تحضر الهيئة الوطنية لتطوير البحث وترقية الصحةّ ''فورام'' لإطلاق حملة وطنية موجهة أساساً للأولياء، بالإضافة إلى الأطفال أنفسهم والمؤسسات التي تسوق خدمات الأنترنت، تهدف إلى حماية الأطفال والمراهقين من أضرارها وعلى الخصوص المواقع اللاأخلاقية والإباحية وكذلك المواقع المروجة للإرهاب وسيوازي هذه الحملة مشروع القانون الذي تدرسه حالياً لجنة وزارية يترأسها الأمين العام لوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال حول حماية الأطفال والمراهقين من خطر هذه المواقع التي تعد بالملايين. ولأن الإبحار في عالم الأنترنت أصبح اليوم سلاحا ذا حدين أولهما نعمة كونها توفر للمستخدم كل ما يتطلع إليه من معلومات ومعرفة باستعمال آخر ما توصلت إليه تكنولوجات الإعلام والاتصال وثانيهما نقمة كونه يوقع بالملايين من الأشخاص لاسيما منهم الشباب والمراهقين وحتى الأطفال في مخالب الانحراف والانحلال الخلقي وقد تصل إلى حد ''جرهم'' نحوالمسالك والأفكار الإرهابية. وقد أدركت السلطات العليا في البلاد هذه الحقيقة التي تتطلب الإسراع في اتخاذ التدابير الوقائية لحماية أبناء المجتمع وعلى رأسهم الأطفال والمراهقين، حيث كشفت إدارة ''اتصالات الجزائر'' أنها في غضون 8 أشهر تكون قد أنهت التحضيرات بشأن الإجراءات القانونية والتقنية من خلال تقنيات خاصة لحجب المواقع الإباحية ومواقع التنظيمات الإرهابية عن مشتركي الأنترنت في كامل التراب الوطني، وفي انتظار ذلك وضعت ''اتصالات الجزائر'' خدمة مجانية تحت تصرف الأولياء وملاك مقاهي الانترنت لتمكينهم من حجب تلك المواقع محليا. وجاء تحرك ''اتصالات الجزائر'' فيما يتعلق بحجب مواقع إباحية وأخرى مروجة للإرهاب والانحراف، بناء على توجيهات من أعلى هرم السلطة، حسبما تضمنته تقارير أمنية أكدت أن ما يغذي تفشي الخلاعة والشذوذ الجنسي وفساد الأخلاق لدى الشباب والمراهقين هي المواقع الإباحية التي تفتح باب الانحراف على مصراعيه، بل تحولت مواقع إلكترونية إلى وسيلة لممارسة الابتزاز والنصب والاحتيال بالإغراء والجنس سواء عن طريق مواقع التعرف أوالدردشة الجنسية. وليست وحدها مواقع الجنس المجانية أو بالمقابل، التي حوّلت المراهقين إلى منحلين أخلاقياً أو مضطربين نفسياً، بل حتى التابعة لتنظيمات إرهابية هي الأخرى استهوت عددا ممن فضلوا التدين والاعتدال، ليجدوا أنفسهم مستدرجين لمتابعة مشاهد اقتتال المسلمين فيما بينهم تحت راية ''الجهاد الزائف'' وكم من شاب كان ملتزماً، وجد نفسه قد استدرج عبر منتديات تصف نفسها ''جهادية'' إلى الطريق الضال. وللقضاء على مصادر هذه الآفات شرعت مؤسسة ''اتصالات الجزائر'' في العمل على الصعيدين القانوني والتقني لحماية شبكة الأنترنت التي توجد تحت رقابتها ووصايتها من هذه المواقع من خلال برامج للإعلام الآلي تستعد لاقتنائها وجعلها حاجزا أمام وصول أي مشترك في الانترنت ببلادنا من دخول تلك المواقع وسيصبح في غضون 8 أشهر كأقصى تقدير ساري المفعول، مما يمكّن مشتركي الأنترنت فرديا أوجماعيا من حماية خطوطهم للحيلولة دون وصول أبنائهم أوالعاملين في مؤسساتهم إلى مواقع مروجة للفساد وهي الخدمة التي يتم توفيرها مجانا للمشتركين من خلال طلب لدى وكالتها وتحميل برنامج على مستوى أجهزة الإعلام الآلي وتنفيذه ليصبح مباشرة بعد ذلك عمليا ويمنع الأبناء من الوصول إلى مواقع إباحية بما فيها مواقع الدردشة والتعارف الجنسي. مؤسسات خدمة الأنترنت معنية بواجب الحماية والوقاية وفضلت الهيئة الوطنية لتطوير البحث وترقية الصحةّ ''فورام'' إطلاق حملتها التحسيسية