أفسدت السلطات المغربية أمس أجواء التفاؤل التي سبقت اجتماع ارمونك بضاحية مدينة نيويورك بين وفدها المفاوض ونظيره الصحراوي عندما تعمدت استباق انطلاق المفاوضات بالتأكيد مرة أخرى زاعمة أن فكرة الاستفتاء في الصحراء "غير واقعية" ولا يمكن تجسيدها على أرض الواقع. ويدخل مثل هذا التصريح في سياق الخطة المغربية لإفشال هذه الجولة من المفاوضات التي حرص الأمين العام الأممي وموفده الخاص إلى الصحراء الغربية على إجرائها بهدف التوصل إلى أرضية توافقية بين طرفي النزاع تمهيدا لعقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بدليل أن التصريح جاء ساعات فقط قبل بدء روس في وساطته. وأكدت مصادر مغربية مقربة من الحكومة على هذا الموقف بعد أن كانت مهدت له قبل أيام على لسان وزير الخارجية المغربي طيب فاسي الفهري الذي زعم مغالطا الرأي العام الدولي بأن الجزائر وجبهة البوليزاريو تتعمد إفشال مسار المفاوضات وراح يربط في مقاربة غير منطقية بين نزاع الصحراء الغربية ومسألة الحدود الثنائية بين الجزائر والمغرب. والمفارقة أن الجزائر والجانب الصحراوي عبرا عن دعم كل الجهود الأممية التي تهدف إلى وضع حد لمأساة الشعب الصحراوي القابع تحت الاحتلال المغربي طيلة 35 عاما وأبدتا ليونة في مواقفهما بهدف تسهيل مهمة كريستوفر روس. وأكدت جبهة البوليزاريو أمس عن استعدادها لإبداء تعاون بناء مع جهود الأممالمتحدة في رد على استمرار تعنت الجانب المغربي وتمسكه بمواقفه من خلال محاولة بوضع الشروط المسبقة وفرض الأمر الواقع من خلال احتلاله اللاشرعي لإقليم الصحراء الغربية. وتقع نية إفساد أجواء الجلسة غير المباشرة بعد أن أكدت مصادر مغربية أن الوفد المغربي سيعيد خلال اجتماع أمس واليوم نفس الموقف القديم بتحميل جبهة البوليزاريو مسؤولية عرقلة مسار المفاوضات. وأكدت أن خيار تقرير المصير عبر تنظيم استفتاء شعبي عام يبقى خيارا لا يمكن تطبيقه ومستبعد جدا. وتكون الرباط بذلك قد وضعت نفسها طرفا وحكما في آن واحد في مفاوضات لا تتحكم في كل خيوطها وهي تدرك ذلك جيدا ولكنها تريد فقط تعكير أجوائها ربحا للوقت وأيضا من اجل التغطية على الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة. وبطبيعية الحال فإن المغرب مازالت تصر على أن الحكم الذاتي الموسع يبقى أفضل حل للنزاع في الصحراء الغربية ودعت جبهة البوليزاريو إلى التحلي بالواقعية التي تريدها على المقاس والتي تمكنها من ضم الصحراء الغربية على طبق من ذهب وطمس إرادة الشعب الصحراوي التي ناضل من اجلها طيلة 35 عاما. وتبرر الرباط موقفها بدعوى أن الاستفتاء لا يلقى التأييد في الأممالمتحدة من منطلق أن كل الحالات المماثلة تمت بالتفاوض. وتناست المصادر الرسمية المغربية أن تجربة تيمور الشرقية مازالت في الأذهان وعندما توفرت الإرادة الدولية تمكن هذا الشعب من تحقيق الاستقلال عن دولة مثل اندونيسيا.