يشير الخبراء إلى أنه بقدر ما تحمل التكنولوجيا من فوائد علمية وثقافية وترفيهية وتربوية، بقدر ما تشكّل خطرا في بعض الأحيان على الأطفال، وهذا ما يتطلب تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية متواصلة وتخصيص أيام تكوينية لفائدة الأولياء حتى يتسنى لهم التحكم في تقنيات استعمال الأنترنيت وحماية أطفالهم من أخطار الإبحار عبر الشبكة العنكبوتية. أصبح الأنترنيت في وقتنا الحاضر عنصرا مهما وحيويا من عناصر الإعلام ومصادر المعلومات التي باتت في متناول الجميع، خاصة مع توافر أجهزة الكمبيوتر ومقاهي الأنترنيت التي تقدم خدمة الدخول إلى شبكة المعلومات العالمية وتسهل الوصول إلى آلاف المواقع من طرف الكثير من الناس، والأطفال بطبيعة الحال جزء من هذا المجتمع يتأثرون بصورة مباشرة بما هو موجود في بيئتهم ومن ذلك استعمال الأنترنيت. وقد أشار خبراء من مؤسسة جزائرية خاصة للتكنولوجيات وممثلون عن هيئة الفورام ناقشوا مؤخرا في يوم دراسي بالمركز الثقافي بحسين داي إشكالية استخدام الأطفال للأنترنيت وسبل وقايتهم من مخاطر استعمالها، إلى أن هؤلاء يجدون في الأنترنيت متعة وتشويقًا من خلال التراسل عن طريق البريد الإلكتروني، أو التخاطب مع الآخرين باستخدام غرف الدردشة، إضافة إلى الاستكشاف والبحث الذي يوفره الأنترنيت بكل حرية وسهولة، لكن هل استخدام الأطفال للأنترنيت آمن؟ وهل يجب مراقبة استخدام الشبكة العنكبوتية من طرف الطفل؟ كانت هذه أهم الأسئلة التي دار حولها النقاش. وقدم المحاضرون أرقاما مرعبة حول حقائق استخدام الطفل للأنترنيت، بحيث تدل الإحصائيات العالمية على أن هناك من 400 ألف إلى مليوني طفل يتم استغلالهم إباحياً من خلال الأنترنيت، وأن هناك أكثر من 100 ألف موقع إباحي يدخله الأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 3900 موقع إباحي جديد يومياً، كما أن الأطفال يصبحون من كثرة استعمالهم للأنترنيت مدمنين على ذلك، وهذا يؤدي إلى تأخرهم دراسيا لكثرة الوقت الذي يقضونه أمام الحاسوب الآلي. ومن بين المواقع التي تشكّل خطرا على الأطفال تلك المتعلقة بمواضيع العنف والإرهاب والإباحية والإجرام. وقد بلغ عدد المواقع المتوفرة في شبكة الأنترنيت لحد الآن 240 مليون موقع ويقدر عدد مستعملي هذه الشبكة لحد الآن بأزيد من مليار ونصف المليار مستعمل على المستوى العالمي. وحسب إحصائيات وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فإن عدد مستعملي الأنترنيت في الجزائر بلغ لحد الآن 4 ملايين شخص وتسعى الوزارة إلى بلوغ ستة ملايين مستعمل للشبكة في آفاق .2013 وقدر ممثل شركة ''الكيندي'' للتكنولوجيات الحديثة ''لمين ملاك'' نسبة الأطفال المستعملين لهذه الشبكة ب17 ، مشيراً إلى أن طفلا واحدا من ضمن ستة أطفال قد يصادف مواقف خطيرة في الشبكة دون إرادته. ويقترح المحاضرون تطبيق الآباء لعدد من الاستراتيجيات وفق محاور معينة لمراقبة استعمال الأطفال للأنترنيت ومنها: - مناقشة اتفاقية استخدام الأطفال للأنترنيت والتي تحدد الخطوط العريضة للحقوق والواجبات مع التأكد من أن الاتفاقية تحدد بوضوح: - المواقع التي يستطيع الأطفال زيارتها عبر الأنترنيت وما الذي يمكنهم تصفحه، والوقت الذي يمكن أن يمضوه على الأنترنيت. - كيفية حماية المعلومات الشخصية وعدم استخدام كاميرات ''الويب'' لنقل صورهم عبر الأنترنيت. - كيفية استخدام غرف المحادثة، والمجموعات الإخبارية، وخدمات تبادل الرسائل الفورية. - الواجب وضع الحاسوب في قاعة مشتركة مع تنظيم وقت التصفح، وكذا تثبيت برامج وأنظمة التشريح (فلترة) والحماية الأبوية، وهي برامج مجانية وسهلة التثبيت. ويمكن للآباء اختيار البرنامج اللائق بهم وبعمر أطفالهم، بالرغم من أنه لا حماية أحسن من المرافقة الشخصية للأبوين. - بدلا من تشريح (فلترة) المواقع ''السيئة''، على الآباء توظيف برامج وتطبيقات ''تحكم الآباء'' لمنع أي موقع، والإبقاء على تلك المواقع التي يراها الوالدان مناسبة. - الجلوس مع الأطفال بين فترة وأخرى والتحادث معهم عن المواقع التي زاروها. - حظر ممارسة ألعاب تفاعلية على الأنترنيت، خصوصا تلك التي تسمح للأطفال أقل من 18 سنة بإجراء أحاديث مع غرباء. - في حالة السماح لهم باستخدام البريد الإلكتروني، على الآباء الإشراف والمصادقة على هوية الأشخاص الآخرين الذين يتعامل معهم أطفالهم، والتعرف على كلمات المرور الخاصة بهم. - توظيف برامج مكافحة التجسس، والبرامج المضادة للفيروسات وللإعلانات التي تظهر تلقائيا، لمنع دخول أي برنامج مريب الى الكومبيوتر أثناء عمل الأطفال عليه. - المراقبة بعناية للمواقع التي يزورها الأطفال، وأسماء الأشخاص الذين يتراسلون معهم. - التحدث مع الأطفال حول مخاطر اللقاءات خارج الأنترنيت بعد التعارف على أصدقاء غرباء. -إبعاد الأطفال عن مواقع الشبكات الاجتماعية ومواقع التعارف الإلكترونية ''بين الأحباب''. - وضع الكومبيوتر في موقع مركزي يسمح للوالدين بمراقبة الأطفال. هذه مجموعة من النصائح التي يقول عنها المحاضرون خلال اليوم الدراسي إنها مهمة للغاية تساعد على حماية الأطفال عند استخدام الأنترنيت، مشدّدين على ضرورة مرافقة الآباء لأبنائهم أثناء التصفح وهي الوسيلة المثلى التي تعزز الثقة لدى الطفل وتمكنه من حماية نفسه مع تقدمه في السن.