عرض في مهرجان برلين السينمائي الفيلم الوثائقي "ستاندارد اوبريتينغ بروسيدجرز" (قواعد العمل المعتمدة)، حول التجاوزات التي ارتكبها جنود من الجيش الأمريكي في سجن أبي غريب في العراق، معطيا الكلمة لهؤلاء الجنود الذين اعتبروا أنّهم حوكموا بسبب جرائم شجعت عليها قيادتهم· والفيلم وهو أوّل وثائقي يشارك في الدورة الثامنة والخمسين للمهرجان الذي ينظم من 7 إلى 17 فبراير، من إخراج الأمريكي ايرول موريس الذي نال جائزة أوسكار عام 2003 عن فيلم "ذي فوغ أوف وور" (ضباب الحرب)، حيث يعلق وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت ماكنمارا على تاريخ القرن العشرين··· وهذه المرة قام بأبحاث على مدى سنتين انطلاقا من صور التقطت في سجن أبي غريب العراقي، الذي شهد فضيحة عام 2004 لمعتقلين عراقيين عراة تعرضوا لإذلال وسوء معاملة من قبل حراسهم الأمريكيين، وحتى الآن تمت محاكمة 11 جنديا فقط وحكم عليهم بعقوبات تتراوح بين بضع ساعات في العمل للمصلحة العامة وعشر سنوات في السجن· وإذا كان ضابط عراقي تلقى مجرد توبيخ، فإن أيا من كبار مسؤولي الجيش لم تتم ملاحقته بهذه القضية، التي اعتبرها الرئيس الأمريكي جورج بوش "أفدح خطأ" للولايات المتحدة في العراق·· وأراد الأمريكي ايرول موريس إعطاء الكلمة "لبعض الأشخاص الفاسدين" المسؤولين عن هذه الأفعال، بحسب الرواية الرسمية، التي أعلنها وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفلد· وأمام الكاميرا يتحدث ستة رجال وثلاث نساء يعطي كل منهم روايته المختلفة جذريا عن روايات الآخرين، ويقولون أنّهم كانوا تحت الضغط لانتزاع معلومات من المعتقلين، الذين يشتبه بضلوعهم في الإرهاب والذين اقتيدوا من كل انحاء البلاد عبر مروحيات أو شاحنات مثل "الماشية" إلى أبي غريب الذي أصبح في نهاية 2003 "مركز الاستجواب" في العراق، وهذا ما أكّدته المسؤولة عن السجن جانيس كاربينسكي، التي أقيلت من مهامها وخفضت رتبتها العسكرية، قائلة أنّ قيادة الجيش كانت تطالب باعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين· وليندي انغلاند التي كانت تبلغ بالكاد عشرين عاما آنذاك وحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات عام 2005، ظهرت مبتسمة في صور لمعتقلين عراة تهددهم الكلاب أو مكدسين فوق بعضهم البعض، وتقول انغلاند بدون أي ملامح معبّرة، أنّها كانت متأثّرة آنذاك بمواقف حبيبها السابق تشارلز غرينر (34 عاما) الذي نال أقسى عقوبة لكن المخرج لم يتمكن من لقائه· وتروي امرأة اخرى تدعى سابرينا هارمان عبر رسائلها التي تليت في الفيلم، "كل الأعمال الدنيئة" التي ارتكبت في السجن، ويؤكد الآخرون أنّهم قاموا بتطبيق القواعد المعتمدة في هذا السجن (ستاندارد اوبيريتنيغ بروسيدجيرز) ويبررون أعمالهم، وقال احدهم "لم أشأ مخالفة رأي أحد"، ويقول آخر "لم تكن لتحصل أيّ فضيحة لو لم يتم التقاط صور، كما تعلمون هناك الكثير من الناس يموتون تحت التعذيب هناك وليس هناك من صور لذلك"· أمّا ايرول موريس فيعتبر أنّ "هذه الصور أدّت لنا خدمة كبرى، عبر إرغامنا على التفكير في لحظة مهمة في التاريخ كنا لنتجاهلها بدون وجودها" · وأضاف في برلين "لأنه تمت المعاقبة على جرائم في سجن أبي غريب، لكن لم تتم معاقبة المذنبين الفعليين"، وتقول الفيلسوفة هانا ارنت أنّ الفيلم يظهر "تفاهة الشر"، أي قدرة الأشخاص العاديين جدا على القيام بأعمال غير إنسانية·