سيعرض المركز الوطني للبحث في علم الآثار يوم 25 أفريل المقبل بمناسبة شهر التراث الذي يحتفل به كل سنة من 18 أفريل إلى 81 ماي نتائج أشغاله لسنة ,2009 وتناولت أشغال الفرق الأثرية مواصلة إعداد الخريطة الأثرية لشرق البلاد والتشخيص الأثري لساحة الشهداء والحفريات على مستوى قلعة الجزائر، سوق أهراس وحفرية بلامباز (باتنة).
وأشارت السيدة كلثوم كيتوني داحو مديرة المركز الوطني للبحث في علم الآثار ل''واج'' أنّ ''الأشغال التي أنجزت خلال هذه الفترة تمثّلت في تحديد وجرد كلّ المقامات والمواقع الأثرية ثم تنظيفها سطحيا إذا اقتضى الأمر قبل تصويرها وإقامة بيانات عن كلّ موقع''، مضيفة أنّ هذه العملية الهادفة إلى إقامة الخريطة الأثرية لشرق البلاد يشرف عليها فريق مكوّن من باحثين جزائريين ونظرائهم الايطاليين من جامعة ترينتو، وأوضحت المسؤولة أنّه ''تمّ تحديد 18 موقعا في ولاية الطارف و19 آخر في ولاية سوق أهراس''. وأكّدت المسؤولة أنّ التشخيص الأثري بساحة الشهداء (الجزائر) ''يهدف إلى تقييم الإمكانيات الأثرية بموقع مشروع محطة المترو مع توضيح تاريخ وحالة الآثار المتواجدة بباطن الأرض''، مشيرة إلى أنّ ''نتائج التشخيص ستسمح من جمع المعلومات اللازمة لانجاز مشروع التهيئة وتحضير حفرية وقائية''. وتمّ الشروع في عمليتين للحفر على مستوى الطرفين الشمالي والجنوبي للمشروع وسمحت مساحتها التي تقدّر ب 400 متر مربع بتحديد الطبقات الأثرية إلى غاية الصخرة المتواجدة على عمق 7 أمتار، وأشار مسيّر المشروع إلى أنّ ''الاحتلال الأوّل لهذه المنطقة يعود إلى المرحلة الأغسطينية التي تطابق عهد يوبا الثاني بموريتانيا''، مضيفا أنّه خلال القرن الثاني شهدت مدينة ايكوزيوم توسيعا وتمّ تشييد بنايات بهذا الموقع تتمثّل في حي سكني في الشمال وبناية كبيرة في الجنوب ليقام عليها فيما بعد كنيسة (بازيليك)''. وأضاف مسيّر المشروع أنّ ''الاحتلال الحضري تواصل إلى غاية القرن الخامس ثم تمّ بناء مقبرة -يصعب تحديد تاريخها بدقة- على آثار هذا الحي''، مشيرا إلى أنّ المرحلة القروسطية شهدت تشييد بنايات جديدة يعود تاريخها إلى فترة ما بين القرن 11 والقرن ،14 مشيرا إلى أنّ ''المساحات المتواجدة بجنوب الموقع كانت عبارة عن مقذرة لصنّاع الفخار خلال القرن 11 والقرن ،''12 وأضاف أنّه تمّ العثور على آثار المرحلة العثمانية ''مساكن في الشمال وأحياء حرفية في الجنوب''. وقد سمحت عمليات الحفر من اكتشاف قطع أثرية هامة تتمثّل في بقايا هياكل ناجمة عن أجداث وقطع نقدية وقطع فسيفساء، وحسب مسيّر المشروع فإنّ الحفريات الأثرية التي قام بها فريق متعدّد الاختصاصات بموقع لامباز في 2009 سمحت ب''تتميم المعلومات حول طرق البناء والزخرفة'' التي كانت قد أبرزت خلال الحملة الأثرية لسنة ،2007 وأشار إلى أنّ ''البناء بالتراب لم يكن مدروسا في العالم الروماني ولهذا فإنّ مثل لامباز يثير الاهتمام ويفتح أفقا متعدّدة حول خيار الأنظمة البنائية التي تجمع بين المرونة والاقتصاد''. وشارك ثلاثة باحثين عن مركز البحث الأثري في الحفرية التي شرع فيها الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية بالتعاون مع المعهد الفرنسي للبحوث في علم الآثار الوقائي بقلعة الجزائر في إطار مشروع الترميم وإعادة التأهيل، وتتمثّل القطع الأثرية المكتشفة في قطع سيراميك عمرانية وبعض الغلايين وكذا مسامير معدنية. وبعد اكتشاف مقبرة في منطقة هنشير صالح (ولاية سوق أهراس) تمّ إيفاد فريق مختصين في علم الآثار إلى عين المكان لدراسة الاكتشاف، ويتعلّق الأمر بناوتين حجريين مصنوعين بالحجر الكلسي ذات طول 1.88 م وعرض 0.55 م بغطاء يبلغ طوله 2.10 م وعرضه 0.70 م بحيث يعدّ تابوتا واحدا في حالة جيدة من الحفاظ مع انعدام وجود لوازم النعش. كما تمّ إيفاد المختصين في علم الآثار إلى قرية بهلية ببلدية بئر بوحوش بحيث سجّلوا وجود سراديب أموات ولوازم النعش (شظايا سيراميك) وكذا زخرفة ليبية بالحجر الكلسي. ويعد المركز الوطني للبحث في علم الآثار الذي تم انشاؤه بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05-495 مؤسسة عمومية ذات طابع علمي وتكنولوجي تحت وصاية وزارة الثقافة، ويتكفّل بانجاز برامج البحث العلمي والتطوّر التكنولوجي في مجالات علم الآثار من أجل الإسهام في تاريخ الجزائر والمغرب العربي وإفريقيا الشمالية وكذا مباشرة كلّ الأشغال العلمية والتقنية لعلم الآثار الليبي، القرطاجي، الروماني، المسيحي والإسلامي الذي يهدف إلى معرفة وتحديد الفضاءات الأثرية التي تعتبر مكان تفاعل بين الإنسان وبيئته، كما يشرف هذا المركز على إعداد الخرائط الأثرية اللازمة لتخطيط وتحديد الأولويات في مجال التهيئة، تثمين التراث الوطني وإنشاء رصيد وثائقي وبنك معطيات وكذا المشاركة في إعداد برامج تعليم علم الآثار، وتتكّفل أيضا بإقامة علاقات تبادل وتعاون مع الهيئات والمؤسّسات الأجنبية المعنية بهذه النشاطات.