بدأت فكرة تشكيل حكومة جديدة في العراق تأخذ طريقها إلى التجسيد بعد أن تقاطعت تصريحات مختلف المسؤولين العراقيين على تزكية هذه الخطوة ضمن إجراءات المصالحة الوطنية التي فشلت حكومة نوري المالكي في تجسيدها ميدانيا·وأعلن الرئيس العراقي جلال طالباني أمس عن تقديم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لطلب إلى مختلف الكتل السياسية لتشكيل حكومة جديدة· وقال بعد لقاء جمعه بالمرجع الشيعي آية اللّه على السيستاني بمدينة النجف أن تشكيل الحكومة الجديدة يأتي بناء على اتفاق سياسي أبرم الأسبوع الماضي· وجاء هذا المسعى بتشكيل حكومة جديدة بعد الاحتقان الذي تشهده الساحة السياسية العراقية، وعجز حكومة المالكي في أداء مهامها سواء الأمنية او ما تعلق بتسيير الشأن العام ولا سيما مسألة تحقيق المصالحة الوطنية المفقودة·هذه المسألة التي راهنت الولاياتالمتحدة على تحقيقها ضمن أولى مهام حكومة المالكي التي تشكلت ولكنها تأكدت سنتين بعد ذلك أن الأوضاع بقيت تراوح مكانها وانعكس ذلك سلبا على الوضع العسكري الذي لم يعرف أي تحسن رغم كل الاجراءات والخطط الأمنية المنتهجة إلى حد الآن · وكانت أولى مؤشرات تجسيد خطوة تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة موافقة عدنان الدليمي زعيم جبهة التوافق السنية على الانضمام مجددا الى حكومة المالكي لكن شريطة استجابة هذا الأخير لمطالبها ومن بينها تفادي اعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية التي كانت سببا في فشل مشروع المصالحة وظهور بوادر انقسام المجتمع العراقي من أساسه· وقدمت جبهة التوافق ورقة مطالب تضمنت عدة نقاط وعلى رأسها اطلاق سراح جميع المعتقلين الذين اعتقلتهم قوات الأمن العراقية على خلفية انتماءاتهم الطائفية· وقال الدليمي أمس إنه ما لم تتخذ حكومة المالكي قرارا حاسما وواضحا لإطلاق سراح هؤلاء فإنه لا يعتقد أن الجبهة ستعود مجددا إلى الحكومة· وكان الدليمي تحدث قبل يومين عن حدوث تقدم إيجابي في المفاوضات التي يجريها حزبه مع حكومة المالكي لكنه بالمقابل لم يوضح الآليات التي سوف تتخذها الجبهة للعودة الى الحكومة سواء عن طريق ترشيح وزراء جدد اوإعادة وزرائها المنسحبين· ويبدو أن مسار التفاوض بين الطرفين مازال طويلا بعدما اعتبرت جبهة التوافق أمس العرض الأخير الذي تقدمت به حكومة المالكي غير كاف وطالبتها بأداء مرونة أكثر في المواقف والإستجابة إلى مطالبها· للإشارة فإن جبهة التوافق أحد أهم الأحزاب السنية كانت سحبت وزراءها الخمسة من الحكومة العراقية شهر أوت الماضي احتجاجا على ما وصفته باحتكار الأحزاب الكردية والشيعية السلطة في البلاد وفقا لأسلوب المحاصصة الطائفية التي ساهمت في ظهور بوادر الإنقسام الطائفي في العراق ومنه تأجيج العنف· وتيقن المسؤولون الأمريكيون والعراقيون على أن فكرة التقسيم الطائفي حسب ثقل ووزن كل حزب لم تؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة وتشتت مكونات الشعب العراقي، مما انعكس سلبا على الوضعية الأمنية المتدهورة أصلا منذ اليوم الأول للاحتلال الأمريكي للعراق· وهو ما جعل الرئيس العراقي يؤكد أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يتم على أساس المحاصصة الطائفية وأنها ستمثل كافة مكونات الشعب العراقي رغم أنه أكد أن المالكي باق في منصبه كرئيس للوزراء ولن يحل مكانه نائب الرئيس عادل المهدي كما تردد في وقت سابق· من جهة أخرى ذكرت مصادر في وزارة الخارجية العراقية أمس ان الاستعدادات تجري حاليا لاستضافة جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين الأمريكي والإيراني حول مسألة إنهاء العنف في العراق· ومن المتوقع أن تعقد هذه الجولة الأسبوع المقبل رغم أنه لم يتحدد بعد مستوى هذه المفاوضات، وكان الطرفان الأمريكي والإيراني عقدا ثلاث جولات العام الماضي بشأن الوضع الأمني بالعراق، تمت اولاها في شهر ماي، في حين عقدت الجولة الثالثة شهر جويلية وكانت على مستوى السفراء، وعقدت الجولة الثالثة على مستوى الخبراء في شهر أوت الماضي دون توصلهم إلى أية نتيجة ملموسة·