تتفاقم يوما عن يوم مخاطر الفقر وأشكال العنف والاستغلال في شبكات الدعارة والمخدرات وفي الحروب، والعمل على شرائح واسعة من أطفال العالم. وإذا تعمقنا في وضعية الطفولة عبر المعمورة سنجد أنه يتعين علينا، كإعلاميين، استغلال هذا الفاتح جوان، يوم الطفل العالمي، كمناسبة للمطالبة أكثر باحترام حقوق الأطفال والدفاع عنها، فالواقع الذي يعيشه هؤلاء في دولهم يعكس معاناتهم الحقيقية. إذ تشير تقارير منظمة اليونيسيف إلى أن هناك أكثر من 218 مليون طفل يشتغلون، منهم 126 مليونا يشتغلون في أعمال خطرة. أما أطفال الشوارع فيزيد عددهم عن 120 مليون طفل، منهم 10 ملايين في الوطن العربي، بالإضافة إلى أن تقديرات أعداد المصابين بمرض نقص المناعة المتكسبة ''الإيدز'' يصل إلى قرابة 37 مليون شخص على المستوى العالمي منهم نحو 20 أطفال تتراوح أعمارهم بين 0 و15 عاما.. أرقام مرعبة تقر بها المنظمات الرسمية وغير الرسمية مقابل جهود محتشمة للتصدي لها أو حتى للتخفيف من حدتها. في الجزائر تشير الأرقام المتوفرة للفوريم إلى وجود حوالي 20 ألف طفل يعيشون في الشوارع، وإلى أن طفلا واحدا من أصل أربعة استهلك المخدرات، وأن 300 ألف طفل يشتغلون في عدة ميادين، و500 ألف طفل تسربوا من المدارس معظمهم يحترفون الإجرام، بالمقابل فإن 150 ألف طفل لا يلتحقون بالمدارس، ما يشكل نسبة 6 بالمائة من مجموع 40 بالمائة نسبة الأطفال في المجتمع الجزائري، وأنه تم تسجيل 10 آلاف حالة عنف ضد الطفل والمرأة، وأن حوالي 20 ألف طفل تقل أعمارهم عن السنة يموتون سنويا بسبب الأمراض. ولئن سجلت الجزائر في السنوات الماضية تحسنا نسبيا في ملف الاعتناء بالطفولة، إلا أن هذه الجهود تبقى تحتاج للدعم المتواصل سواء بإجراء مزيد من الدراسات والبحوث حول الوضع العام للطفولة الجزائرية أو حتى المتابعة الدورية لدراسات منجزة بغية التعرف على المستجدات وتدارك النقائص، ورغم ما أنجز لحد الآن إلا أن سبب عدم تحسن وضعية الطفل في الجزائر مرتبط بوجود العديد من الظواهر التي تفرض نفسها بقوة، ولعل أهمها ظاهرة عمالة الأطفال، حيث تشير آخر إحصائية للفوريم قامت بها في عشر ولايات من الوطن إلى وجود ما معدله 3000 طفل يستغلون في سوق العمل، فيما يرتفع العدد مع حلول فصل الصيف، بحيث يكثر عدد الباعة من الأطفال في الشوارع ليتراوح عددهم بين مليون ومليون ونصف مليون طفل تدفعهم الظروف الاجتماعية إلى المتاجرة في أبسط شيء، كبيع المطلوع أو المشروبات على الشواطئ مقابل أجر زهيد، معرضين أنفسهم لشتى أنواع المخاطر، أما ظاهرة الاختطاف فإن إحصائيات 2008 كشفت عن تعرض 87 طفلا للاختطاف. كل هذه الأرقام المرعبة تقابلها جهود حثيثة للدولة لتكفل جدي بهذه الشريحة، خاصة وأن إمكانيات الجزائر الحالية تسمح بما يمكنه إنقاذ الطفولة من وضعيتها الراهنة.