تفاقمت حالة الشلل في حركة الملاحة الجوية الدولية وبخاصة الأوروبية بسبب السحاب المتصاعد من بركان بأيسلندا، وألحق إلغاء مئات الرحلات القادمة والمتوجهة نحو القارة العجوز خسائر بشركات الطيران قدرت ب200 مليون دولار يوميا، وحذّر مختصون من أن يستمر الوضع الحالي لعدة أسابيع أخرى. لم يتغير وضع الملاحة الجوية في أوروبا والعالم منذ الأربعاء الماضي مع بداية احتلال سحاب متصاعد من بركان ثائر بأيسلندا للأجواء، مما أدى الى شلل في النقل الجوي قد يتواصل لأيام أخرى أو لشهور حسب توقعات المختصين الذين تحدثوا عن كارثة تكون عواقبها وخيمة على شركات الطيران من الناحية المالية، إضافة الى تعطيل عدة محافل جهوية وإقليمية ودولية، وحامت أمس شكوك حول مشاركة عدة زعماء في العالم في مراسم دفن الرئيس البولوني ليش كازينسكي. واضطر آلاف المسافرين الى إلغاء مواعيدهم واختار البعض الآخر استخدام القطارات خاصة في الخطوط الداخلية او في الدول الأوروبية. ولم تسلم الملاحة الجوية بالجزائر مثل باقي دول العالم من الاضطراب وأعلنت شركة الخطوط الجوية الجزائرية إلغاء رحلاتها المبرمجة ليوم امس باتجاه مطارات دول شمال أوروبا وبعض المطارات في جنوب أوروبا بسبب غيمة الرماد البركاني الناجمة عن ثوران بركان أيسلندا. وذكرت الشركة في بيان لها أمس أن هذا الإلغاء فرضته عملية إغلاق دول شمال أوروبا لمطاراتها، وأشار الى ان'' هذه الحركة البركانية قد امتدت الى بعض مطارات جنوب أوروبا''، وأضاف أن ''شركة الخطوط الجوية الجزائرية اتخذت بالتالي إجراءات لإلغاء كل الرحلات باتجاه هذه المطارات''. وربطت الخطوط الجوية الجزائرية إعادة النظر في برنامج الإلغاء وتعليق الرحلات بتقدم الوضع في المطارات الأوروبية، وبغرض مساعدة العديد من المتوجهين نحو أوروبا لبلوغ التراب الأوروبي برمجت الشركة ''رحلات إضافية الى جنوب أوروبا باتجاه المطارات التي تظل مفتوحة''. وقررت الخطوط الجوية الجزائرية إعفاء الزبائن الذين أكدوا حجزهم على الرحلات المعنية من دفع غرامات تأجيل الحجز الى تاريخ لاحق وتدعوهم الى التقرب من محطات الذهاب قبل التنقل. وتشير جميع المعطيات المتداولة أمس والواردة من مختلف العواصم الأوروبية والعالمية أن الملاحة الجوية لن تكون على أحسن حال في الأيام القادمة، واهتدت العديد من الشركات الى ''حيلة'' تتمثل في تقديم تواريخ إلغاء الرحلات قصيرة الآجل على أمل تسجيل تحسن في الأجواء مع انقشاع السحب المتراكمة والتي لها تأثير سلبي على صحة الإنسان وعلى الطائرات. وخيم ''التشاؤم'' أمس على جميع شركات الطيران، وألغت كل من هولندا وبروكسل والبرتغال وغالبية الدول الاسكندنافية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودول البلطيق اغلب رحلاتها، واضطرت المستشارة الألمانية إنجيلا ماركل التي كانت متوجهة الى بولونيا لحضور مراسم دفن الرئيس البولوني ليش كازينسكي المقررة اليوم الى النزول في البرتغال قادمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، قبل أن تتوجه برا الى شمال ايطاليا لتضطر الى إيجاد وسيلة نقل غير الطائرة للتنقل الى بولونيا. وبدأ الحديث عن الخسائر المادية التي تكبدتها شركات الطيران العالمية بسبب هذه الاضطرابات التي لم تشهدها الملاحة الجوية حسب المتتبعين منذ احداث 11 سبتمبر ,2001 وأشارت تقارير أوروبية الى أن الخسائر اليومية بلغت 200 مليون دولار، وعلى ضوء ذلك شرعت بعض الشركات في تطبيق خطط تسريح العديد من العمال مثلما هو الحال لشركة الخطوط الجوية الاسكندنافية التي تحدثت عن تسريح قرابة 3 آلاف عامل بالنرويج. والملفت للانتباه أمس هو التضارب الكبير بين المختصين بخصوص استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه من عدمه، وإمكانية تواصل انبعاث السحاب ليس لعدة أيام فقط بل لأسابيع وقد يكون ذلك لشهور. وقال متتبعون لثوران بركان أيسلندا الذي ما زال ينفث رماده في الجو انه بدأ في الهدوء يوم السبت لكن ثورته قد تستمر لأيام أو حتى شهور. وذكر مكتب الأرصاد الأيسلندي ان سحابة الرماد التي تكونت فوق البركان انخفضت الى ارتفاع يتراوح بين خمسة وثمانية كيلومترات من ستة و11 كيلومترا عند بداية الثوران في الأسبوع الماضي. وقال المكتب ان حجم صهير البركان يبدو انه يتضاءل وأن الاضطرابات الشديدة استقرت وبدا البركان أقل ثورة. وحسب أرمان هوسكولدسون المتخصص في علم البراكين في جامعة أيسلندا فان ''هناك علامات على انخفاض الضغط وعلى أن الثوران سيكون اهدأ'' ولكن برجثورا ثوربجارناردوتير المتخصصة في علم طبيعة الأرض في مكتب الأرصاد أوضحت ان استقرار الثوران لا يعني بالضرورة أن البركان بدأ يهدأ، وأضافت انه ''قد يستمر الثوران على هذا النحو لوقت طويل''. وقالت في هذا الصدد: ''تختلف البراكين عن بعضها البعض وليس لدينا خبرة كبيرة مع هذا البركان حيث أن آخر ثوراته كانت منذ 200 عام''.