تستعد مدينة القيروان، عاصمة الإسلام الأولى في إفريقيا، لاحتضان تظاهرة احتفالية عربية إسلامية كبرى تصادف يوم المولد النبوي الشريف، وتختتم بها سلسلة الفعاليات والأنشطة الفكرية والعلمية المتنوعة التي شهدتها خلال الأشهر الأخيرة بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2009. وكانت القيروان التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009، قبلة لكثير من الشخصيات الفكرية والعلمية والثقافية والدينية واحتضنت خلال عام كامل حوالي 150 تظاهرة توزّعت بين المؤتمرات الدولية والندوات واللقاءات والمعارض والمهرجانات والأسابيع الثقافية والعروض الفنية. وتناولت هذه التظاهرات المتنوّعة بالبحث والدراسة، قضايا ذات أهمية مثل "حوار الحضارات والتنوّع الثقافي" و"إشعاع القيروان عبر العصور" و"حضور الإسلام في الحضارة العربية في شمال المتوسط" وغيرها من الأنشطة، الشيء الذي عزز دور القيروان كمنارة إسلامية تستعيد إشعاعها الديني وتوهجها الحضاري والفكري، خاصة وأنها تُعدّ أول عاصمة للإسلام في إفريقيا. ومن بين فقرات احتفالية الاختتام التي ستعيش القيروان على وقعها، تدشين معلم تذكاري يخلد احتفال المدينة باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية ويكرّس دورها الريادي في إثراء الحضارة العربية الإسلامية، خاصة والحضارة الإنسانية عامة، كما يشهد حفل الاختتام أيضا عرضا للموسيقى الصوفية تحت عنوان "بحور العشق" يقدمه الفنان التونسي المهاجر خالد بن يحيى بمشاركة نخبة من الفنانين. وثابرت تونس خلال العقدين الأخيرين على تنظيم ندوات علمية وفكرية بالاشتراك مع منظمات إسلامية ودولية عديدة، في إطار مقاربة فكرية سياسية تشجع على الاجتهاد المستنير بما عزز الصورة السمحة والمشرقة للدين الإسلامي الحنيف. يشار إلى أنّ تونس، ومنذ تغيير السابع من نوفمبر 1987، أولت القيروان اهتماما متميزا ونجحت في إعادة تفعيل دورها كمنارة للحضارة إسلامية، من ذلك إحداث مركز للدراسات الإسلامية يشجّع على البحث العلمي في مجال الدراسات الإسلامية والتعريف بأعلام تونس وإفريقيا ومؤلفاتهم ومساهماتهم في مختلف العلوم، وخاصة في علوم القراءات والتفسير والسنة النبوية والفقه. وكانت تظاهرة حفل الافتتاح لاختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009، قد لقيت صدى عربيا وإسلاميا واسعا وأكدت إشعاع ودور المفكرين والمثقفين العرب والمسلمين في تقديم صورة مضيئة للإسلام، باعتباره دين التسامح والوسطية والاعتدال والحوار مع الآخر ونبذ نزعات التطرف والانغلاق. وقد أذن الرئيس زين العابدين بن علي خلال السنة الماضية بالتزامن مع تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، بتلاوة القرآن الكريم في جامع عقبة بن نافع على مدار الساعة، على غرار جامع الزيتونة المعمور، الذي يعد بدوره أحد أبرز المعالم الدينية والحضارية في إفريقيا وفي العالم الإسلامي عامة.