بحيث تكون موازية مع تحضير السلطات المعنية لقانون خاص يهدف إلى حماية المجتمع من أضرار ومساوئ الانترنت وعلى الخصوص المواقع التي تتربص بالبراءة بعيدا عن أعين الأولياء، والغريب في الأمر هو أن هؤلاء الأولياء يعتقدون أن توفير الحاسوب وفضاء الانترنت يخلص أبناءهم من الأضرار التي قد تلحقهم جراء بقائهم في الشارع، معرضين إياهم للانحراف دون أن يدركوا أن ما ينتظرهم في عالم الانترنت من مواقع لا أخلاقية قد يكون اخطر على أبنائهم من هذا الشارع الذي يحاولون تخليص فلذات أكبادهم منه، مفضلين أن يمكث هؤلاء ساعات طويلة في اليوم أمام الكمبيوتر. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الهيئة الوطنية لتطوير البحث وترقية الصحةّ الدكتور مصطفى خياطي أن إصدار القوانين واتخاذ المزيد من الإجراءات شيء جميل والأجمل منه هو أن يكون الأولياء واعين بما يحدق بأبنائهم من أخطار، خلال تصفح مواقع الانترنت، وهو الهدف الذي تصبو إليه الهيئة، موضحاً أن هذه الحملة التي ستنطلق قريبا عبر كامل التراب الوطني موجهة بالإضافة إلى الأولياء والأطفال أنفسهم إلى المؤسسات التي تقدم خدمات الانترنت والتي يجب أن تعرف أنه من الضروري للغاية توفير برنامج الحماية الخاصة بالأطفال ووضعه في متناول الأولياء مجانا خاصة وأن تكلفته ضئيلة جدا وفعاليته كبيرة. وكشف خياطي أن برنامج الحماية من صنع كندي متوفر حاليا بالجزائر ويعطى مجاناً عند شراء حاسوب إلا أن رئيس ''فورام'' يتأسف لعدم وجود قانون أو أمر يجبر هذه المؤسسات المسوقة لخدمات الانترنيت ومسوقي أجهزة الإعلام الآلي على تقديم برنامج الحماية للزبون بالمجان وتلقائيا في عملية الشراء. مطالباً السلطات وعلى الخصوص المشرفين على تحضير القانون الخاص بحماية مستخدم الأنترنت من المواقع الداعية للانحراف لإدراج هذا الشرط ضمن أحكام مشروع النص القانوني المرتقب. الأطفال الفريسة السهلة للمواقع الإباحية والانحراف ولم يخف الدكتور مصطفى خياطي قلقه إزاء منطق الأولياء السائد في أيامنا، حيث يعتقد هؤلاء أن إبعاد الطفل من الشارع وتجنبه رفقاء السوء وتمكينه من الحصول على نتائج جيدة في الدراسة، لن يتحقق إلا بتوفير خدمة الانترنت في البيت وهي التكنولوجية التي لا يمكن لأحد إنكار مزاياها وفوائدها، إلا أن ما يجهله الكثير منهم هي الأخطار الكبيرة التي قد يذهب ضحيتها أبناؤهم، الذين يلجؤون من خلال الإبحار عبر آلاف المواقع، بل أكثر من ذلك يتعرفون على أشخاص مجهولين لا يرون وجوههم ولكن يتعلقون بهم ليستدرجوهم في النهاية نحو المجهول. ويستطرد البروفيسور خياطي بقوله ''هناك الآلاف من المواقع المجهولة التي تظهر وآلاف أخرى تختفي يوميا وتبقى المواقع الأكثر خطورة هي تلك التي تستغل الأطفال جنسيا والمواقع تلك التي تروج للإرهاب''، مؤكداً أن برنامج الحماية يسمح بوقاية الأطفال لأن الأمر يتعلق حقيقة بالصحة وبحماية مختلف فئات المجتمع من أخطار الآفات والانحراف الأخلاقي وبالدرجة الأولى الطفل. ومن خلال الحملة التحسيسية التي ستطلقها الهيئة الوطنية لتطوير البحث وترقية الصحةّ ''فورام'' سيتم اتخاذ عدة إجراءات لدى مسوقي خدمات الأنترنت والتحسيس بضرورة المشاركة في مواجهة مخاطر ما يأتي من الخدمات وبالتالي توفير الآليات لحماية الأطفال والمراهقين، فضلا عن تنظيم لقاءات عبر جميع ولايات الوطن لتحسيس الأولياء وإقناع جميع من يريد اقتناء جهاز حاسوب بضرورة جلب آليات الحماية اللازمة المتمثلة في البرامج الخاصة بذلك بعد تحسيسهم بمخاطر خدمة الانترنت في حياة الطفل والشباب بصفة عامة.