كشفت تقارير فرنسية أمس أن باريس قررت شطب الجزائر من قائمة الدول التي تشكل خطرا على أمنها بعدما اقتنعت بعدم صحة إجرائها، وينتظر أن يعلن الاليزيه عن هذا القرار في الأيام القليلة المقبلة استجابة للضغوط الجزائرية في هذا الشأن، كما تسجل هذه الخطوة في سياق التعبير عن نوايا جديدة في إعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية. ونقلت تقارير فرنسية أمس الثلاثاء عن مصادر دبلوماسية قولها إن الزيارة الأخيرة لأمين عام الرئاسة الفرنسية السيد كلود غيان إلى الجزائر ولقائه مع كبار المسؤولين الجزائريين وفي مقدمتهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ساهمت في بروز عدة مؤشرات لإنعاش العلاقات الثنائية وأنه انطلاقا من تلك الزيارة اتخذ الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي قرار شطب الجزائر من قائمة الدول التي تشكل خطرا على أمن باريس وهي القائمة التي وضعتها مصالح النقل الجوي الفرنسية في بداية العام الجاري تماما مثلما فعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية شهر ديسمبر بعد إحباط محاولة تفجير طائرة أمريكية متوجهة من مطار أمستردام بهولندا نحو مطار ديترويت بميشيغان، قبل أن تقوم بسحب الجزائر من تلك القائمة. وأشارت تلك التقارير إلى أن زيارة غيون إلى الجزائر كانت نقطة تحول كبيرة في العلاقات الثنائية وهو ما جعل الطرف الفرنسي يستجيب للطلب الجزائري فيما يخص سحبها (الجزائر) من قائمة الدول التي تشكل خطرا على أمن باريس. واحتجت الجزائر في حينها وبصفة رسمية لدى السلطات الفرنسية وقام وزير الخارجية السيد مراد مدلسي باستدعاء السفير الفرنسي بالجزائر السيد غزافييه دريانكور وأبلغه انزعاج الجزائر من ذلك القرار واعتبره تمييزيا ولا يستند إلى أية اعتبارات موضوعية. وقاد سفير الجزائر بباريس السيد ميسوم سبيح حملة لدى المسؤولين الفرنسيين وعقد أكثر من اجتماع معهم وكان من بين هؤلاء أمين عام الرئاسة السيد كلود غيان. وشدد خلال تلك المحادثات على ضرورة مراجعة القرار وأشار إلى أن إدراج الجزائر في تلك القائمة يعد إجراء مثيرا للاستغراب، وتساءل عن كيفية تصنيف الجزائر ضمن الدول التي تشكل خطرا على أمن باريس في وقت أعربت فيه السلطات الفرنسية عن ارتياحها لنوعية التعاون الثنائي في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب. ووجدت فرنسا نفسها في حرج كبير خاصة بعد أن تراجعت الإدارة الأمريكية عن تصنيفها للجزائر ضمن قائمتها، وأوضحت بريطانيا من جهتها بأنه ليس هناك أي مبرر لوضع الجزائر ضمن قائمة الدول الخطيرة. ولم تجد فرنسا من ''بوابة'' لإصلاح الخطأ سوى إيفاد أمين عام الإليزيه مرتين إلى الجزائر، كونه الشخصية التي تسير الملفات الدبلوماسية الثقيلة منها العلاقات بين البلدين. وذكرت التقارير الفرنسية التي أوردت أمس خبر قرار فرنسا سحب الجزائر من قائمة الدول التي تشكل خطرا على أمنها أن اللقاء الذي جمع الرئيس بوتفليقة بالسيد غيان في 20 جوان الماضي هو الذي ساهم في دفع فرنسا إلى التراجع عن قرارها ''والتكفير عن ذنبها''. ومن جهة أخرى رجحت تلك المصادر أن تعرف العلاقات الثنائية في الأسابيع المقبلة انتعاشا في إشارة واضحة إلى أن فرنسا اقتنعت أخيرا بضرورة التعامل مع الجزائر الند للند وفي إطار تقاسم المصالح، وما يؤكد هذه التوقعات هي التصريحات الأخيرة لوزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم الذي نفى وجود أزمة بين البلدين، وأوضح أن العلاقات الثنائية عادية جدا رغم أن الجزائر تطمح إلى أن تكون متميزة. وعرفت العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس تحولا بعد الزيارة التي قام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى مدينة نيس الفرنسية، حيث شارك في أشغال قمة فرنسا- إفريقيا استجابة لدعوة وجهها له نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي. ورحب الطرف الفرنسي بتلك الزيارة واعتبرها رسالة واضحة من الجزائر قصد تعزيز التعاون الثنائي وتجاوز الخلافات.