أعطى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الكائن مقره بالعاصمة البريطانية أمس صورة قاتمة حول الوضع في أفغانستان وأكد أن هذه الدولة يمكن أن تتحول الى دولة لانتشارالتطرف الديني في حال فشل الحلف الأطلسي في معركته ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة· وأكد تقرير للمعهد أن متاعب القوات الدولية التابعة للحلف الأطلسي وبقيادة امريكية أظهرت الى حد الآن فشلها في حل مشاكل أفغانستان، وهو ما زاد من مخاوف دول الجوار حول انفلات الوضع في هذه الدولة الهشة وتوسع رقعة ذلك لتشمل كل دول المنطقة· وأضاف المعهد ضمن عدة مقاربات سوداوية أن فشل القوات الأطلسية في مهمتها بعد أكثر من سبع سنوات من احتلال أفغانستان سيكون من أولى انعكاساته، تشجيع التطرف الديني وليس فقط في أفغانستان وقد تؤدي الى ظهور دولة مفلسة سياسيا في منطقة تكتسي أهمية استراتيجية في كل الحسابات الدولية وتحولها إلى ملجأ لمختلف التنظيمات المتطرفة وشبكات الانجاز في المخدرات· وأكد التقرير أن الوصول إلى وضعية كارثية مثل هذه سيضرب مصداقية الحلف الأطلسي في الصميم لأول مرة يقوم فيها بعملية عسكرية بالحجم الذي نفذها في أفغانستان وفي وقت عجزت فيه الحكومة الأفغانية في فرض قوتها كسلطة فاعلة على كل أقاليم البلاد· وإذا كان التقرير أشار في بعض جوانبه الى تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد بفضل العمليات المشتركة للقوات الأفغانية وقوات الناتو إلا أنه أشار أن هذه الأخيرة تفتقر للرجال والعتاد الحربي اللازم بسبب الشروط التي وضعتها الدول المشاركة حول مهمة جنودها في المستنقع الأفغاني· ويكون هذا الفشل هو الذي حتم على الادارة الأمريكية الشروع في حملة ديبلوماسية لإقناع حلفائها الغربيين بإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان لمواجهة قوات حركة طالبان وعناصر تنظيم القاعدة·ولكن المساعي الأمريكية لاقت اعتراضا صريحا من العواصمالغربية الحليفة التي تخضع هي الأخرى لضغوط داخلية ملحة بسحب قواتها وعدم قبول الرأي العام فيها بمقتل جنود بلدانهم في قضايا تخدم المصلحة الأمريكية· ورفضت ألمانيا صراحة كل فكرة لإرسال مزيد من قواتها وخاصة إلى منطقة جنوب شرق أفغانستان التي تسيطر عليها حركة طالبان وفشلت القوات الحكومية والأطلسية في بسط سيطرتها عليها رغم التعزيزات الكبيرة التي جندتها لهذا الغرض· وتحاول وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لعب الورقة البريطانية قصد الاستغناء عن الورقتين الألمانية والفرنسية لعل لندن تقبل بتعزيز قواتها المتواجدة في أفغانستان والمقدرة حاليا بحوالي ثمانية آلاف رجل·ويبدو أن الوزير الأول البريطاني غوردن براون الذي تلتقيه رايس اليوم بالعاصمة لندن غير متحمس للفكرة، وهو الذي تعهد لدى خلافته لطوني بلير أنه سيعيد النظر في مسألة نشر قوات بلاده بالخارج· وتجد واشنطن نفسها في مأزق حقيقي أمام استمرار المستنقع الأفغاني وخاصة بعد أن حذر خبراء امريكيون الأسبوع الماضي من مخاطر كل تأخير في اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الأمن في هذا البلد·