نشرت رئاسة الجمهورية على موقعها الإلكتروني مؤخرا ملفا دقيقا عن المشروع الوطني الضخم للطريق السيار شرق غرب، مع عرض مختلف المراحل التي مر بها والمستويات التي بلغها إلى غاية نهاية السنة الفارطة، ما يعبر عن حرص السلطات العليا في البلاد على إحاطة هذا المشروع الكبير بالشفافية التامة، وتأكيد اهتمامها الكبير ومتابعتها الدقيقة لخطوات تجسيده في الميدان· وجاء نشر العرض التشخيصي لمستوى تقدم مشروع القرن سنة كاملة بعد إعطاء إشارة انطلاقه من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ليبرز التقدم الجيد الذي تشهده أشغال إنجاز هذا المشروع الذي حاولت بعض الجهات إفشاله منذ بدايته، وذلك لحساب أطماع خاصة ظلت تسعى إلى الإستيلاء على الصفقة الضخمة التي يمثلها والمقدرة بنحو 805 مليار دينار أي ما يعادل 11 مليار دولار، ثم بعد ذلك بإثارة بعض العراقيل الوهمية، التي حاول أصحابها من خلالها، التأثير على سير المشروع والدفع إلى توقيفه، للظفر بفرصة ثانية، للاستيلاء على الصفقة، فتم في هذا الإطار توظيف حجج واهية، على غرار الظروف الأمنية المحيطة بالورشات، والتأثيرات السلبية للمشروع على البيئة بشكل عام ومنه ما اصطلح على تسميته بقضية "محمية القالة" التي عادت إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، رغم قرار الفصل فيها الذي اتخذ على أعلى مستوى للدولة، والذي قضى بترسيم المسار الذي يمر عبره الطريق بهذه المنطقة من الوطن· وفي هذا السياق فقد تضمن العرض المنشور على موقع رئاسة الجمهورية، إجابات وافية عن كل هذه الانشغالات "غير البريئة" أحيانا، بداية من إبراز الطابع الإستراتيجي لهذا المشروع الضخم الذي يعد أكبر ورشة في تاريخ البلاد حجما وأهمية· وتناول العرض الآثار المتعددة التي يحملها هذا المشروع الضخم والتي تخص عدة جوانب ذات طابع اجتماعي واقتصادي، مشيرا إلى أنه بالنسبة للطريق، فإن هذا الهيكل القاعدي يستجيب لمقتضيات حركة المرور واحتياجات النقل، ويساهم في تعزيز الأمن في مجال النقل ويخفض من التكلفة الاجتماعية المترتبة عن حالة لا أمن الطرقات، كما يمكن من الزيادة في ربح الوقت ويقلل من تكاليف الاستغلال للعربات· وينتظر أن يوفر المشروع حوالي 200 ألف منصب شغل جديد، بمعدل 84 منصب شغل عن الكيلومتر الواحد، مع الإشارة إلى أن الطريق السيار المزدوج بثلاثة مسالك والذي يضم 11 نفقا تمتد على طول 20 كلم، و390 منشأة فنية من بينها 25 جسرا ممتدا يعبر 24 ولاية ويؤمن المواصلات مع 32 ولاية أخرى، كما يضمن الربط بالموانئ والمدن الساحلية، مثل جيجل ومستغانم وبجاية ووهران، ويشمل أيضا إنجاز حوالي 60 محولا لربطه بشبكة الطرقات الحالية وذلك عبر 486 جسرا و70 جسرا ممتدا و13 نفقا· أما السرعة المرجعية للطريق السيار فتختلف حسب المقاطع والظروف المناخية وتتراوح بين 100 كلم و120 في الساعة كلم· وعاد العرض المنشور على موقع الرئاسة للتذكير بحيثيات المناقصة الدولية التي تم بموجبها منح الصفقة للمجمعين الياباني والصيني، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المجمع الياباني "كوجال" تحصل على حصة الشرق الممتدة من برج بوعريريج إلى الحدود التونسية على مسافة 399 كلم، بينما فاز المجمع الصيني "سيتيك سي أر سيسي" بحصة الوسط والتي يبلغ طولها 169 كلم وتمتد من برج بوعريريج إلى الشلف، وحصة الغرب الممتدة من مدينة الشلف إلى الحدود المغربية على طول 356 كلم· واستعرض الموقع أيضا الخصوصيات المهنية والمؤهلات التي يتميز بها المجمعان الدوليان، حيث أوضح بان "مجمع سيتيك الصيني" الذي تأسس