أكّد المؤرّخ والمستشرق الروسي روبيرت لاند، أنّ كلّ ما كتب حول تاريخ الثورة التحريرية المجيدة من طرف مستشرقين روس "عولج بصدق وإخلاص للجزائر"· وذكر المؤرخ الروسي الذي ساهم في كتابة تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية، في محاضرة ألقاها بالمركز الوطني للبحث في الحركة والوطنية وثورة الفاتح نوفمبر، أنّ هؤلاء المستشرقين الذين عرفوا ب "صداقتهم وإخلاصهم" للجزائر، رفضوا كلّ "التشويهات" التي نسبت إلى الثورة التحريرية من طرف مؤرخين غربيين آنذاك· وأشار المؤرّخ الروسي الذي كان قد قلّد بميدالية "أصدقاء الثورة التحريرية" يوم 17 جوان 2005 بمناسبة الذكرى ال50 لاندلاع الثورة التحريرية، تقديرا لإسهاماته الكبيرة في دراسة تاريخ الحركة الوطنية، أنّ لقاءه آنذاك مع العديد من المستشرقين الفرنسيين قد ساعده في توضيح رؤيته حول مواقفهم تجاه القضية الجزائرية· وكان هؤلاء المستشرقون حسبه "يحملون وجهات ورؤى مختلفة حول الثورة التحريرية، فمنهم من كان يؤيد الثورة التحريرية ومنهم من بقي ملتزما بمواقفه المتطرفة تجاه القضية الجزائرية"· وبخصوص مواقف روسيا بالنسبة للقضية الجزائرية، وصف المؤرخ والباحث الروسي هذه المواقف ب "الإيجابية والمساندة" للجزائر· ولدى تطرّقه إلى دور الاستشراق الروسي في دراسة الحضارة الأندلسية، أكّد المحاضر الذي يعمل حاليا على تعميق بحوثه في الحضارة والثقافة الأندلسية بمنطقة شمال إفريقيا، أنّ الروس تمكّنوا من معرفة حضارة هذه المنطقة، لاسيما الجزائر، منذ مجيء البحارة الروس إلى هذه المنطقة في القرن ال17، وقد استمدت البحوث التي أجراها المستشرقون والباحثون الروس مرجعيتها حول منطقة شمال إفريقيا، من كل المعلومات الاثنوغرافية التي التقطها هؤلاء البحارة· مؤكّدا في نفس السياق أنّ "الدراسات الحقيقية حول المنطقة لم تنطلق ب"جدية " إلاّ في بداية القرن ال19 · وأشار في هذا الشأن إلى مؤلفات "بوغانوفيتش "حول حياة وكفاح الأمير عبد القادر، وكذا تصريحات العقيد الروسي "كفرباتني" للتنديد بالاستعمار الفرنسي بالجزائر· مشيرا إلى أنّ التضامن الروسي مع القضية الجزائرية، قد ترسخ أكثر أثناء بداية الثورة البلشفية سنة 1917· كما ذكّر بكلّ الأبحاث التي قامت بها أكاديمية كراتشوفسكي حول تاريخ وثقافة المنطقة العربية خلال القرون الوسطى· وذكر أيضا بإنجازات حفيدة ستالين "غالينا زقاتشفيلي"، وهي زوجة أحد الجزائريين من منطقة القبائل حول تاريخ الثورة التحريرية والتركيبة الاجتماعية والإيديولوجية للمجتمع الجزائري· من جهة أخرى، تطرق المحاضر إلى الإنجازات والدراسات العلمية التي يقوم بها المستشرقون الروس حاليا حول أسباب بروز "الإسلاموية السياسية" في الوطن العربي·· مرجعين انتشار هذه الظاهرة إلى تفاقم حدة الفقر والفوارق الاجتماعية، وكذا إلى الآثار السلبية للعولمة والتهميش الثقافي في هذه البلدان· (و·أ·ج)