أربع سنوات تمر من عمر العهدة الثانية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، لم تخل من المكاسب والإنجازات في ميدان البناء والسكن والنقل والأشغال العمومية، ففي مثل هذا اليوم جدد الشعب الجزائري ثقته الكاملة في رئيسه الذي أعاد له الحياة الآمنة وأبى إلا أن يضاعف من جهوده ليعلن برنامجا إنمائيا اكبر من سابقه، رصد له غلافا ماليا تاريخيا وصل إلى 150 مليار دولار، وجهت أكبر حصة منه للبناء والتشييد وتفعيل مشاريع البنى التحتية الموجهة لترقية الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن· لقد بادر رئيس الجمهورية إلى إخماد نار الفتنة، منذ بداية عهدته الأولى، بإعادة السلم داخل المجتمع واستعادة أمن الأشخاص والممتلكات، وكانت البداية بقانون الوئام المدني، الذي زكاه الشعب في استفتاء تاريخي في 16 سبتمبر 1999، ليكلل المسعى بعد ذلك بسياسة حكيمة نحو طي صفحة الماضي الأليم وإرساء قيم الصفح والتسامح بين أفراد الأمة الواحدة التي تبناها الجزائريون مرة أخرى في استفتاء 29 سبتمبر 2005 حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية· وكرس الرئيس بوتفليقة الذي أعاد الأمل إلى نفوس الجزائريين، جهوده للورشات الإصلاحية الضخمة، التي شرع في تجسيد مرحلتها التمهيدية والتحضير الجيد لها ببرنامج الإنعاش الاقتصادي المعتمد خلال عهدته الأولى· فتثمينا للنتائج الإيجابية التي أسفر عنها برنامج الإنعاش أعلن السيد عبد العزيز بوتفليقة برنامجا خماسيا تكميليا لدعم التنمية رصد له في البداية 60 مليار دولار، وتم دعمه بعد ذلك ببرنامجين خاصين بمناطق الجنوب والهضاب العليا، نال البرنامج الثاني لوحده أكثر من 620 مليار دينار، لتصل الميزانية الإجمالية للبرنامج التنموي اليوم إلى 150 مليار دولار، فيما تم تحديد أولويات أهدافه في جملة من المحاور من أهم ما تشمل، تحسين الظروف المعيشية للمواطن وتطوير المنشآت القاعدية· وقد خصص لهذين المحورين فقط أزيد من 80 بالمائة من الغلاف المالي الإجمالي، موجهة بالأساس إلى إنجاز مليون وحدة سكنية، 17 مستشفى و55 مصحة، 1280 محطة للتزويد بالماء الشروب وتجسيد برنامج طموح يضم مشاريع كبرى في مجال المنشآت القاعدية على غرار تحديث 1220 كلم من السكة الحديدية بمنطقة الشمال كهربة 2000 كلم من السكك الموجودة، تجهيز مترو الجزائر وإنجاز سكك التراموي في المدن الكبيرة، وكذا إنجاز ثلاثة مطارات، فيما يشمل البرنامج الخاص بقطاع الأشغال العمومية، إنجاز مشروع الطريق السريع شرق-غرب المعرف بمشروع القرن الممتد على طول 1213 كلم، تحسين 6000 كلم من شبكة الطرق، إنجاز ثلاثة طرق سريعة حول المدن، وتعزيز المنشآت الخاصة بالموانئ· ومع حلول السنة الجارية بلغ مستوى تقدم ورشات البرنامج الرئاسي ذروته، ولا سيما في قطاعات السكن والأشغال العمومية والنقل، حتى أن العام أصبح يعرف بعام الحسم بالنسبة لتطبيق برنامج الرئيس على اعتبار أن كل هذه القطاعات باشرت المشاريع المدرجة في البرنامج بعد مرحلة تهيئة الأرضية والتحضير لانطلاق المشاريع· المليون سكن في منتصف التجسيدوالتسليم في الآجال تعرف مشاريع تنفيذ برنامج المليون سكن في الميدان تقدما بمستوى يقارب 50 بالمائة، مع تسريع وتيرة سير المشاريع في الورشات بعد الانتهاء من إزالة كافة العراقيل التي اعترضت المشاريع على مستوى الولايات، وقرر القطاع بالتالي الذهاب بسرعة أكبر في الانطلاق في المشاريع غير المنطلقة، مع تسريع وتيرة الانجاز بالنسبة للمشاريع القائمة، وذلك بهدف استكمال ال540 ألف وحدة سكنية المتبقية في الآجال المحددة بنهاية 2009، بعد أن تم تسليم 429 ألف وحدة سكنية من ضمن البرنامج الإجمالي في 2007، بينما تم الانتهاء من بناء 209 آلاف وحدة سكنية من النمط الريفي، من ضمن 400 ألف وحدة مبرمجة، ومن المقرر الانتهاء من كل حصة