أحيت مصالح أمن ولاية الجزائر أمس ذكرى عيد الاستقلال والشباب الثامنة والأربعين بتنظيم ندوة تاريخية بمقر الجمهرة الثامنة لوحدات الأمن بالقبة والتي نشطها الأستاذ المحاضر عميد الشرطة شوقي عبد الكريم صاحب دكتوراه في التاريخ وذلك بحضور قائد المجموعة الجهوية الثالثة ونائب مدير أمن ولاية الجزائر بالإضافة إلى عدد من المجاهدين وإطارات من امن الولاية. وقد أشار الدكتور شوقي عبد الكريم إلى المغزى العميق من الاحتفال السنوي بهذه الذكرى التي هي في الحقيقة اعتراف متجدد من أبناء الجزائر المستقلة بعظمة الثورة الجزائرية وتكريم أولئك الذين مازالوا على قيد الحياة من مجاهدين وأبناء الشهداء. وأوضح المحاضر أن الثورة التحريرية المباركة هي نموذج راق للثورات المعاصرة وهي تدرس بافتخار في اكبر جامعات العالم وهي بذلك اعتراف صريح بها من قبل الأعداء قبل الأصدقاء وهي التي أسقطت جمهورية بأكملها بعد تلك التي تسبب في سقوطها نابليون بونابرت ونابليون الثالث وهتلر قبل ان تسقط ثورة الجزائر الجمهورية الرابعة وتسببت في إسقاط سبع حكومات متتالية وجعلت فرنسا في وضع حرج جراء محاولاتها إنقاذ نفسها من الثورة التي تورطت فيها. وقد عملت الثورة على كسر جميع محاولات الاحتلال الصليبي الذي أرادت من خلاله فرنسا طمس ملامح الهوية المسلمة للشعب الجزائري فكانت كثيرا ما تقوم بهجمات ومعارك تحمل أسماء قديسات على غرار ''فرونيكا'' ''وفيوليتا'' تبركا بهن غير أن حكمة الثوار وإيمانهم وتشبعهم بالثقافة الإسلامية دفعهم إلى إطلاق تسميات لأبطال وقادة مسلمين كخالد بن الوليد وطارق بن زياد وعقبة بن نافع وذلك تخليدا لهم وتيمنا ببطولاتهم وهو ما يوحي بالروح الجهادية لدى الثوار الذين أرادوا استرجاع الأرض، الهوية والتاريخ. وعرج الدكتور في محاضرته التي شدت انتباه الحضور لما تضمنته من معلومات دقيقة وقيمة، على جميع المحاولات اليائسة للاستعمار للتمسك بالجزائر على غرار ديغول الذي استعمل عدة أوجه لمواجهة وكسر الثورة منها الوجه السياسي الذي ظهر من خلال العروض المغرية التي قدمها للجزائريين على غرار ''سلم الشجعان''، ''تقرير المصير''، ومصطلح ''الجزائر جزائرية'' التي فهمها الكثيرون على أنها هدية الاستقلال من ديغول ..أما الوجه العسكري فقد اتضح من خلال التعداد العسكري الهائل للجنود الفرنسيين الذي بلغ مليون جندي إلى جانب 250 ألف حركي حاول من خلالهم ديغول كسر الثوار وتوجيه ضربات موجعة للثورة بحكم اطلاعهم ومعرفتهم بتضاريس المناطق وخباياها ..فيما بدا الوجه الاجتماعي واضحا من خلال المشاريع التي تم الإعلان عنها كمشروع قسنطينة وبناء القرى. وتحدث عميد الشرطة شوقي عبد الكريم عن النجاحات التي حققتها الثورة التي تفادت سلبيات المقاومة من خلال تبنيها لمبدأ العمل الجماعي الذي سمح للثورة بالاستمرار رغم استشهاد أبرز القادة المؤسسين لها على عكس المقاومة التي تأثرت برحيل وفقدان أبطالها على غرار مقاومة الأمير عبد القادر، المقراني واحمد باي.