اختتمت القمة العاشرة للإتحاد الإفريقي أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد تجديد رؤساء الآليات التي يضمها الإتحاد، وتأكيد التزام قادة القارة بتسريع وتيرة التنمية الصناعية من خلال اعتماد سياسات وبرامج لتحويل الموارد الطبيعة إلى منتجات ذات قيمة مضافة أكبر في إفريقيا· فيما تبنت الدورة ال18 للجنة المكلفة بتنفيذ النيباد التوصيات التي خلصت إليها قمة الجزائر بشان إدماج النيباد في الاتحاد الإفريقي· وقد تميزت هذه الدورة التي تزامنت مع عقد القمة ال18 لرؤساء الدول والحكومات المكلفة بتنفيذ النيباد والمنتدى الثامن للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، بانتخاب رؤساء جدد لآليات الإتحاد الإفريقي، حيث خلف الرئيسي التانزاني السيد جاكايا كيكويتي، نظيره الغاني جون كوفور، على رأس الإتحاد الإفريقي، بينما انتخب الرئيس الغابوني السيد جان بينغ رئيسا لمفوضية الإتحاد، وانتخب السيد رمطان لعمامرة محافظا للسلم والأمن بالإتحاد خلفا للسيد سعيد جنيت· وتضمن البيان الختامي للقمة التزام رؤساء الدول والحكومات الإفريقية باعتماد سياسات وبرامج لتحويل الموارد الطبيعة إلى منتجات ذات قيمة مضافة أكبر في إفريقيا والإسراع بإنشاء البنك الإفريقي للإستثمار وترقية أسواق رؤوس الأموال الجهوية والقارية، وطالبوا شركاء التنمية باعتماد سياسات وتدابير ترمي إلى تشجيع المؤسسات على زيادة الاستثمار في مجال التحويل المحلي للموارد الطبيعية الإفريقية· وفي هذا الإطار أكدت الجزائر من خلال مداخلة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في القمة، أهمية تعزيز الشراكة بين البلدان الإفريقية من أجل تقوية الدينامية الداخلية للنمو في القارة، على أن تستند هذه الشراكة الشاملة إلى برامج أعمال عملية ومتكاملة تستفيد من المزايا المقارنة التي تتيحها التكاملات الإستراتيجية، وتحدد المشاريع المباشرة في إطار مبادرة النيباد الطريق الذي يجب انتهاجه· وسجل الرئيس بوتفليقة بالمناسبة بعض الفوارق في النمو بين دول القارة رغم أن الاقتصاد الإفريقي يسجل منذ سنوات متتالية نموا تعدت نسبته 5 بالمائة، مسجلا التقدم المحقق في مجال الصادرات الإفريقية التي تبشر بانعكاسات إيجابية على الميزان التجاري لاقتصاديات القارة على حد تأكيده، داعيا في السياق إلى ضرورة دعم النمو في إفريقيا ببذل جهد أكبر لتنويع الاقتصاد والحد من التبعية للصادرات من المواد الأولية ومن الخطر الناجم عن تطور شروط التبادل· وبعد أن تطرق إلى التحديات التي تعترض دول القارة، أبرز رئيس الجمهورية أهمية تنمية الصناعة للوقاية من تقلبات الدهر، وعلى اعتبارها الوسيلة المثلى لدعم مسار نمو مستدام واندماج مثمر في الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن الصناعة هي قبل كل شيء أفضل ضامن لتحقيق نمو قوي في القارة· غير أن نجاعتها تستدعي ايلاء عناية خاصة لجودة المورد البشري والانسجام بين المنظومة التربوية والتكوينية والتطور الصناعي· وبغية ضمان تنفيذ المشاريع وتفعيل أداء مبادرة الشراكة الجديدة للتنمية في إفريقيا (نيباد) أكد السيد عبد العزيز بوتفليقة في كلمته أمام الدورة ال18 للجنة رؤساء الدول والحكومات المكلفة بتنفيذ المبادرة ضرورة تنفيذ التوصيات التي أسفرت عنها القمة الاستثنائية التي عقدت في الجزائر شهر مارس الفارط، في أقرب الآجال، وأبرز ضرورة استكمال مسار إدماج النيباد ضمن الهياكل والقضايا الإجرائية للاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أن التأخر الذي سجله هذا المسار بدأت انعكاساته السلبية تتجلى على مستوى تناسق العمل الجماعي للقارة وفي علاقة التعامل مع الشركاء في التنمية· ولاحظ رئيس الجمهورية من جهة أخرى أن مبادرة النيباد سمحت للقارة الإفريقية بالالتحاق بنهج التنمية وإدراك مدى الجهود التي يجب بذلها للاستجابة بصفة كاملة للتطلعات الملحة للشعوب الإفريقية، مشددا في هذا الصدد على ضرورة مواكبة التحولات الدولية الراهنة