تقدم الدار العربية للعلوم »ناشرون« ومنشورات »الاختلاف« كتاب »الطريق إلى الفلسفة: دراسات في مشروع ميرلو - بونتي«، وهو مجهود ثمانية من الباحثين الجزائريين، لإضاءة جوانب مهمة من فلسفة ميرلو- بونتي الذي لامس بمشروعه الفلسفي الطموح، كل مجالات الفلسفة وقضاياها، فهو اهتم باللغة وجعلها موضوعا لتحليلاته، واهتم بالفنون جاعلا إبداعات الفنانين تعبّر عن كل ما كان يعمل في احشائهم، واهتم بالسياسة والاخلاق فتفاعل مع هموم وصراعات عصره، وقد انصرف الى النضال بعيدا عن الدعاية والتوجيه، ببسط مجموعة افكار ومفاهيم ذات جمالية خاصة تنتهك الحدود الفاصلة بين ميادين الحياة المختلفة. المؤلف جاء في ثمانية فصول، يتناول كل فصل زاوية خاصة في رؤية هذا الفيلسوف وتحليل أفكاره، حيث يبدأ الحسين الزاوي، هذه »الإطلالات« الفلسفية، بدراسة عن أهمية اللغة والسميائيات في فلسفة ميرلو- بونتي، وعن مجموعة المفاهيم المنهجية التي تدعم البناء النظري لمشروعه الفكري، التي قسمت إلى ثلاثة أقسام هي »اللسانيات والخطاب الفلسفي«، »فلسفة اللغة وامتداداتها المعرفية« و»عناصر سميائيات الدلالة في فلسفة ميرلو- بونتي«. ويبحث مخلوف سيد أحمد في »العلامة والتواصل اللغوي«، في طبيعة اللغة لدى، الفيلسوف، التي لا يمكن فهمها وإدراك جوهرها فهما واضحا إلا من خلال الدور الذي يؤديانه في حياة الانسان الفرد وحياة الجماعة اللغوية الواحدة، فيما يستعرض جمال مفرج في مقالته »فينومينولوجيا الفن« لدى الفيلسوف، بصفتها مبنية على »فن الرسم« وعلى فعل »العودة الى اللون«، وعلى مفهوم »الجسد« الذي يوحدنا مباشرة مع الاشياء، فهو الوسيلة التي نمتلكها للوصول إلى قلب الاشياء، عن طريق تحول الجسد الى عالم وتحول العالم الى جسد. ''فينومينولوجيا الموقف الأخلاقي عند ميرلو-بونتي''، بحثت فيها نورة بوحناش التي ترى أن ميرلو - بونتي لم يشرّع مذهبا أخلاقيا، وربما غلب عليه التوجه المعرفي، ثم أنه لم يكن يرى انفصالا بين البعد المعرفي والآخر الاخلاقي، ويشرح محمد بن سباع، موضوع »الجسد والسلوك اللغوي«، لدى الفيلسوف الذي يقول »إن المعنى المتضمن في الكلمة يمكن أن يكون ذاته المعنى المتضمن في ايماءة الجسد وحركته...«. كمال بومنير من جهته يضع »مكانة مفهوم الجسد لميرلو- بونتي، في نظرية الاعتراف لأكسل هونيث«، التي تحاول ان تشق طريقا جديدا لإقامة حياة اجتماعية وإنسانية مختلفة، بالإستعانة بالفلسفات ومنها فلسفة ميلرو- بونتي التي أسهمت في بلورة أهمية الجسد قصد استرجاع مكانته، والذي كان ضحية تحكم علاقات التشيؤ والاغتراب في مجتمعاتنا المعاصرة التي تحكمها العقلانية الأداتية. فيما تبرز ثريا الأبقع »الوجه الآخر لإشكالية العلاقة بين اللغة والفكر«، فقد »حاول ميرلو - بونتي أن يجدد الفكر الوجودي« إنطلاقا من فلسفة تتمثل في »تحقيق الرجوع إلى عالم الحياة الأصلي والبدائي وفي العودة إلى الاشياء ذاتها«، ليؤكد ابن عمر سواريت بعد قراءته كتاب »ظواهرية الإدراك« لميرلو بونتي، أن ما يريده هو اكتشاف من يحرك ويدعم عمليات التفكير، وأن تحليل الجسد هو المؤسس لكل الحياة غير الواعية للشعور ووصف الإدراك دون أحكام مسبقة.