السكنات الريفية في 2008· وتؤكد الاستهلاكيات المالية للغلاف المخصص لهذا البرنامج المستوى المتقدم الذي بلغه هذه الأخير، حيث تم إلى غاية شهر فيفري الماضي استهلاك 64 بالمائة من الميزانية الموجهة للبرنامج والمقدرة ب850 مليار دينار· وبالموازاة مع سير الورشات في الميدان عززت الدولة وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية لتنظيم قطاع السكن والعمران في الجزائر القاعدة التشريعية التي تؤطر القطاع بقوانين جديدة ترقية طبيعة ونوعية العمران في الجزائر، شملت علاوة على رفع الحد الأقصى لأجر المستفيدين من السكن الاجتماعي الإيجاري من 12 ألف دينار إلى 24 ألف دينار شهريا، وتسوية وضعية السكنات غير المنتهية، وكذا مراقبة سوق المواد الأساسية للبناء، وإعداد بطاقية وطنية للسكن، تسمح بضبط المستفيدين والتحكم أكثر في توزيع السكنات· كما خصص الرئيس بوتفليقة في هذا الإطار برنامجا خاصا للقضاء على السكنات الهشة وتطوير العمران، رصدت له ميزانية معتبرة موجهة لإنجاز 140 ألف وحدة سكنية، مع التوقيع على الحصة المالية المخصصة للتكفل التام بإعادة إسكان سكان مدينة الشلف في إطار برنامج المدينةالجديدة للشطية التي سيشرع في انجازها قريبا· وتجدر الإشارة إلى أن تجسيد برنامج رئيس الجمهورية المتضمن مليون وحدة سكنية، لا يتوخى تحسين المستوى المعيشي للسكان فحسب وإنما أيضا بلوغ معدل الإسكان الأممي المقدر ب5 أفراد في كل مسكن وبالتالي إرساء سوق عقاري حقيقي ومرن في الجزائر، ترفع من مستوى وفرة السكنات· 97 بالمائة من برنامج الأشغال العمومية في الميدان يصف مسؤولو قطاع الأشغال العمومية بدورهم سنة 2008 بالمحطة المحورية للتتويج والوفاء بالوعود التي أعطيت في إطار تنفيذ مخططات القطاع، وبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الجاري انجازه في الميدان بنسبة 97 بالمائة· وتبرز القفزة النوعية التي حققها نمو القطاع خلال سنة 2007، والتي فاقت نسبة 11 بالمائة، المستوى المتقدم الذي يشهده تنفيذ البرنامج الرئاسي في مجال تشييد الطرق والهياكل القاعدية، حيث تم خلال السنة المذكورة معالجة 18 ألف كلم من الطرق، منها 10 ألاف كلم في إطار الصيانة، وبمعدل سنوي للانجاز انتقل من 1000 كلم إلى 8 آلاف كلم· وسجلت السنة الماضية بلوغ مرحلة جد متقدمة في تجسيد مختلف أشطر مشروع الطريق السيار شرق غرب بعد أن فتح رواقه بنسبة تعدت 97 بالمائة، والذي يعتبر من ابرز المشاريع التي تراهن عليه السلطات العليا في البلاد لتحقيق النجاعة المتوخاة من المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الممتد إلى غضون 2025، والهادف بالأساس إلى إعادة توزيع الثروة على مناطق الوطن ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر مختلف جهاته· كما أنهى قطاع الأشغال العمومية السنة الماضية، عدة عمليات لفك العزلة عن المناطق المحرومة، واستكمل برنامج تهيئة حظيرة جهوية للعتاد و50 دارا للصيانة، وهي جلها مشاريع مدرجة في إطار تنفيذ حصة القطاع من برنامج رئيس الجمهورية، الذي يشمل 1700 مشروع مسجل بغلاف مالي مقدر ب2000 مليار دينار· ويرتقب أن تشهد السنة الجارية مستوى قياسيا جديدا في معدل النمو، على اعتبار أن هذا العام يشكل محطة هامة يتهيأ فيها قطاع الأشغال العمومية لإنجاز كل العمليات المسجلة برسم برنامج الرئيس، ومنها استكمال المشاريع التي انطلقت في إطار البرنامج الخماسي (2005 - 2009)، الانطلاق في كل الدراسات التي تعني المشاريع المبرمجة في المخططات الوطنية التوجيهية للقطاع والمبرمجة للفترة (2010 - 2015)، إضافة إلى إنهاء كل الملفات المتعلقة بالمشاريع الكبرى المهيكلة، لبعث أشغال إنجازها، ويتعلق الأمر بمشروع الطريق السيار للهضاب العليا الممتد على مسافة 1300 كلم وتحضير ملف الطريق السيار العابر للصحراء، التحضير