(الشعب): أكد السيد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان وجود إرادة سياسية لتشييد دولة القانون في الجزائر نظرا لتوفر كل الشروط الضرورية على الرغم من وجود العديد من المصاعب والتي تأتي في مقدمتها عاملي الوقت والامكانيات. وأوضح قسنطيني لدى تدخله في الندوة الوطنية التي نظمتها يومية »المجاهد« أول أمس، أن حقوق الانسان تعد ثقافة ليس من السهل نشرها، والجزائر التي كانت في السابق مستعمرة من طرف الاحتلال الفرنسي سجلت عجزا كبيرا في مجال حقوق الانسان، مما قد يتطلب تدارك هذا العجز الذي تفاقم في حقبة التسعينات في ظل ظاهرة الارهاب وما صاحبها من تطرف، قضى بشكل كلي على حقوق الانسان. ولدى تطرقه الى ملف المفقودين أوضح قسنطيني أنه من المستحيل تحديد المسؤولين عن فقدان اشخاص خلال مرحلة الماساة الوطنية، خاصة في الوقت الراهن، مشيرا الى أن المطالبة بالحقيقة حول اختفاء أشخاص قد يعد الى حد ما معقولا ومنطقيا من الجانب الفكري فقط. أما من الجانب العملي والميداني البحت، فان المسألة تعد مستحيلة التحقيق، لأنه من الصعب للغاية تحديد هوية أعوان الدولة المسؤولين عن فقدان أشخاص بعد عشر سنوات أو أكثر مثلما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن ذات المتحدث. وحسب قسنطيني فان لا أحد يعرف ما الذي حدث بالفعل نظرا لغياب أدنى معلومات موثقة أو أرشيف ولا حتى شهادات مفيدة، مؤكدا أنه من المستحيل مطالبة الدولة بالشروع في محاكمات ضد اشخاص دون أي دليل ولا ملف مدعم، ومفضلا قلب الصفحة على حد تعبيره ويرى بأنه لا يوجد أي بلد نجح في تحديد أو محاكمة مسؤولين عن فقدان اشخاص بمعنى أتم الكلمة للمحاكمة القانونية والكاملة. وردا على بعض المطالبين بإجراء تحقيق في هذا الملف قال قسنطيني أنه يجب التحلي بالتعقل والاقتناع بأن الدولة لا يمكنها الشروع في عمليات تعرف مسبقا أنها فاشلة، مشيرا في ذات السياق الى أنه لم يتوقف أبدا عن التحاور مع عائلات المفقودين خلال المأساة الوطنية التي كانت تطالب بالحقيقة والعدالة. ويعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الانسان أن مسألة المفقودين قد سويت جزئيا وأن اللجنة قامت بكل ما كان في وسعها لحمل الدولة على الاعتراف بمسؤوليتها المدنية في هذه القضية ثم قبول مبدأ التعويض، مؤكدا على أنه رغم مسؤولية الدولة مدنيا، إلا أنها ليست المذنبة في فقدان الاشخاص مذكرا بالدمار الذي سببه الارهاب للبلد خلال المأساة الوطنية، ماديا ومعنويا. وعن التقرير الامريكي الاخير حول حقوق الانسان الذي وجه شبه عتاب للجزائر حول عدم احترام آجال الوضع تحت النظر أو ما يعتقد وجود أماكن سرية للاحتجاز، قال قسنطيني أن هذا التقرير مبني على عموميات ولا يعطي اسماء ووقائع يمكن أن تكون محور تحقيق أو تحري واصفا إياه بأنه يفتقد الى المصداقية ولا قيمة له. وحول ملف الاضرابات التي مست قطاعات حيوية والمستمرة في بعض قطاع الصحة العمومية، عبر قسنطيني عن أمله في أن تفضي المفاوضات الجارية والتشاور الحالي بين الطرفين الى تطور الوضع بشكل ايجابي عوض اللجوء الى الاضراب، واصفا مطالب المضربين في التربية والصحة بأنها مشروعة.