دورينا بن طمار اسم يكاد الجمهور الجزائري العريض لا يعرفه، لكنه أشهر من نار على علم بالنسبة لفلاق، دليلة حليلو وصونيا، فمشاهير الفن الرابع تتلمذوا على أيدي الأستاذة بن طمار في مجال التعبير المسرحي خلال فترة تكوينهم بالمعهد الوطني للفن الدرامي ببرج الكيفان الذي فتح أبوابه في الستينيات. قبل أن تستقر في الجزائر بعد سنوات من الاستقلال قادمة من رومانيا بلدها الأصلي، ما فتئت دورينا تتابع مسار الثورة الجزائرية ولطالما أعجبت بكفاح الشعب ضد الاستعمار الفرنسي، وتضيف قائلة باعتزاز "وأنا طالبة في رومانيا، كنت جدّ منشغلة بالثورة الجزائرية واحتككت بكثير من الطلبة الجزائريين إلى حدّ الزواج بأحدهم" مستحضرة للوهلة تلك الأوقات التي كانت تردّد فيها بعض الأناشيد الوطنية مثل "من جبالنا". صاحبة الستين خريفا التي يحجبها صوتها وابتسامتها التي فضّلت ملازمة زوجها في السرّاء والضرّاء كانت من بين الأساتذة الأوائل في المعهد الوطني للفن الدرامي الذي كان يديره آنذاك مصطفى كاتب، وتتلمذ على يدها كوكبة من الفنانين المشهورين أمثال الفكاهي فلاق والممثلين أمثال مصطفى عياد ودليلة حليلو وصونيا وآخرون كرّسوا أنفسهم للكتابة أو العرض المسرحي كزياني شريف عياد وإدريس شقرون. تستحضر دورينا بكثير من التأثّر الأوقات التي أمضتها مع طلبتها القدماء حتى تخيّل لسامعها أنّها تتحدّث عن أطفالها بالرغم من أنّ الأستاذة كانت تقريبا من نفس جيل الطلبة، وبالنسبة لها فإنّ "ما قدّمته لطلبتي الذين برعوا في الفن الرابع لم يكن إلاّ مساهمة محتشمة مني وأنا جدّ سعيدة بنجاحهم الباهر، حيث أعطت قيمهم وميزاتهم وعملهم ثمارا بعد تكوينهم الأكاديمي". وبعد معهد برج الكيفان، التحقت دورينا بالمعهد الفني بسكيكدة في السبعينيات لتعطي دروسا هناك مدة عشر سنوات قبل أن تعود للعاصمة وتمارس عملها في مدرسة فنية خاصة، وتتفرّغ دورينا حاليا إلى الفنون التشكيلية، وتعترف أنّ كنية "الرومية" التي كانت تسمعها أحيانا في الحي عند الحديث عنها كانت ومازالت تحزّ في نفسها وتؤكّد دورينا بهذا الخصوص "خلال العشرية السوداء مثلا كان بعض الناس يقولون لي خوفا علي "لم لا تعودين إلى بلدك (رومانيا)"، وهذا السؤال "كان يثير ثائرتي لأنّ بلدي هنا في الجزائر." وتشير دورينا التي لم تندم على القرارات التي اتّخذتها وهي شابة "قدمت إلى الجزائر وعمري 20 عاما، وانبهرت بالجزائر العاصمة وتأثّرت بكرم ناسها وسخائهم وروح التآزر التي كانت تطبعهم" لتتأسف في الأخير "هذه القيم أخذت تضمحل في أيامنا هذه".