لانطلاق طرق الربط بين 32 ولاية والطريق السيار شرق غرب وكذا الانطلاق في مشاريع الطرق الالتفافية الخمسة· كما ستنطلق السنة الجارية أشغال تأهيل المنشآت المطارية والموانئ، وسيتعزز جانب التكوين، بمعهد عال لتكوين الإطارات في مجال قيادة المشاريع والمناجمنت ومركز مراقبة النوعية، يتم إنشاؤهما بالشراكة مع المجمعين الياباني والصيني المشرفين على مشروع الطريق السيار شرق غرب· وبالموازاة مع هذه العمليات الميدانية خطط القطاع لمخطط تكثيف عمليات التنسيق مع القطاعات الأخرى من اجل حل مشكل الاكتظاظ في المدن ومرافقة الجماعات المحلية في مهام صيانة الطرق البلدية والحضرية، التي خصصت لها الدولة غلافا ماليا مشتركا بين عدة قطاعات يصل إلى 200 مليار دينار· استلام الجزء الأكبر من مشاريع النقل في 2008 من جهته قطاع النقل يتأهب لتسليم العديد من المشاريع على مستوى مختلف فروعه خلال العام الجاري، ومن أبرز هذه المنجزات المصاعد الهوائية والمترو وشركات النقل الحضري وقطار الضاحية، علاوة على جزء من مشاريع السكة الحديدية ومنها خطي بشار، وتبسة - عين مليلة، وهي كلها مشاريع حظيت باهتمام خاص ومتابعة دورية من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة· وعرف القطاع خلال السنوات الأخيرة استثمارات ضخمة وانجازات معقدة، ينتظر أن تجنى ثمارها الأولى بداية من الصائفة الجارية، حيث سيتم إنهاء جزء كبير من المشاريع، ولا سيما على مستوى برنامجي عصرنة النقل الحضري وتحديث السكة الحديدية· و في إطار ترشيد سياسة تسيير المنشآت المينائية أولى القطاع أهمية خاصة للاستفادة من الخبرة الدولية، لتحسين أداء ومردودية هذه المنشآت، لاسيما فيما يخص تسيير الموانئ، حيث تمت في هذا الإطار مباشرة مفاوضات مع المؤسسة الإماراتية "موانئ دبي" حول عقد تسيير ميناء الجزائر مع احتفاظ الدولة الجزائرية بملكيتها لهذه المنشأة، تماما كما تم مع مؤسسة ميناء بجاية التي تعالج اليوم بفضل شراكتها مع المؤسسة السنغافورية "بورتيك" مابين 20 و24 حاوية في الساعة، بينما لا يزال عدد الحاويات المعالجة بميناء الجزائر لا يتعدى حدود 15 حاوية في الساعة· في حين أعدت الدولة برنامجا طموحا لدعم شركة الخطوط الجوية الجزائرية التي سيتم تعزيزها بفرع جديد يتولى تغطية الرحلات الداخلية، ليتسنى للجزائرية التي جددت أسطولها، بفضل المرافقة الخاصة للدولة، الاستعداد للمنافسة، في انتظار بداية استغلال خدمة "الطاكسي الجوي" الذي تم فتحها للمتعاملين الخواص، القانون المعدل لقواعد العامة للطيران المدني الصادر في 23 جانفي الفارط· وتكرس الاستثمارات الضخمة التي باشرتها المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية التطبيق الجيد لبرنامج رئيس الجمهورية في مجال تطوير وعصرنة نظام الملاحة والمراقبة الجوية، حيث أنهت هذه المؤسسة في الشهر الجاري كافة العمليات المدرجة في إطار نفس البرنامج الذي يشمل إلى جانب المشروع الرئيسي المتمثل في انجاز مركز للمراقبة الجوية بتمنراست، اقتناء الأنظمة الإلكترونية لهبوط الطائرات و13 رادارا وتجهيزات للوقاية والأمن الجوي، والتزود بخمس أبراج جديدة للمراقبة سيتم وضعها بكل من مطار الجزائر، قسنطينة، غرداية، وهران وتمنراست، كما يتضمن البرنامج اقتناء 10 أجهزة للإشارات الضوئية و11 شاحنة إطفاء و9 أجهزة اتصال متخصصة (فور) و4 أجهزة للمعاينة والقياس عن بعد (دي أم أو) واستثمر القطاع خلال السنوات الخمس الأخيرة نحو 3 ملايير دينار لعصرنة هياكل المراقبة وتكوين عمال الحركة الجوية، بينما رصد لبرنامج التطوير الممتد إلى غضون سنة 2012 حوالي 70 مليون أورو مخصصة بالأساس لاقتناء التجهيزات العصرية، ومنها الطائرة المخبرية التي تم توقيع عقد شرائها مع المؤسسة الأمريكية المتخصصة في الصناعة الجوية "سيسنا إيركرافت"، في ديسمبر الماضي.