كانت المفاجأة كبيرة حينما رقص راقصو البالي الوطني على أنغام أغنية رياضية، تعبيرا منهم عن فرحتهم العظيمة بتأهل الفريق الوطني الجزائري لنهائيات كأس العالم، وهذا بعد أن قدموا عرضهم الجميل أول أمس بالمسرح الوطني. بعد أن جال وصال البالي الوطني في أكثر من ولاية جزائرية، يعود هذه الأيام إلى العاصمة حيث قدم أول عرض له نهاية الأسبوع الماضي بالمسرح الوطني الجزائري، في حين سيقدم عرضا آخر سهرة اليوم في نفس الفضاء ابتداء من الساعة السابعة مساء... البداية كانت برقصة تلمسان، أدتها ثمان راقصات ارتدين اللباس التلمساني التقليدي مزين بالأطقم النفيسة، وتسمى هذه الرقصة برقصة حضرية تؤديها المرأة التلمسانية، تلتها رقصة القوم أو الفنتازيا التي قدمها ثمانية راقصين وهي لعب جماعي بالخيول يقام في المناسبات الجزائرية، وأدى الراقصون هذه الرقصة التي تعبر عن فرسان في تسابق المحاربين، بطريقة جميلة، بل معبرة أيضا، وهم يتصايحون وكأنهم حقا فوق الخيول في تسابق يبرز من هو الأفضل فيهم ويظهر أيضا نخوتهم وقدرتهم على ركوب الخيل. واصطحب رقص رجال البالي لرقصة القوم، ثلاث عازفين، واحد على الناي والثاني والثالث على الطبل، مما زاد في حيوية العرض، أما الرقصة الثالثة فكانت رقصة الشاوية التي قدمتها نساء البالي بلباس شاوي أسود مذهب، ودائما تحت أنغام الطبل والناي، في حين لقيت رقصة العلاوي تجاوبا كبيرا من الجمهور الحاضر خاصة مع صياح الراقصين وتحركاتهم السريعة، وهذه الرقصة هي رقصة ذات طابع رجولي تعرف أكثر في الغرب الجزائري وتعتمد على الأكتاف وضرب الأرجل على الأرض، تعبيرا عن قوة الرجال وصبرهم على الصعاب. الرقصة الخامسة كانت رقصة القبائل، وهي رقصة قامت بها راقصات يرتدين اللباس التقليدي القبائلي الأبيض والبرتقالي، وتحمل بعضهن قدرا من الفخار، وطبعا التجاوب كان أيضا كبيرا مع الرقصات السريعة ودقات الطبل القوية. أما رقصة البرنوس فكانت هي أيضا في القمة، خاصة بارتداء الرجال لبرانيس حمراء يحركونها حسب دقات الطبل ونوتات الناي، وتعبر عن الأصالة والرجولة في المجتمع الجزائري، أبعد من ذلك فقد غنى الراقصون أغنية تراثية تناسبت مع حركاتهم الجميلة والرجولية. وجاءت الرقصة السادسة تحت عنوان رقصة "الرقيبات" وهي رقصة من منطقة تندوف، حيث تحرك الراقصات أجسادهن وأياديهن حسب إيقاع الطبل وتتزايد إلى درجة الوصول إلى حالة من إحساس الانفصال عن الواقع. تلتها رقصة الطوارق التي قدمها الرقاصون في صورة حكاية بدأت بصراع بين رجلين من الطوارق ينتميان إلى قبيلتين مختلفتين، ويشارك في هذا الصراع طوارق آخرون وتتدخل امرأتان من القبيلتين تحاولان فك الصراع ولكن هيهات هيهات فقد أطلقت شرارة الحرب ولا احد قادر على إطفائها، هل هذا صحيح؟ لا، لأن الأخوة فوق كل شيء فتتحد القبيلتان تحت رقصات سريعة من الجميع إعلانا عن الوحدة والتآخي. وكانت خاتمة العرض برقصة عاصمية قام بها راقصو وراقصات البالي، فكانت الراقصات يرتدين الكاراكو الخلاب، وفي وسط القاعة راقصة عروس بكاراكو أبيض، وترافق الرقصة موسيقى مستوحاة من تراثنا الشعبي وتتميز برقتها وعذوبتها، ومن ثم تدعو النساء، الرجال لمشاركتهن الرقصة تحت أنغام أغنية "فرحة وزهوة". هل انتهى العرض؟ لا، بل أبى الراقصون إلا أن يشاركوا الجمهور بفرحة تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم القادمة فرقصوا على وقع أنغام أغنية رياضية وغنوا أيضا رفقة الحضور تعبيرا منهم عن فرحتهم الكبيرة بهذا الإنجاز، بدون أن ننسى الأعلام الوطنية التي جال بها الراقصون فوق خشبة المسرح. وعلى هامش الحفل، يحتضن المسرح الوطني الجزائري، معرض صور حول البالي الوطني، وكذا دمى ترتدي لباس الرقص التقليدي المختلف، فجاءت الصور محملة بمسيرة البالي الوطني الطويلة والحافلة بالإنجازات والتي كانت بحق احد سفراء الفن الجزائري داخل وخارج الوطن. وضم هذا المعرض أيضا أفيشات عن انتاجات البالي، نذكر باليه عصري"الجدبة"، علاوة على صور قديمة عن عروض أخرى ومن بينها عرض"نحو النور" لمصطفى كاتب".