قرر كريستوفر روس المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية القيام بجولة جديدة إلى المنطقة قريبا من أجل تعميق محادثاته مع جميع الأطراف مباشرة بعد انتهاء المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليزاريو بمنتجع وست تشيستر في شمال مدينة نيويوركالأمريكية مساء أول أمس الخميس. ويرجح أن يعود الدبلوماسي الأمريكي إلى المنطقة الشهر القادم في مسعى جديد للتحضير لجولة مفاوضات غير رسمية ثالثة أو حتى الدخول في مفاوضات مباشرة خامسة استمرارا لجولات المفاوضات الأربع التي أجراها سابقه الهولندي بيتر فان فالسوم منذ جوان سنة 2007 والى غاية نهاية مارس سنة 2008. وجاء قرار كريستوفر روس بالعودة إلى المنطقة بعد يومين من المفاوضات غير الرسمية وفشله في تقريب المواقف بين وفدي جبهة البوليزاريو بقيادة رئيس البرلمان الصحراوي محفوظ علي بيبا والمغرب برئاسة وزير الخارجية طيب فاسي الفهري وبهدف الإعداد لمفاوضات مباشرة جديدة عاما بعد توقفها في مانهاست الأمريكية. ولم يشأ روس الكشف عن أسباب هذا الفشل واكتفى بالإشارة في تصريح مكتوب إلى أن المقترحين المقدمين من وفدي طرفي النزاع قد تمت مناقشتهما بالرغم من أن "أيا من الطرفين لم يقبل مقترح الطرف الآخر كقاعدة وحيدة للمفاوضات المقبلة". ويعد هذا ثاني فشل للموفد الأممي الخاص في اقل من ستة أشهر بعد لقاء مماثل بالعاصمة النمساوية في العاشر أوت الماضي وكان ذلك اول لقاء يعقده مع وفدي جبهة البوليزاريو والمغرب منذ استلامه لمهامه كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأقرت الأممالمتحدة التي ترعى هذه المفاوضات في بيان لها بفشل لقاء وست تشيستر بسبب عدم "تمكنهما من تجاوز خلافاتهما". ورغم النتيجة السلبية لهذا اللقاء فإن بيان الأممالمتحدة أكد أن طرفي النزاع تمسكا بضرورة مواصلة المفاوضات، وأنهما شاركا في هذه المفاوضات بروح المسؤولية والجدية اللازمة وفي إطار الاحترام المتبادل". وقال محمد خداد عضو الوفد الصحراوي المفاوض بخصوص ما دار في هذه الجلسات المغلقة أنه تم التطرق إلى مسألتي حقوق الإنسان وإجراءات الثقة متهما المغرب بمحاولة فرض سياسة الأمر الواقع برفض وفده كل فكرة لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول وضعية حقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة أو إدراج الوضعية الحقوقية تحت مراقبة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية أو المحافظة الأممية السامية للاجئين. وتكون وضعية حقوق الإنسان وإدراجها لأول مرة في المفاوضات الثنائية بين طرفي النزاع هي التي فجرت اجتماع اول أمس بعد أن وجد الطرف المغربي نفسه في قفص الاتهام بسبب المضايقات والملاحقات التي يتعرض لها السكان والحقوقيون الصحراويون في المدن المحتلة والذين زج بهم في المعتقلات والسجون المغربية. كما أن تمسك الطرف المغربي هذه المرة أيضا بفكرة الحكم الذاتي كحل غير قابل للنقاش يكون قد ساهم بقسط كبير في إجهاض هذه المحاولة الأمميةالجديدة وهي الفكرة التي دافع عنها رئيس الوفد المغربي طيب فاسي الفهري ووزير الاتصال المغربي خالد الناصري اللذين حاولا تبرير أمر واقع استعماري مرفوض ليس فقط من طرف الشعب الصحراوي ولكن أيضا من طرف كل المجموعة الدولية. فبينما لم تقفل جبهة البوليزاريو الباب أمام هذا الخيار وحتى خيار الانضمام إلى السيادة المغربية ولكن دون التفريط في بديل الاستفتاء وتقرير مصير الشعب الصحراوي فإن المغرب بقي متشبثا بفكرة الحكم الذاتي بدعوى أنه يحظى بالأولوية في نظر مجلس الأمن الدولي وبقناعة أن الصحراء الغربية هي جزء من الأراضي المغربية في زعم ليس له أي أساس قانوني أو سياسي. وهو الزعم الذي استنكره رئيس الوفد الصحراوي المفاوض ورئيس البرلمان الصحراوي محفوظ علي بيبا وعبر عن أسفه لإصرار المغرب على مواصلة تعنته ورفضه الانصياع للشرعية الدولية خلال جولة المفاوضات غير الرسمية بنيويورك. وجدد الوفد الصحراوي التأكيد على ضرورة خلق آلية لحماية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية تحت إشراف الأممالمتحدة، وهو ما اعتبره رئيس الوفد الصحراوي في تصريحه ضمان لفرص نجاح المفاوضات وبداية لخلق أجواء من الثقة المفقودة لدى الصحراويين في الطرف المغربي المعروف بانتهاكاته لحقوق الإنسان وتراجعه عن التزاماته مع المنتظم الدولي.