أكد المشاركون في ختام أشغال الملتقى الوطني الأول للشيخ سيدي محمد بلكبير مساء أول أمس الخميس بأدرار على أهمية تنظيم لقاءات أخرى لبحث مزيد من المسائل ذات الصلة بالمذهب المالكي. وأشار الحضور في التوصيات الختامية لهذا اللقاء الوطني الذي نظم تحت عنوان "المذهب المالكي وجهود علماء المنطقة في نشره وترسيخه" إلى ضرورة تعميق البحث حول المذهب المالكي من خلال معالجة جوانب أخرى منه كالعقائد والسلوك والتراجم وغيرها. وثمن المشاركون بالمناسبة تنظيم هذا الملتقى الوطني الأول من نوعه واعتبروه لبنة تضاف إلى الخطوة الحضارية التي تجسدت في إعادة بناء مسجد سيدي محمد بلكبير دعما لرسالته التعليمية والتربوية والإصلاحية . وأبرزت التوصيات أهمية العناية بالتراث والمخطوط إحصاء وجمعا وحفظا وتمكين المؤسسات العلمية والباحثين من خدمته وإحيائه ونشره مع تفعيل دور المركز الوطني للمخطوطات بولاية أدرار. وبعد أن دعا المشاركون إلى دعم المكتبات المسجدية والعامة بكتب الفقه المالكي ومصنفاته إقترحوا طبع أعمال هذا الملتقى الوطني في عدد خاص والعمل على نشرها في وسائل الإعلام المتاحة. للتذكير فإن الملتقى الوطني الأول للشيخ العلامة الراحل سيدي محمد بلكبير الذي نظم تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قد شهد مشاركة كوكبة من العلماء و المشائخ والأئمة و الأساتذة الجامعيين من مختلف أرجاء الوطن. وتناول المشاركون على مدار يومين من خلال مجموعة من المداخلات والنقاشات المفتوحة عدة محاور تتعلق بالتعريف " بالمذهب المالكي و تاريخ نشأته و أسباب انتشاره في نظر ابن خلدون " إضافة إلى إبراز جهود علماء المنطقة في ترسيخه و نشره عبر كامل ربوع الوطن من خلال التطرق إلى مجهودات الشيخ العلامة سيدي محمد بلكبير في تحقيق هذا المسعى. كما بحث المشاركون في هذا اللقاء رسالة أبي زيد القيرواني و منهجها في التأصيل والتوصيل و المختصرات الفقهية في المذهب المالكي و سبل الإستفادة منها. وتواصلت أول أمس الخميس بالجامعة الإفريقية العقيد أحمد دراية بأدرار في يومها الثاني والأخير أشغال الملتقى الوطني الأول للشيخ سيدي محمد بلكبير. و تركزت مداخلات اليوم الثاني من هذا اللقاء الوطني الذي يجري تحت عنوان "المذهب المالكي و جهود علماء المنطقة في نشره و ترسيخه" نشأة المذهب المالكي و خصائصه ومصادره وأسباب انتشاره. و أشار الدكتور بلمهدي يوسف مستشار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الى أن نشأة المذهب المالكي تعود إلى نهاية القرن الأول الهجري بالمدينةالمنورة التي عاش بها الإمام مالك مع الصحابة و العلماء و في مقدمتهم نافع بن مولى ابن عمر و الفقهاء السبعة و أغلبهم من كبار التابعين. و أوضح المتدخل أن الإمام مالك تلقى العلم على يد الصحابي الجليل و أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. و يرى الأستاذ بلمهدي أن "كل هذه الظروف هيأت الإمام مالك" لأن يصبح إمام مدرسة جديدة في الفقه الإسلامي. وقد تأهل لمنصب الإفتاء بعد أن شهد له بأحقيته أكثر من 70 معلما مؤسسا بذلك ما يعرف بمدرسة الحديث التي تتفرع إلى مدارس عدة منها مدرسة المدينة و مدرسة مصر ومدرسة العراق و المدرسة الإفريقية و مدرسة الأندلس. و حسب ذات المتحدث فإن المذهب المالكي يتسم بعدة خصائص من حيث تنوع المصادر في الجانب الأصولي. وقد اقترح على الإمام مالك في زمانه باتخاذ مذهبه كدستور موحد للأمة الإسلامية " غير أن الإمام مالك رفض ذلك " . و ذكر المتدخل في هذا الصدد أن الإمام مالك قد عمل بقاعدة "مراعاة الخلاف وتمسكه بالوسطية و الإعتدال " مشيرا الى " انتشار و ترسخ المذهب المالكي في المنطقة المغاربية برمتها وبصفة وطيدة" . و من جهته أبرز الدكتور نذير حمادو من جامعة قسنطينة عاملين أساسيين ذكرهما العلامة ابن خلدون ويتمثلان في "رحلة أهل المغرب إلى الحجاز" و كذا "تشابه كل من الحجاز و