد الفيروسي، خاصة من صنف "ب" الذي يعد معقدا وسبل علاجه المتاحة اليوم تؤدي إلى توقف انتشاره فقط ولا تقضي عليه. الوقاية هي السبيل الوحيد للحد من المرض من جهته، تطرق البروفيسور سعدي بركان، (بروفيسور بمستشفى باينام)، من خلال مداخلته، إلى أهمية التطبيق الفعلي للتوصيات المتعلقة بالتهاب الكبد الفيروسي والمنبثقة عن اليوم البرلماني المنعقد يوم 4 جوان 2009 والتي برأيه لم تأت بجديد، لأنها مطالب رفعتها جمعية الإغاثة من الالتهاب الكبدي منذ 2007 إلى مكتب وزارة الصحة وظلت مجرد حبر على ورق، حيث ركز ذات المصدر على ضرورة التعجيل بتطبيق أهم التوصيات المتعلقة خاصة بوجوب وضع برنامج وطني وقائي يقوم على العمل الميداني في المناطق الأكثر تضررا بهذا الوباء، إلى جانب القضاء على الممارسات السلبية من طرف أطباء الأسنان وغيرهم، سواء بالقطاع العام أو الخاص، فيما يتعلق بطرق التعقيم المعتمدة للقضاء نهائيا على الفيروس، ناهيك على ضرورة توسيع إجراءات التلقيح إلى الفئات المولودة قبل 2003 بعد أن أصبح التلقيح ضد الالتهاب الكبدي إجباريا مطلع 2003، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل الحاملات لفيروس "ب" وذلك لتفادي انتقاله إلى الجنين، إلى جانب التأكيد على توفير التحاليل على المستوى الجهوي من خلال وضع برنامج للكشف على مستوى الوحدات الجوارية، وحول هذا قال البروفيسور بركان انه على الرغم من أن وزارة الصحة تكفلت بتوفير الأدوية إلا أن الأمر لم يحل المشكل، وهو ما يفسره الارتفاع الكبير لعدد المصابين الذين يفوق عددهم مليون مصاب، وحسب رأيه، فإن مرحلة وصف الدواء لا تأتي إلا بعد إجراء التحاليل ولأن مدة العلاج تفوق السنة فإنه ينبغي إخضاع المريض للمراقبة المستمرة لمعرفة ما اذا كان الدواء فعالا أو لا، كل هذه الأمور غائبة من الناحية الميدانية بسبب ضعف تكوين الأطباء الذين يجهلون الطرق الحديثة للعلاج وكيفية متابعة المريض في ظل غياب مراكز متخصصة لإجراء التحاليل والكشوفات المبكرة، ناهيك عن قلة التوعية بأهمية اللجوء إلى الأساليب الوقائية التي تمنع انتشار المرض بسبب ضعف الحملات التحسيسية، فنعالج مثلا عشرة مصابين لنكتشف وجود عشرة مصابين آخرين. الأعراض تظهر بعد استفحال المرض التقت" المساء" ببعض المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي، وعن ما عاشوه من معاناة بسبب المرض والمشاكل التي واجهوها خلال فترة العلاج، حدثنا الشاب "ع. ب" البالغ من العمر 32 سنة وناشط بالجمعية الوطنية للإغاثة من التهاب الكبد الفيروسي، الذي قال انه اكتشف إصابته بالمرض بمحض الصدفة حين لجأ إلى إجراء مجموعة من التحاليل بعد شعوره بالتعب والإرهاق من دون وجود سبب واضح، حيث أظهرت التحاليل ارتفاع بعض العناصر في دمه، ولأنه اشتبه في الأمر، توجه مباشرة إلى شبكة الانترنت وحاول البحث عن تفسير، ليكتشف أن تلك المؤشرات تدل على انه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي والذي من احد نتائجه انه يتسبب في تلف الكبد والإصابة بعد تطوره إلى سرطان... صدمة كبيرة دفعته إلى التوجه على جناح السرعة إلى الطبيب بغية البدء الفوري في العلاج، حيث دامت مدة العلاج سنة كاملة أدركت خلالها كما يضيف أني مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي من صنف "س". وعن الطريقة التي أصيب بها أرجعها بنسبة 99 بالمائة إلى طبيب الأسنان، لذا يوجه الشاب "ع. ب" نصيحة إلى كل من يزورون أطباء الأسنان بضرورة الخضوع للفحص للتأكد من عدم إصابتهم بالمرض، خاصة وان أعراض هذا المرض لا تظهر إلا بعد استفحاله وهو ما يعقد عملية العلاج. إصابتي جعلتني أنشئ فرعا للجمعية من جهته، حدثنا السيد نور الدين مصباحي، ممثل عن الجمعية الجزائرية لمكافحة التهاب الكبد بعنابة ومصاب بالفيروس من صنف "س"، قائلا "رغم أني خضعت للتلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي من صنف "ب" إلا أنه بحكم عملي بقطاع الصحة كتقني سام التقطت الفيروس نتيجة حادث مهني حيث ثبتت إصابتي به بعد خضوعي للتحاليل، ولعل أهم مشكل واجهته مطلع 2004، أن القطاع الصحي بعنابة كان يجهل كليا كيفية التكفل بالمريض المصاب بالتهاب الكبد الفيروسي من صنف "س"، بسبب غياب مراكز متخصصة لتقديم معلومات وافية عنه، الأمر الذي تطلب تنقلي إلى العاصمة للعلاج بمستشفى مصطفى باشا، في هذه المرحلة بالذات فكرت في إنشاء فرع تابع للجمعية من اجل أن يتم التكفل بالمصابين بهذا المرض على مستوى الولاية دون الحاجة إلى التنقل، بعدها ظهر مشكل آخر يتمثل في أن المصاب بالفيروس بعد خضوعه للعلاج لمدة ستة أشهر، يتوجب عليه إجراء بعض التحاليل للتأكد من أن الدواء فعال أو لا وان كان الأمر يتطلب تغير العلاج، إلا أن هذه التحاليل لا تجرى إلا بمعهد باستور المتواجد بالعاصمة والنتائج لا تصلنا إلا بعد أشهر وهو الأمر الذي يؤثر على علاج المصابين، بل ويؤثر على فعالية العلاج في حد ذاتها، لذا نحن اليوم نطالب بضرورة فتح مراكز متخصصة عبر كافة التراب الوطني تضم أطباء أكفاء لديهم تكوين جيد ودراية واسعة بهذا المرض.