انطلقت أمس بالعاصمة العراقية بغداد أشغال ندوة المصالحة الوطنية بين مختلف الأحزاب والطوائف الدينية في محاولة لإعادة تفعيل عمل الحكومة التي أصيبت بشلل تام بسبب الخلافات الحادة بين مختلف الأحزاب المنضوية فيها· ودعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدى اشرافه على انطلاق الأشغال كل الأحزاب العراقية الى دعم المصالحة الوطنية لأنها الطريق الوحيد لمساعدة العراقيين·وأضاف المالكي في خطاب ألقاه أن تعهد هذه الأحزاب يجب أن يكون تعهدا من أجل تحقيق الصفح والتسامح وليس من أجل الانتقام· ولكن هذه الندوة التي علقت عليها آمال كبيرة لاخراج العراق من دوامة الاحتقان السياسي الذي دخلته منذ أكثر من سنتين بسبب منطق المحاصصة الطائفية الذي شكلت به حكومة المالكي وكان سببا في فشلها في تحقيق المصالحة الوطنية حتى قبل شروعها في مهمتها· ويبدو أن الندوة الحالية ستعرف نفس المصير بعد أن قاطعتها أكبر الأحزاب السنية احتجاجا على التهميش الذي عانت منه طيلة السنوات الأخيرة·ورفضت جبهة التوافق السنية أكبر أحزاب الطائفة السنية المشاركة في الحكومة احتجاجا على توجيه الدعوات الى أعضائها باسمائهم وليس باسم الحزب· كما احتجت الجبهة على قرار العدالة العراقية بالإفراج عن مسؤولين شيعيين اثنين رغم تورطهما في مجازر قتل ضد السكان السنة· يذكر أن جبهة التوافق السنية انسحبت من حكومة الوزير الأول نوري المالكي احتجاجا على تهميشها ومنح الشيعة مناصب حكومية مؤثرة على حساب الأطياف الأخرى· ويذكر أن هذه الندوة التي تنهي أشغالها اليوم جاء تحت ضغوط أمريكية متزايدة على الحكومة الحالية التي فشلت وفق المنظور الأمريكي في تحقيق مصالحة وطنية وكسر حالة الجمود التي ميزت عملها وجعلت الحياة السياسية العراقية شبه منعدمة إلا من صراعات داخلية عكست حقيقة الأوضاع العامة في بلد تقاطعت مشاكله الأمنية والسياسية والاجتماعية وحالت دون خروجه من دوامة عنف قاتل· وظهرت بصمة الضغوط الأمريكية على صيرورة الحياة السياسية العراقية بدليل تزامن عقد ندوة المصالحة الوطنية مع زيارة ديك تشيني الى العراق ولقائه بعديد المسؤولين في هذا البلد·ويذكر أن الإدارة الأمريكية لم تعد تنظر بعين الرضى الى الوزير الأول نوري المالكي وذهبت الى حد طرح شخصيات عراقية لخلافته· للاشارة أيضا أن هذه الندوة التي تعد الثانية من نوعها بعد تلك التي نظمت في منتصف شهر ديسمبر 2006 وتعقد تزامنا مع الذكرى الخامسة لتكريس الاحتلال الأمريكي واسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين· ويطرح العراقيون وكافة المتتبعين للأوضاع العراقية سؤالا جوهريا حول قدرة الندوة في اصلاح ذات البين العراقي بعد الشخ الذي تركه الاحتلال على تجانس المجتمع العراقي وكاد أن يؤدي الى حرب أهلية على خلفية طائفية؟