أقيم مؤخرا على هامش المهرجان الوطني للرقص الذي احتضنته فضاء رياض الفتح، معرض خاص بالمجسمات المصغرة للرقصات الشعبية، يبرز أهم معالم الفن الجزائري الأصيل قصد التعريف به أكثر، وأيضا المحافظة على أصالته التي تمثل جانبا مهما من تراثنا الوطني. المبادرة من تنظيم مؤسسة البالي الوطني مما يعكس إرادتها الراسخة في النهوض بهذا الفن ووضعه في مكانة اللائق. المجسمات تسجل أيضا المسار الفني للبالي الوطني والذي صال وجال بهذا التراث العريق في أصقاع العالم منذ نشأته قبل 40 سنة. أما من الناحية العملية فيمثل هذا التجسيد لسجل البالي الوطني وقفة شكر وعرفان للفنان البلغاري الكبير أبراستاف الذي صمم بعد بحوث قام بها عبر التراب الوطني، 14 لوحة فنية من الرقصات الشعبية ابتداء من سنة ,1967 ويعتبر هذا العمل وبهذا الحجم سابقة على المستوى الوطني وربما العالمي أيضا، وهو من إنجاز فنانين من خريجي معهد الفنون الجميلة بالمساهمة الفنية لمؤسسة البالي. من بين الرقصات المجسدة رقصة القوم او الفنتازيا وهي عبارة عن لعب الفروسية التي تنظم في كل مناطق الوطن وفي كل المناسبات الاجتماعية والاحتفالات التقليدية الكبرى. الرقصة تمثل الفرسان في »تسابق المحاربين« ويطلقون النار جماعيا عند نهاية كل حركة، كما تبرز هذه الرقصة همة الفرسان ونخوتهم. مجسم آخر يبرز رقصة »المهارات« المشهورة بمنطقة عين البيضاء وتصور التفاف صغار النوق حول أمهاتها. من بين الرقصات المشهورة بالجزائر، رقصة العلاوي بالغرب الجزائري وتعتمد أساسا على هز الأكتاف بطريقة ريتيمية متجانسة ودك الأرض بالأرجل تعبيرا عن التمسك بها. مجسم آخر تفوح من رقصاته نسائم جرجرة أثناء موسم جني الزيتون، وهنا تبرز رقصة النسوة الفرحة بوفرة المحصول. رقصة الشاوية لا تقل حيوية، حيث تلتحم فيها سيدات الأوراس الأشم أثناء المناسبات العائلية، وأحيانا ينضم إليهن الرجال، ليشكلوا صفوفا متقابلة بخطوات متقاربة وخفة في تلويح المناديل. من بين الرقصات النسوية الراقية هناك أيضا رقصة سوق أهراس وتؤدى في المناسبات العائلية، تتميز بخطوات متقاربةو رشيقة مع التلويح بالمناديل الحريرية على نغمات الغايطة والبندير وتعالي الزغاريد. تتوالى المجسمات لتبرز بعض الرقصات المعروفة للجمهور كرقصة التوارق ورقصة البرنوس، ورقصة الصيد، إلا أن بعض الرقصات تم اكتشافها من طرف الجمهور على الرغم من أنها ضاربة في التراث الوطني، منها رقصة »الثرثارات« التي تبرز السوق الذي يمتلئ غالبا بالثرثرة تماما كما يمتلئ بالسلع وهو مكان مفضل للنسوة، إلا أنهن غالبا ما يصطدمن بالرجال الذين يرفضون إقبال المرأة على السوق، وبالتالي تصور الرقصة غضب شيخ يلوح بعصاه مهددا النساء وذلك بشكل هزلي على وقع المزمار والطبل. رقصة أخرى تصور موسم جني التمور بالجنوب، حيث ترقص الفتيات على إيقاعات القرقابو. رقصات أخرى تبرز بعض الاحتفالات التقليدية التي لا تزال تقام الى اليوم، منها رقصة زواج أولاد نايل بوسط الجزائر، حيث تصور اللوحة رقصة منفردة تؤديها العروس ليلة زفافها وتعبر عن حركاتها وقلقها المتلازمين ثم تتبع الرقصة بحفل الزواج، حيث يرقص الرجال والنساء معبرين عن سعادة أهل العروسين. هناك أيضا الرقصة العاصمية التي غالبا ما تختتم بها عروض الباليه الوطني، وهي تؤدى على أنغام الموسيقى الشعبية الحضرية وتختتم بدعوة الرجال إلى المشاركة في الرقص. كل الرقصات تؤدى باللباس التقليدي الذي يعكس خصوصية كل منطقة، كما يتم استعمال الآلات الموسيقية الأصيلة كالبندير، الطبل، القرقابو، الدربوكة، القلال، الناي، المزود والزرنة.