منحت لجنة استشارية تابعة لوزارة الدفاع الفرنسية الضوء الأخضر لرفع "السرية" عن 165 وثيقة لجهاز المخابرات العسكرية الفرنسية يعود تاريخها إلى عام 1965 السنة التي اختفى فيها المعارض المغربي المغتال مهدي بن بركة في ظروف غامضة بالعاصمة الفرنسية باريس· وقالت مصادر فرنسية على صلة بملف هذه القضية التي مازالت تحتفظ بكل أسرارها أن الكلمة النهائية "لتحرير" هذه الوثائق من خانة "سري دفاع" تعود إلى وزير الدفاع هيرفي مورين بعد أن وافق على الأمر 120 عضوا من أعضاء لجنة الدفاع الاستشارية· وكان وزير الدفاع الفرنسي رفع في السابع من الشهر الماضي طلبا إلى أعضاء اللجنة الاستشارية بهذا الخصوص بعد أن تلقى طلبا مماثلا من طرف قاضي التحقيق بمحكمة باريس باتريك رامائيل والمكلف بالتحقيق في مذكرة تحقيق قضائي فتحت منذ سنة 1975 حول ملابسات اغتيال المعارض المغربي· ورفعت الدعوى القضائية ضد مجهول بالقتل العمدي والتواطؤ في عملية قتل بعد اختفاء مهدي بن بركة· يذكر أن كل الوثاق ذات الصلة بعملية الاغتيال هذه بقيت لسنوات في حافظة جهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس قبل أن يتم تحويلها إلى مصلحة التاريخ بوزارة الدفاع في قصر فانسيس في شرق العاصمة باريس·يذكر أن عدة دعوات وُجهت إلى العدالة الفرنسية من أجل إعادة فتح التحقيق في قضية اغتيال بن بركة بعد تسريب العديد من الحقائق حول ظروف اغتياله والأطراف المحتملة الضالعة في جريمة تصفيته سواء بطريقة مباشرة أو بالتواطؤ· وكان كتاب لصحافي إسرائيلي صدر قبل أسبوعين أعاد القضية إلى الواجهة بعد أن أكد بدفن جثة المعارض المغربي على حافة الطريق السيار بين العاصمة باريس ومدن جنوب فرنسا· ورغم أن القضية اللغز عرفت ثمانية تحقيقات قضائية منذ سنة 1975، إلاّ أنها انتهت إلى نتيجة صفرية وتوقفت في منتصف الطريق ولكنها لم تمنع من زعزعة السلطتين الفرنسية والمغربية على السواء بعد ضلوع مسؤولين فيها بطريقة أو بأخرى في عملية الاغتيال· وتصر عائلة أشهر المعارضين لنظام حكم الملك المغربي الراحل الحسن الثاني على معرفة الحقيقة الكاملة حول كل فصول اغتيال والدها في نوفمبر سنة 1965· فهل سيكون قرار اللجنة الاستشارية لوزارة الدفاع الفرنسية برفع السرية عن ملف هذه القضية بداية لإنجلاء الحقيقة المفقودة، ولكن حتى وإن إنفرج ملفها فإن ذلك سيكون بعد فوات الأوان وبعد رحيل أطرافها جميعهم·· والمهم قبل كل ذلك انقشاع الضبابية التي اكتنفت هذه القضية الفضيحة·