أكد السيد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان استحالة تحديد من المسؤول عن قضية الأشخاص المفقودين خلال المأساة الوطنية، موضحا أنه لا يمكن فتح محاكمات بشأن هذا الملف ومحاكمة أشخاص دون توفر أدلة أو شهادات تبين تورط جهات في هذه القضية مقترحا طي هذه الصفحة لأنه من غير المعقول اتخاذ أية خطوة كالمحاكمة التي يكون مصيرها الفشل حتى قبل الشروع فيها. وأضاف السيد قسنطيني أنه حتى وإن طالبت عائلات المفقودين بمعرفة الحقيقة ومعاقبة المسؤولين عن اختفاء ذويها إلا أن الدولة لا تستطيع إحالة هذا الملف على القضاء أو محاكمة أشخاص لا توجد أدلة حقيقية وكافية أو شهادات تدينهم، مشيرا إلى أنه لا توجد أية جهة تحوز على أرشيف يمكن الاعتماد عليه في التحقيقات القضائية. وفي رده على بعض الجهات التي تحمل مسؤولية ملف المفقودين للدولة، لم يستبعد السيد قسنطيني في تدخله خلال الندوة التي نظمتها جريدة "المجاهد"، أول أمس، للحديث عن حقوق الإنسان ودولة القانون، بالقول إن "للدولة جزء من المسؤولية المدنية في هذه القضية، لكن لا يمكن إطلاقا القول "إنها مذنبة" وهو السياق الذي أشار من خلاله المتحدث إلى تدهور الوضع الأمني في التسعينات وتسبب الجماعات الإرهابية في إلحاق أضرار جسدية ونفسية بالمواطنين، مما جعل الدولة تكرس كل جهودها لتوفير الأمن والاستقرار. ويرى المحامي فاروق قسنطيني أنه بعد كل هذه المدة من الأفضل طي هذه الصفحة وتناسي الجراح والأحقاد بالتطلع إلى المستقبل في الوقت الذي لا يمكننا فيه تغيير الماضي والرجوع إلى الوراء، مضيفا أن ملف المفقودين قد سوي جزئيا وتم تعويض العديد من عائلاتهم. ومن جهته أشار المحامي مروان عزي رئيس خلية المساعدة إلى تطبيق تدابير المصالحة الوطنية على مستوى مجلس قضاء العاصمة إلى أن المادة 47 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي تنص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ كل التدابير التي يراها مناسبة فيما يخص تطبيق "الميثاق"، سمحت باتخاذ عدة إجراءات منذ سنة 2008 وإلى غاية شهر جانفي الأخير 2010 ولازالت متواصلة، من خلال تسوية قضايا لشريحة واسعة من ضحايا المأساة الوطنية بالاستفادة من هذا الميثاق وهي (القضايا) التي لم تكن مذكورة في نص الميثاق. وعلى صعيد آخر فند السيد فاروق قسنطيني ما تداوله التقرير الأمريكي الأخير حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر والذي روج لإشاعات بوجود مراكز سرية للحجز والتعذيب في الجزائر وتجاوز المدة القانونية للحجز تحت النظر، موضحا أن الكلام لا أساس له من الصحة، باعتبار أن هذا التقرير مبني على عموميات ولا يقدم وقائع حقيقية يمكن الاعتماد عليها لفتح تحقيقات ومباشرة تحريات في الموضوع. وفي سياق الحديث عن حقوق الإنسان في الجزائر أرجع الأستاذ قسنطيني العجز المسجل في هذا المجال إلى الظروف التي عرفتها البلاد التي ظلت مستعمرة طيلة 132 سنة، وإلى تدهور الوضع الأمني خلال العشرية السوداء، مشيرا إلى أن الجزائر حاليا تتوفر على كل الإمكانيات لبناء دولة قانون في ظل توفر الإرادة السياسية ووجود نساء ورجال يتمتعون بالإرادة وحب الوطن وكذا مجتمع مدني فعال.