لاشك أننا كجزائريين تابعنا بشغف كبير ما أنجزه منتخب مصر الشقيق وفرحنا له على غرار كل العرب، لأن تتويجه بكأس إفريقيا للأمم كان بمثابة تاج لنا جميعا ·و لذلك فإن تجربة هذا المنتخب العملاق مع الانتصارات يجب أن تتخذ كنموذج لتقويم مسارات منتخباتنا المتعثرة حتى الآن، خاصة نحن في الجزائر بعد أن مررنا بمراحل شاقة وها نحن ندفع الثمن دون أن نستفيد من كبواتنا و لا من تجارب غيرنا· لقد مر الأشقاء في مصر بمواسم لا حصاد لكنهم أدركوا أين الخطأ و تعرضوا للبهدلة لكنهم أدركوا أيضا بأن دوام الحال من المحال و لابد من إيجاد العلاج، وكان الحل لكل كبواتهم يتمثل في تحقيق الاستقرار والاعتماد على الكفاءات الكروية المحلية بالدرجة الأولى، فصبروا على النتائج وعلى الأداء والانتقادات، لكنهم في نهاية المطاف عرفوا طريقهم إلى الانتصارات والتتويج وهاهم يتطلعون إلى العالمية ومن حقهم أن يفتخروا بذلك ونفتخر بهم بدورنا· وطالما أن تجربتهم ناجحة بكل المقاييس فمن الأجدر بنا أن نتعامل معها ونستلهم الافكارمنها، وهنا نهمس في آذان مسؤولي الاندية عندنا كشبيبة القبائل واتحاد الجزائر ومولودية الجزائر ووفاق سطيف ومولودية وهران ليأخذوا العبرة من تجارب بعض الأندية المصرية التي تشكل خزان منتخب الفراعنة والتي استطاعت بفضل تنظيمها أن تجعل من الاحتراف فلسفة لها دون أن تلتفت إلى الخزينة العمومية لضبط استراتيجيتها· وهنا أيضا لابد أن نسأل بارونات الكرة الجزائرية الذين يملأون الدنيا ضجيجا بتصريحاتهم الملتهبة أين التكوين وأين هي البراعم وأين هو الخلف وأين هي الاهداف وماذا انتم قادرون على فعله لتطعيم المنتخب الوطني بلاعبين من أمثال أبوتريكة الذي احترف في الأهلي فقط أو عصام الحضري القادم إلى الأهلي من كفرالبطيخ من عمق الصعيد المصري أو وائل جمعة وغيرهم من الذين لعبوا في مصر فقط ولم يغادروها الا كسياح ؟ ولاشك أنه عندما توضع انديتنا التي تعيش على ريع الخزينة العمومية تحت المجهر وتحاسب محاسبة دقيقة على كل سنتيم تلاعبت به في سوق الملاعب وتفتح لها دفاتر الاعباء لكشف ممارساتها فعندها يمكن تخليص واقع كرتنا من الطفيليين الذين رهنوا كل أوراقها الرابحة وجعلوها تجري وراء بعض المحترفين من الدرجات الدنيا في البطولات الفرنسية والبرتغالية والألمانية وغيرها· وعندها أيضا تتضح الرؤية فيصمد أمام التيار من كان صالحا من رؤساء الاندية وينكشف أمر كل مندس اتخذ من أنديتنا الكارطونية منفذا لتحقيق المال أو التلاعب به في العقود الوهمية التي لا تعرف لها أرقام· وهو ما ينطبق أيضا على الهيئات المسؤولة عن هذا الواقع والتي تشرف على اللعبة وفي مقدمتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم المطالبة بتهيئة المناخ السليم الذي يمكن أن يضغط على محيط اللعبة و يوفر لها الأطر النظامية والقانونية التي تحميها من المتلاعبين والوصوليين والمتاجرين والدخلاء الذين انحرفوا بكل ما له علاقة بالكرة إلى مسارات نحن الآن ندفع ثمنها أو نتفرج عليها· صحيح أن الاتحادية الجزائرية بدأت تتحرك وصحيح أن هناك نية لتقويم المسارات المعوجة لكن ما ليس منطقيا في بعض خرجاتها هو انها غير قادرة على تسيير ملف الفريق الوطني والدليل خرجته الأخيرة للتربص في فرنسا وهي الخرجة التي لا جدوى منها طالما أن المنتخب الوطني لم يحتك هناك بأي منتخب ولو من باب التدريب· ولا شك أنه عندما يصل الامرإلى هذا الحد من البرمجة غير المسؤولة فإنه يجدر بنا القول لأهل الفاف كفى بكاء على اللبن المسكوب، ما دمتم لا تملكون استرتيجية تحميكم من تلاعبات الغير، لأن ما حدث في قصة برمجة لقاء بلجيكا الودي يكفي مطالبة مسؤولي الفاف أن يتحلوا بحس دبلوماسي يمكنهم من إقناع غيرهم باللعب معنا· إنها ملاحظات أملتها الاحداث الكروية التي تفرجنا عليها في غانا وكان منتخبنا عنها من الغائبين ولو أننا أسعدنا في نهاية مطافها لأن التتويج كان عربيا ومستحقا ومن هنا لا غرابة إذا اتخذنا من منتخب مصر الشقيق مثلا لنا لأن رحلته الصعبة مع الاخفاقات وسوء إدارة اللعبة في بعض المراحل كانت حافزا له على تحقيق مثل هذه النقلة النوعية مع الانتصارات والتتويجات فهنيئا له ولنا جميعا ومن سار على الدرب وصل·