المغرب و الأندلس من ناحية البيئة التي تطبعها البداوة" مستعرضا آراء العلماء و الباحثين حول مدى دقة هاتين الفرضيتين. أما عضو المجلس الإسلامي الأعلى الإمام غيتاوي توهامي فتناول في مداخلته علاقة الشيخ العلامة الراحل سيدي محمد بلكبير بأعلام المنطقة و علمائها الذين عاصروه. ويرى المتدخل أن عدة شخصيات دينية كان لها دور بارز في الارتقاء بشخصية الشيخ سيدي محمد بلكبير فكريا وعلميا "مما أهله ذلك التصدي الى بعض الجدليين حول بعض المسائل الفقهية" . ويشارك في أشغال الملتقى الوطني الأول للشيخ سيدي محمد بلكبير جموع من الأئمة و المشائخ والأساتذة الجامعيين الذين يناقشون جملة من المسائل ذات الصلة بنشأة المذهب المالكي وجهود علماء المنطقة في نشره وترسيخه. * الزوايا للحفاظ على المجتمع انطلقت مساء الأربعاء الماضي بجامعة أدرار أشغال الملتقى الوطني الأول للشيخ سيدي محمد بلكبير تحت عنوان " المذهب المالكي و جهود علماء المنطقة في نشره و ترسيخه". و بالمناسبة أشار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الملتقى وقرأها السيد محمد علي بوغازي مستشار برئاسة الجمهورية " أن الشيخ سيدي محمد بلكبير قد أفنى ثمرة شبابه في تلقين علوم الدين للأجيال فأصبح بحق صرحا و منارة علمية تخرجت منها عدة دفعات من الأئمة و المشايخ الذين ساهموا و ما يزالون في خدمة هذا المجتمع و تنويره بالعلوم الدينية و القيم الإسلامية السمحة". واعتبر رئيس الجمهورية هذه المبادرة بتنظيم هذا الملتقى الوطني الأول للشيخ العلامة الراحل سيدي محمد بلكبير بمثابة التفاتة تكريمية للعلماء و المشائخ الأجلاء. و ذكر وزير الشؤون الدينية و الأوقاف السيد بوعبدالله غلام الله في كلمة له " أن أدرار اشتهرت على مر السنين بتقديم علماء عاملين كرسوا حياتهم لخدمة الدين في مختلف مجالاته مخلفين وراءهم منهجا و آثارا لا يستهان بها " . واعتبر الوزير أن ولاية أدرار هي بمثابة مخزن للعلماء و التعليم و الفقه و الأصول و الثبات كما هي مخزن للمخطوطات أيضا . و أكد السيد بو عبد الله غلام الله أن "الإهتمام بالزوايا نابع من العمل المنتظر منها تأديته فيما يتعلق بالتمسك بتعليم القرآن الكريم وعلوم الدين "مضيفا في نفس السياق " أن العولمة أو الأفكار الطارئة من شأنها خلخلة التماسك الإجتماعي و ثوابت الأمة و العقائد حيث يكمن هنا دور الزوايا في الوقوف حصنا منيعا أمام كل هذه المناورات مكرسة بذلك قاعدة صلبة لما يعرف الآن بالأمن الفكري" وقال الوزير في هذا الصدد " أن المرجعية التي تضمن بقاء الأمة تأتي بالإعتماد على أصولها و قواعدها الأساسية من خلال النظر في المنهج و الطريقة التي كان عليها السلف الصالح بعيدا عن التطرف و المغالاة من خلال الإجتهاد و التفقه في الدين لمواجهة المشاكل الراهنة و تكريس وحدة الأمة و ثوابتها الأساسية". ومن جهته أبدى أمين اللجنة الشعبية للهيئة العامة للأوقاف و شؤون الزكاة بالجماهيرية الليبية السيد إبراهيم عبد السلام إبراهيم الذي حضر جانبا من مراسيم افتتاح هذا اللقاء استحسانه لما وصفه " بلقاء الأشقاء حول شخصية الشيخ الراحل الذي سطع نجمه في المنطقة المغاربية بأكملها شأنه في ذلك العلماء المعتدلين الذين وقفوا في وجه كل أشكال التطرف و المغالاة معتمدين في ذلك على قواعد المذهب المالكي". هذا وتضمن برنامج هذا الملتقى الوطني الذي شهد مشاركة جموع من المشائخ والأئمة والأساتذة وتواصلت أشغاله على مدار يومين إلقاء عدة مداخلات حول التعريف بالمذهب المالكي و تاريخ نشأته و أسباب انتشاره في نظر ابن خلدون إضافة إلى إبراز جهود علماء المنطقة في ترسيخه و نشره عبر كامل ربوع الوطن من خلال التطرق إلى مجهودات الشيخ العلامة سيدي محمد بلكبير في تحقيق هذا المسعى . كما بحث المشاركون رسالة أبي زيد القيرواني و منهجها في التأصيل والتوصيل و المختصرات الفقهية في المذهب المالكي و سبل الإستفادة منها.