سيشرع قريبا في إعادة الاعتبار لموقع "تيديس" الأثري الذي كان مركزا متقدما للدفاع عن سيرتا القديمة العاصمة الشرقية لمملكة نوميديا وذلك في إطار مخطط يرمي إلى حمايته وتثمينه من إعداد مديرية الثقافة بالولاية· وسيودع هذا "المخطط لدى اللجنة المحلية للصفقات للموافقة عليه قبل الإعلان عن المناقصة التي سيمكن بموجبها اختيار الشريك الذي سيقوم بالدراسات الطبوغرافية والجيولوجية والتاريخية الضرورية بهدف إعداد خريطة شاملة للتهيئة والتطوير الحضري لهذا الموقع"حسب ما أفاد به السيد مصطفى نطور مدير الثقافة بولاية قسنطينة، وفي هذا السياق وعدت الولاية بغلاف مالي بقيمة 25 مليون دينار سيوجه لتغطية تكاليف أشغال إنجاز المشاريع التي ستسجل في ضوء الدراسات المرتقبة وذلك في غضون السنة الجارية" كما يضيف نفس المصدر· ومن جهته أشار السيد مهيرة مشاطي رئيس جمعية "تيديس" إلى أنّ ترميم وتصنيف موقع تيديس ضمن التراث العالمي يبقى الهدف الرئيسي لعلماء الآثار وأمل جميع السكان موضّحا بأنّ مساعدة السلطات العمومية بقسنطينة ترمي إلى تحقيق هذه الغاية والإسهام في تثمين هذا الموقع الأثري الذي لم تقم روما العظمى سوى بتهيئته وفق قواعدها العمرانية· وتدل الكتابات الليبيكية وعديد الرموز على أواني فخارية على الأصل البربري لهذا الموقع الأثري الجميل الأمر الذي "يبرّر أكثر تأهيله وحمايته ليكون جزءا من المواقع الأثرية الرائعة المتناثرة عبر التراب الوطني لتشهد عن تاريخ الجزائر القديم الذي يعود إلى ألفيات بكاملها" حسب ما علم من مديرية الثقافة· ويحتل هذا الموقع الذي سمي أيضا "كاستلوم تيديتا نوروم" التي تعني "الحصن القديم" موقعا حصينا يشبه بكثير سيرتا القديمة والذي لم يصنف معلما تاريخيا وطنيا إلا في عام 1992، ويتوفّر هذا الحصن الذي كان يضمن حماية الإقليم المجاور لعاصمة نوميديا القديمة على كل المقومات التي تسمح بجلب سياح من داخل وخارج الوطن وذلك على غرار تيمقاد بولاية باتنة أو جميلة بالقرب من سطيف· فالآثار الثمينة لكاستيلوم تيديتانوروم المتناثرة على 41 هكتارا تشكل بالنسبة للذي يحسن "القراءة" كتابا مفتوحا في الهواء الطلق يبرز حياة وعادات قرية بربرية تطورت منذ العهد النيوليتي (العصر الحجري الحديث أو عصر الحجر الصقول المتمثل في دولمانات وهو حجر كبير مسطح موضوع فوق عدد من الحجارة المنصوبة) وكذا آثار أخرى ما تزال موجودة إلى اليوم· وتوجد بهذا الموقع الأثري كذلك مغارات ومقابر وحفريات مستحجرة ما تزال شاهدة إلى الآن على عصر ما قبل التاريخ الذي كانت خلاله هذه المرجة الخضراء أرضا مضيافة وملجأ ومكانا محميا لضمان البقاء وسط محيط لا يرحم آنذاك· ونقلا عن أرشيف الولاية ذكر رئيس جمعية "تيديس" بأن آثار هذا الموقع كانت كلها تحت التراب قبل أن تكتشف على يد مختصين فرنسيين وبمساهمة من الجمعية الأثرية لمتحف غوستاف مرسيي وهو متحف سيرتا الوطني بقسنطينة حاليا، واستنادا لنفس المراجع فإنّ الحفريات الأولى الجادة تمت خلال العام 1941 تحت إشراف أندريه بارتييه الذي كان مختصا في علم الآثار ومديرا لنفس المتحف· وبعد أن أشاد بمبادرة السلطات العمومية لترميم وتثمين هذا الموقع الذي يعود إلى ألفيات بأكملها أوضح رئيس جمعية "تيديس" أن برنامجا يتضمن اقتراحات تقضي أساسا بتحسين ظروف الاستقبال والنزهة وبناء متحف وفندق صغير ومطعم مختص في الأطباق التقليدية المحلية للمنطقة قد تم تسليمه للأطراف المعنية· (واج)