تعهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لنظيره المالي مامادو توماني توري خلال توقفه بالعاصمة باماكو في طريق توجهه إلى رواندا ب"دعم بلاده لدولة مالي في محاربة الإرهاب ضمن خطة صارمة للقضاء على عناصر التنظيمات المسلحة النشطة في شمال هذا البلد" . وقال الرئيس الفرنسي الذي حل بالعاصمة المالية يوما بعد إطلاق تنظيم القاعدة للرهينة الفرنسي بيار كامات وتسليمه للسلطات المالية أن قرار الصفقة الذي اتخذه الرئيس المالي كان صائبا في إشارة إلى إطلاق أربعة مطلوبين لدى العدالتين الجزائرية والموريتانية مقابل إطلاق الرهينة الفرنسي. وقال الرئيس ساركوزي أن "مامادو توري رجل شجاع وإنساني لأنه اعتبر أن حياة بيار كامات تستدعي بذل مزيد من الجهد وتحمل المسؤوليات" . ولكن الرئيس الفرنسي تجاهل في سياق هذه الصفقة تبعات القرار المالي بإطلاق أربعة من متطرفي التنظيم المسلح وخاصة وأنهم كانوا مطلوبين من طرف عدالة بلديهما وحكم عليهم غيابيا في قضايا إرهاب بسبب خطورة أنشطتهم على مجتمعاتهم. ويبدو أن الرئيس الفرنسي لم يراع مثل هذه الجوانب رغم ادعائه بدعم فرنسا لكل مساعي محاربة الإرهاب الدولي مع أن ضغوط بلاده على النظام المالي فضحت مثل هذه القناعة وأكدت أن باريس إنما عملت من خلال ما قامت به على تشجيع التنظيمات الإرهابية على مواصلة أنشطتها وبكثافة وحدة اكبر مادامت دول مثل فرنسا تقبل بالمساومة وترضخ لضغوطها. ولكن الضغوط التي مارسها الرئيس الفرنسي عبر وزيره للخارجية بيرنارد كوشنير الذي قام بزيارتين متتاليتين إلى العاصمة باماكو "لإقناع" رئيسها بتلبية مطالب الخاطفين يؤكد انه راعى حياة مواطنه بيار كامات خدمة لمصالح فرنسا ولشخصه تحديدا على اعتبار أن ما قام به الاليزي لم يرق الكثير من الدول بل ومعظم الحساسيات السياسية الفرنسية التي اعتبرت ذلك تناقضا بين ما يدعيه ساركوزي بمحاربة الإرهاب وبين ما يقوم به عمليا وتأكد ذلك من خلال طريقة تعاطيه مع عملية إطلاق سراح الرهنية الفرنسي. ليس ذلك فقط فنجاح الضغوط الفرنسية على مالي سيدفع بالحكومتين الاسبانية والايطالية لان تحذو حذو التصرف الفرنسي لإطلاق سراح مواطنيها المعتقلين عند نفس التنظيم الذي يكون قد تشجع للمطالبة بما هو اكبر مما طالب به في صفقة الرعية الفرنسية كامات مقابل إطلاق الايطاليين والاسبانيين الذين اختطفهم في موريتانيا وشمال مالي. ولم يراع الرئيس الفرنسي مطالب دول المنطقة التي تقوم عمليا ومنذ عقود بمحاربة الإرهاب بعدم التعاطي الايجابي مع مطالب الخاطفين ولكنه راح يروج إلى أن ما قام به لم يؤد إلى حدوث أزمة دبلوماسية بين الجزائر ومالي من جهة وموريتانيا ومالي من جهة ثانية بسبب التصرف اللامسؤول للسلطات المالية في كيفية تعاملها مع هذه القضية الشائكة رغم أن البلدين استدعيا سفيريهما في العاصمة باماكو احتجاجا على مثل هذا التصرف. وحتى الرئيس المالي الذي رفض في بداية الأمر أي تنازل لصالح الخاطفين خلال الزيارة الأولى لوزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير انقلب على عقبيه ب 180 درجة خلال الزيارة الثانية لهذا الأخير حيث تراجع عن موقفه وحاكم الإسلاميين الأربعة في محاكمة وصفت بالصورية حيث حكم عليهم بالسجن لمدة تسعة أشهر وهي المدة التي قضوها رهن الاعتقال منذ إلقاء القبض عليهم في شمال مالي وبحوزتهم كميات ضخمة من الأسلحة كانت موجهة إلى الجماعات الإرهابية في شمال الجزائر. ولتبرير فعلته قال الرئيس المالي إنني كنت مرغما على فعل شيئ لصالح بيار كامات دون ان يحدد الجهات التي ضغطت عليه من اجل إطلاق المطلوبين الأربعة.