وعلى مرافقة الشركاء والمجموعة الدولية للقارة في جهودها الرامية إلى مكافحة الفقر ودعم التنمية· وذكر الرئيس بوتفليقة بتزايد الاهتمام الدولي من أجل إقامة شراكات جديدة مع القارة، مشيرا إلى أنه وبعد قمة الصين-إفريقيا سنة 2006، وما خلصت إليه من توصيات إيجابية تم عقد لقاءات مماثلة مع الإتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية، وتواصل الحوار والتشاور الرفيع المستوى مع مجموعة الثماني، مشددا في هذا الإطار على أن لا يكون تعدد هذه الشراكات نتيجة أو مظهرا لمطامع جديدة تخص ثروات القارة·وأمام المنتدى الثامن للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء أكد السيد بوتفليقة، أن إفريقيا أدركت أهمية حكم سياسي واقتصادي سليم لضمان نجاح البرامج التنموية، مشيرا إلى انه اتضح اليوم جليا أن نقص الموارد المالية والمادية والإنسانية يمكن تداركها أو على الأقل التخفيف من أثرها من خلال تحديث وترقية قواعد الحكم وإنشاء محيط قانوني ومؤسساتي وتسييري تطغى عليه العقلانية· واعتبر رئيس الجمهورية أن التوجه الإيجابي في صالح الحكم الراشد يحث جميع دول القارة إلى التفكير في أنسب الوسائل الكفيلة بتحسين سير الأدوات التي تم استحداثها من أجل ترقية الحكم والاستفادة المتبادلة من الخبرات، معربا عن أمله في أن تلتحق جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بهذه الديناميكية بسرعة· على صعيد آخر أعربت القمة العاشرة للإتحاد الإفريقي في تقييمها لعمل مجلس السلم والأمن الذي تضمن الجزائر رئاسته لعهدة جديدة، عن ارتياحها للجهود المبذولة بغية ترقية السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا، وهذا بالرغم من الانشغالات التي عبرت عنها أمام العنف والتوتر الذي أعقب الانتخابات في كينيا والوضع في الصومال، والتوتر القائم بين السودان والتشاد· وجدد القادة الأفارقة من جانب آخر التزامهم الشديد لصالح مبادئ الحكم الراشد والديمقراطية ودولة القانون والمسؤولية للتسيير السليم للاقتصاد الكلي الضروري للتنمية السريعة للدول الافريقية، أما بخصوص الشراكة أشادت الندوة بالجهود المكثفة التي تبذلها اليابان قصد ترقية السلم والرفاهية في إفريقيا ومبادرتها على تنظيم مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية إفريقيا من 28 إلى 30 ماي 2008 بيوكوهاما·كما تم بمناسبة القمة الموافقة على إنشاء الصندوق الإفريقي للتربية والعلوم والتكنولوجيا· وتقرر خلال اليوم الثاني من أشغال القمة عقد اجتماع استثنائي للمجلس التنفيذي للإتحاد الإفريقي في أجل أقصاه ثلاثة أشهر يخصص لدراسة تقرير تدقيق الحسابات، أما فيما يتعلق بمشروع حكومة الإتحاد الإفريقي الذي بادر به قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي، فقد قررت القمة ترقية اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها خلال قمة أكرا للمضي قدما بالمشروع إلى مستوى لجنة لرؤساء الدول تضم كذلك رئيسي غانا وتانزانيا بصفتهما الرئيس الأسبق والحالي للإتحاد الإفريقي· وذلك لإعداد تقرير يتم بحثه خلال القمة القادمة المزمع عقدها في شهر جويلية القادم بشرم الشيخ· في حين اختتمت أشغال الدورة ال18 للجنة رؤساء الدول والحكومات بتبني التوصيات ال13 التي خلصت إليها قمة الجزائر بشان إدماج النيباد في الاتحاد الإفريقي، واتخاذ جملة من القرارات الرامية إلى بعث مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا، تشمل تعيين مدير تنفيذي جديد لأمانة النيباد وانتهاج إجراء جديد يقضي بنشر إعلان خاص بهذا المنصب في الصحافة، مع توجيه دعوة لبعض البلدان التي تأخرت في دفع إسهاماتها إلى الوفاء بالتزاماتها المالية تشجيعا للسير الحسن لهذه الهيئة· وقرر القادة الأفارقة تنظيم انتخابات بمختلف مناطق إفريقيا للخروج بتشكيلة جديدة للجنة متابعة تنفيذ النيباد التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ إنشائها، على أن تجري هذه الانتخابات قبل شهر جوان المقبل·