أجرى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي قام بزيارة صداقة إلى تونس أول أمس محادثات سياسية مع نظيره التونسي السيد زين العابدين بن علي بقصر قرطاج، حيث تم "استعراض وضع التعاون الجزائري التونسي واستشراف آفاق الشراكة الثنائية وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين" · وتأتي هذه الزيارة التي دامت يوما واحدا في خضم الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لأحداث بلدة ساقية سيدي يوسف التونسية، حيث امتزجت في ذلك اليوم من سنة 1958 دماء الشعبين الجزائري والتونسي· وكان رئيس الجمهورية قد وضع من قبل رفقة نظيره التونسي إكليلا من الزهور وقرأ فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء على مستوى النصب التخليدي للشهداء في دائرة سيجومي (تونس العاصمة)· وقد حظي الرئيس بوتفليقة باستقبال حار على مستوى النصب التخليدي للشهداء من قبل السكان التونسيين· وأكد رئيس الجمهورية عقب زيارته في رسالة بعث بها إلى نظيره التونسي السيد زين العابدين بن على أن زيارته لتونس ستساهم في "دفع" العلاقات بين البلدين نحو"آفاق أرحب" وتزيل "كل ما من شأنه أن يؤثر على حركية التواصل والتعاون" · وجاء في نص رسالة رئيس الجمهورية : "وأنا أغادر تونس الخضراء أبيت إلا أن أجدد لكم تحية التقدير والإكبار وتمنياتي لكم بالصحة والعافية وطول العمر ولشعبنا التونسي الأبي المزيد من التقدم والرفاهية والإزدهار" · "لقد سعدت غاية السعادة - يضيف رئيس الجمهورية - بزيارة تونس الشقيقة المضيافة، هذا البلد العزيز الذي ما زالت تحتفظ ذاكرتي بأطيب الذكريات عنه" · واستطرد قائلا : "كان لقاؤنا الميمون بما يحمله من معان سامية في الأخوة والتضامن وبما يعبر عنه من وشائج متينة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين فرصة لتجديد صلة الرحم بيننا في الذكرى الخمسين للعدوان على ساقية سيدي يوسف المجيدة التي شهدت واحدة من أبشع الجرائم الاستعمارية، حيث امتدت يد الدمار إلى هذه القرية الحدودية الآمنة وقتلت العديد من المواطنين التونسيين والجزائريين من بينهم أطفال ونساء أبرياء، ناهيك عن الجرحى والخسائر المادية الفادحة" · وأشار الرئيس بوتفليقة في السياق إلى "إن تلك الأحداث وما أظهرته من تلاحم بين الشعبين الشقيقين شاهد حي على الدعم القوي الذي لقيته الثورة التحريرية الجزائرية المباركة من لدن الشعب التونسي وخاصة في المناطق الحدودية التي استقبلت العديد من قوافل اللاجئين الذين وجدوا في بلدهم الثاني تونس كل الترحاب والإقامة الطيبة كما تلقى المجاهدون الجزائريون كل أشكال المساعدة والمساندة، حيث شكلت تونس بحق موئلا وملاذا للثورة التحريرية وعمقا استراتيجيا لها" · "إن لقاءنا يضيف رئيس الجمهورية في رسالته مكننا من تجديد تأكيد متانة العلاقات القائمة بين بلدينا وضرورة دعم التعاون على كافة المستويات وإقامة المشاريع المشتركة التي تنعكس إيجابيا على الحياة اليومية لمواطني البلدين خاصة في المناطق الحدودية وتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين في بلدينا على تكثيف فرص التواصل والبحث عن أنجع السبل لدعم مشاريع الشراكة لإنجاح هذا التعاون" · وأوضح الرئيس بوتفليقة "إن ما شهدته المناطق الحدودية التي عانت أكثر من غيرها من ويلات العهد الاستعماري من عمل تنموي مشترك طوال العشرين سنة الماضية يعكس بحق إرادتنا الصادقة وعزيمتنا الثابتة في أن تبقى هذه المناطق جسور تواصل وتعاون بيننا" · واستطرد رئيس الجمهورية قائلا: "وعلى الرغم من أن المشاريع المشتركة التي أنجزت في تلك الفترة لم تصمد أمام تحديات ومتطلبات الاقتصاد العالمي وكذا الإصلاحات التي طبقت في بلداننا فإنها سمحت لنا بتحديد مواطن الضعف ومعرفة قدراتنا في إقامة مشاريع مشتركة في المستقبل دون أن تفت في سواعدنا في استشراف آفاق التعاون والشراكة" · وفي سياق إشادته بالخطوات التي حققتها تونس، قال رئيس الجمهورية "إننا نتابع بكل فخر واعتزاز الخطوات المديدة التي قطعتها تونس الشقيقة وما حققته من إنجازات سياسية واقتصادية في عهدكم الميمون وأود في هذا المقام يضيف رئيس الدولة أن أعرب لكم عن تقديرنا للسياسة التي تنتهجونها والإصلاحات الجريئة التي تقومون بها لتحقيق المشروع الحضاري الذي يتطلع إليه الشعب التونسي الشقيق، مشروع يتمحور حول اقتصاد متنام ومتوازن مشروع يوفق بين التجذر العربي الإسلامي والتفتح والتفاعل الإيجابي مع التطورات المعاصرة يحفز الإبداع الفكري ويواكب التحولات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها عالمنا اليوم" · وأشار رئيس الجمهورية، قائلا: "إن حصيلة تعاوننا تدعو إلى الارتياح لكنها ما تزال دون طموحاتنا وآمالنا وبالتالي فنحن مطالبون بتشجيع فرص الاستثمار وتسهيل تدفق السلع والبضائع بين بلدينا ضمن إطار قانون تفضيلي يمنح الامتيازات لمنتوجات البلدين" · وقال رئيس الدولة في رسالته:"لاريب في أن لقاءنا هذا قد أعطى نفسا جديد للتعاون الثنائي القائم بين بلدينا بعد أن قطعنا أشواطا مهمة في إرساء آليات التعاون الثنائي بإنشاء عدة أطر للتعاون على مستويات حكومية شتى في مقدمتها اللجنة الكبرى الجزائرية التونسية المشتركة التي عملت على تحريك عجلة التعاون الثنائي من خلال بعث العديد من المشاريع المشتركة غير أننا ما زلنا مطالبين بإجراء تقويم شامل بما يمكن من تحسين أداء هذه الأطر واعتماد نظرة شمولية في تعاوننا في جميع المجالات" · وأردف الرئيس بوتفليقة في السياق "إنني على يقين وقناعة من أن هذه الزيارة ستساهم في دفع العلاقات الجزائرية التونسية نحو آفاق أرحب وستمكننا بحول الله من إزالة كل ما من شأنه أن يؤثر على حركية التواصل والتعاون" · وكان الرئيس بوتفليقة مرفوقا خلال هذه الزيارة بوزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي وكذا وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل، وحظي الرئيسان بوتفليقة وبن علي بهذه المناسبة باستقبال متميز، حيث بادلا الجماهير التي كانت في استقبالهما التحية والتي كان من بينها مجموعة من قدماء المجاهدين كانوا يحملون رايات البلدين·