يلتقي وفدا المفاوضات الصحراوي والمغربي يومي الأربعاء والخميس القادمين في إحدى ضواحي مدينة نيويوركالأمريكية في جولة مفاوضات غير رسمية برعاية أممية بهدف تحريك مسار التفاوض بينهما على أمل التوصل إلى أرضية توافقية تنتهي بعقد جولة مفاوضات خامسة مباشرة. وكشفت مصادر الأممالمتحدة عن هذا اللقاء دون أن تعطي أي توضيحات إضافية بخصوص هذه الجولة الجديدة من المفاوضات واكتفى فرحان حق الناطق باسم الأمين العام الأممي بالقول أنّ بان كي مون جد مرتاح لقبول طرفي النزاع الصحراوي مقترح الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وأضاف بأن بان كي مون "يشجع الطرفين على إحراز تقدم آخر" ويحثهما على مباشرة "محادثات جوهرية ومثمرة". ويعد لقاء الأسبوع القادم ثاني اجتماع من نوعه تحت إشراف الموفد الاممي الجديد إلى الصحراء الغربية الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس بعد لقاء العاصمة النمساوية فيينا في العاشر من شهر أوت الماضي والذي انتهى دون أن يتمكن هذا الأخير من كسر صخرة العقبة المغربية التي حالت دون تحقيق أي تقدم على طريق التسوية النهائية لهذا النزاع الاستعماري القائم منذ 35 عاما. ويجهل ما إذا كان اللقاء سيتم في منتجع مانهاست الذي شهد أربع جولات من المفاوضات المباشرة برعاية الهولندي بيتر فان فالسوم ولكنها انتهت إلى الفشل شهر أفريل سنة 2008 بعد أن فجر الموفد الأممي الخاص قنبلة في طريق هذه المفاوضات عندما إنحاز صراحة إلى جانب فكرة الضم المغربية تحت غطاء بديل الحكم الذاتي وبدعوى أن الحديث عن استقلال الصحراء الغربية "غير واقعي" عاما بعد انطلاق مساعيه لإنهاء هذا النزاع. ولا يهم مكان انعقاد الجولة الجديدة كثيرا حتى وإن جرت في مانهاست بقدر ما يهم معرفة درجة الاستعداد المغربية في التعاطي الإيجابي مع المقترحات التي يكون المبعوث الخاص الأممي أعدها وسيطرحها على وفدي الجانبين الأربعاء القادم. ولكن الخرجة الأخيرة لوزير الخارجية المغربية طيب فاسي الفهري واتهامه للجزائر وجبهة البوليزاريو بعرقلة المفاوضات مؤشر سلبي سبق هذه الجولة الجديدة من المفاوضات وبما يرجح فرضية فشلها. وتكون الرباط قد أرادت من اتهاماتها استباق الأحداث لتهيئة الأجواء بفشل الجولة بعد أن أصر مفاوضوها على التشبث بفكرة الحكم الذاتي على أنها الحل الوحيد الذي تريد فرضه وإعطاء شرعية له من خلال هذه المفاوضات في وقت لم تصد فيه جبهة البوليزاريو الباب حتى أمام هذه الفكرة ولكنها طالبت بوضع خيار الاستفتاء ضمن البدائل ولتكون الكلمة النهائية للشعب الصحراوي. ويكون روس قد استخلص الكثير من النتائج من خلال اتصالاته التي أجراها مع طرفي النزاع منذ لقاء فيينا الذي كان أول جلسة مفاوضات يشرف عليها منذ تكليفه بمهمة تقريب المواقف وبحث أفضل السبل لإنهاء النزاع. والمؤكد أن لقاء نيويورك القادم سيكون مناسبة للدبلوماسي الأمريكي لاستخلاص الدروس والتأكد من الجهة المعرقلة لمجهوداته. ولكن الشيء الإيجابي في هذه التطورات يجب التأكيد عليه أن مطالب الطرف الصحراوي بوقف الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية لاقت من يأخذ بها بعد أن طالب كريستوفر روس من مجلس الأمن الدولي بضرورة توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية "مينورسو" لتشمل مراقبة وضعية حقوق الإنسان في المدن المحتلة. وكشفت صحيفة "الباييس" الاسبانية أمس أن روس أعلن خلال اجتماع مغلق أمام مجلس الأمن يوم 28 جانفي الماضي أن "قضية حقوق الإنسان ستحتل صدارة الاهتمام حين يتم تجديد عهدة المينورسو في أفريل القادم". وقال انه "على مجلس الأمن أن يهتم بالقضية ويدعمها" وستدرج هذه القضية في التقرير الذي سيقدمه الأمين العام شهر أفريل للمجلس الذي سيفصل في تاريخ تجديد المينورسو. وأكدت الصحيفة الإسبانية أن الإضراب عن الطعام الذي شنته المناضلة الصحراوية لحقوق الإنسان اميناتو حيدر في مطار لانزاروتي في نهاية السنة الماضية جعل الأممالمتحدة تدرك انه يجب أن تكون لبعثتها صلاحيات أيضا لمراقبة وضعية حقوق الإنسان. والواقع انه لا كريستوفر روس ولا الأممالمتحدة باستطاعتهما القفز على حقيقة الانتهاكات الحاصلة في الأراضي الصحراوية المحتلة لأن ذلك يصب في جوهر مهمتهما وكل تجاهل لمثل هذا الأمر يعني أن مساعي روس ستؤول إلى الفشل تماما كما حصل مع كل المساعي السابقة في وقت فضحت فيه كل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الدولية تلك الممارسات البشعة المسلطة على السكان الصحراويين. ولم تكن صرخة الحقوقيين الصحراويين اول أمس ودخولهم في إضراب عن الطعام اليوم إلا اكبر دليل على ما يعانيه الصحراويون من مآسي إنسانية بل أن ذلك يبقى سوى الجزء الظاهر من جبل جليد انتهاكات حقوق الانسان في الصحراء الغربية وقد حان الوقت لفضح ما تحته.