بتاريخ 4 أكتوبر 1979 من قبل السيد "رونغ ييرين" نائب رئيس الدولة سابقا، وبمبادرة وموافقة السيد "دينيغ كسياوبين" المصمم الرئيسي لسياسة الإصلاح والانفتاح للصين، يشكل إحدى واجهات تطبيق السياسة الإصلاحية، وصار حاليا مجمع شركات دولية ذات أهمية كبرى، وأحد أهم الشركات ذات الطابع العام في الصين · ويحوز مجمع ستيك حاليا 44 شركة فرعية (منها بنك من الصنف الأول)، بما في ذلك تلك المتواجدة بهونغ كونغ والولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا واستراليا مع ممثليين بطوكيو ونيويورك وروتردام· وتتركز نشاطات هذه الشركات في قطاعات المالية والصناعة والخدمات، كما يملك مجمع سيتيك للبناء، معهدين للدراسات والبحوث المعمارية والحضرية، ومؤسستي انجاز معترف بهما على المستوى العالمي والتي تباشر نشاطاها أساسا في الخارج· ومنذ تأسيسه أنجز المجمع بنجاح ما يربو عن 100 مشروع موزعة على القارات الخمس· أما الشركة الصينية للسكة الحديدية والبناء التي تعد فرعا من المجمع فقد أنجزت إلى غاية سنة 2004 أكثر من 27000 كلم من السكك الحديدية و13760 كلم من الطرق السريعة والطرق من الصنف العالي وأكثر من 140 كلم من المشاريع المنجزة تحت الأرض كقطارات المترو الحضرية ومحطات الكهرباء المائية والمطارات من الصنف الكبير، وتحقق رقما للأعمال سنوي يقارب 11 مليار دولار· ومن جهته المجمع الياباني "كوجال"، يضم 6 مؤسسات يابانية رائدة، من بينها شركة كاجيما المصنفة كإحدى الشركات الرائدة في البناء على المستوى العالمي، ويتعلق مجال نشاطها بالسدود، الجسور، الطرق، الانفاق، وناطحات السحاب· وقد تم توزيع المجمع على طول رسم الطريق في شطره الشرقي وتفريعه إلى سبع مخيمات، يسير كل مخيم منها، مدير للأشغال ويتركب من عدة أقسام، وأجرى المجمع دراسات حول المشروع وفق ثلاث مراحل، شملت البحث عن أفضل رسم للطريق الرابط بين برج بوعريريج والحدود التونسية، دراسة المشروع التمهيدي العام والمشروع التمهيدي المفصل بالنسبة للمقاطع، وإعداد دراسات تنفيذية لجميع أقسام شطر الطريق السيار الممتد على طول 399 كلم·كما تناول العرض مختلف التقنيات الحديثة والتكنولوجيات المتطورة التي يستخدمها المجمعان في اشغالهما· وفي إطار تسهيل عملية إنجاز هذا المشروع الكبير تم تحرير المسلك، من كل العراقيل التي كانت تعترض سير الأشغال، حيث بلغ عدد العائلات التي تم إحصاؤها إعادة إسكانها إلى غاية شهر أكتوبر الماضي 7335 عائلة، كما شملت عملية تحرير المسلك نزع الشبكات القاعدية التابعة لشركات سونلغاز وسوناطراك ومؤسسات أخرى، وتم في هذا السياق إحصاء 1098 موقعا تخص شبكات الكهرباء والغاز، 37 موقعا تخص أنابيب المحروقات، و552 تمثل حالات أخرى· وبخصوص الظروف الأمنية المحيطة بالورشات، أشار عرض الرئاسة إلى أن تأمين الأشغال والورشات يتم بفضل عمليات دائمة، تعتمد على الأمن من الأخطار المعروفة وغير معروفة للأشغال في الورشات، وكذا على المخطط الأسبوعي للنشاطات وأشغال المجمعات المعد حسب النموذج المحدد الذي يتم إرساله للولايات أسبوعا من قبل، علاوة على مخطط النشاطات اليومية التي تجري على مدار 24 ساعة· وبخصوص البعد البيئي للمشروع، فقد أكد العرض المفصل أن الطريق السيار سيكون طريقا أخضر، لا تقل مساحته الخضراء عن 25 مليار متر مربع، يتم تهيئتها على ضفتي المنشأة الأساسية، وبالتالي من المتوقع إعادة غرس الأشجار كالنخيل وأشجار البرتقال والزيتون على مستوى ولايتي بومرداس ووهران كمرحلة أولى، في انتظار تعميم هذه العملية على جميع الولايات التي سيجتازها الطريق السيار