احتضن نادي الجيش، أمس، فعاليات الملتقى الدولي الخاص بذكرى مبايعة الأمير عبد القادر وذلك بمشاركة باحثين وخبراء من الجزائروفرنسا وتركيا والمغرب، وسوريا والأردن والكويت، تطرقوا جميعا الى أهمية هذه المبايعة الفريدة من نوعها في التاريخ الاسلامي المعاصر، حاثين على ضرورة كشف كنوز التراث الذي خلده مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. الجلسة الصباحية التي شهدت حضورا قويا افتتحها الأستاذ آيت حمّو الذي تناول جانبا من حياة الأمير خاصة فيما يتعلق بمبايعته في مسقط رأسه بغريس، كما تطرق إلى كفاحه الأدبي وإلى مواقفه الانسانية التي أبهرت العالم، ليتحدث عن الهجمة الشرسة التي تريد النيل من تراثه ومن تاريخ الجزائر ، كالادعاء بأنه سقط في الماسونية، علما أن هذه الحركة في بداياتها كانت تستهدف كبار شخصيات العالم كي تدعي أنها معها لتحقق مآربها خاصة الاستعمارية منها، اضافة الى حملة التشكيك في كتاب »المواقف« خاصة من طرف من لم يطلعوا كما ينبغي على الكتاب اسقطوا أجزاء منه عن جهل. كما قدمت الدكتورة ليلى خليفة من الأردن محاضرة بعنوان »الجوانب العرفانية والفلسفية، لمفهوم البيعة والميثاق عند الشيخ الأكبر« والشيخ الأكبر هو ابن عربي الذي عشقه الأمير عبد القادر وطلب أن يدفن إلى جواره. وأشارت الى أن ابن عربي عمل بالبيعة وأحسن فيها باعتبارها أثرا ربانيا ونبويا، ويقول هذا المتصوف أن مبايعة اللّه أكبر مبايعة. تدخّل بعدها الدكتور فهد سالم الرشاد ممثل دولة الكويت بالأليسكو بمحاضرة عن »التصوف ودوره في التراكيب اللغوية لدى الأمير، موضحا أن لغة الأمير تشبه لغة ابن عربي تحمل معاني وإشارات صوفية مرتكزة على الوصف والتحليل والقراءة، وذات فضاء ذهني واسع، لنجد أن الجملة الفعلية فيه طويلة طول وشساعة هذا الفضاء. الدكتور دلاقر كرار من جامعة سلجوق بتركيا حملت محاضرته عنوان »الأمير عبد القادر ضيفا على الباب العالي: شهادات وحقائق من الأرشيف العثماني" وأكد أن معه 120 وثيقة تارخية عن الأمير يرجع تاريخها الى 1852 حتى 1883، ومن تلك الوثائق هناك اتفاقيات أمضاها الأمير، وثائق متعلقة بإقامته في اسطنبول وبورسة اضافة الى حياته بدمشق. المحاضرة التي جلبت الاهتمام الكبير هي تلك التي قدمها الدكتور احميدة عميراوي من جامعة قسنطينة، بعنوان "البعد الروحي للأمير في الفعل الحضاري" ليؤكد فيها أن النظام السياسي في الجزائر خلال القرن (18) كان مختلفا عما كان عليه في العالم الاسلامي فالحكم يتم بالمبايعة ( عكس التوريث مثلا) وهي نص شرعي واجتهادي فقهي وروحي، موضحا أنه قام بدراسة بنيوية عنها وعن بيان 1 نوفمبر 1954 اللذين يحملان نفس الهوية. المحاضر قال إن الأمير انطلق من الريف الى المدينة فالعالم كسب شرعية الحكم تماما كما كسبها أحمد باي من خلال مبدإ الشورى . وأشار المحاضر الى أن البيعة كانت خطرا على فرنسا وبعض الأنظمة المجاورة والتي سرعان ما حاولت ضرب تجربة الأمير الرائدة في العالم الاسلامي، ليقول أن "المبايعة كانت حلا من أجل تركيز الهوية الجزائرية وكانت قوة ردع رغم ابداعها اللغوي وخصوصيتها الجزائرية تماما كما هو الحال مع بيان 1 نوفمبر. للإشارة فإن الأشغال ستستمر طوال اليوم لتشهد تنظيم موائد مستديرة تجمع الباحثين ورفع التوصيات التي سيقرأها الدكتور اوعمران فيما ستنتقل الوفود غدا الخميس الى معسكر.